20 أكتوبر 2024
فرصة للجيل اللبناني الشاب
فاقمت فصول المهزلة من المأساة – الملهاة لقضية تلفيق جهاز استخباراتي لبناني رسمي تهمة العمالة لإسرائيل للممثل المسرحي زياد عيتاني من الإحساس باليأس والإحباط لدى المواطنين اللبنانيين، زادت من شعورهم بأنهم يعيشون في ظل دولة فاشلة تتحكم بحياتهم، وأن أجهزتهم الرسمية غير جديرة بالثقة، وتحت رحمة أجهزة حزبية وأبواق إعلامية، مهمتها الترهيب والتخويف وإسكات الأصوات المعارضة، وترويج الأخبار الملفقة (fake News) التي تتحول، بسرعة البرق، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى اتهامات شعواء، وحملات تضليل جماهيري، ضحيتها الكبرى هي الحقيقة. ولبنان بلد لا يوجد فيه حقيقة واحدة، بل كل حدث هو موضوع تأويلاتٍ وتفسيرات متعارضة، ومن أبرز الأدلة على ذلك عدم اتفاق المؤرخين اللبنانيين حتى الآن على رواية موحدة لأسباب اندلاع الحرب الأهلية في لبنان سنة 1975.
عدم الشفافية في عمل الأجهزة الرسمية، ووضع مؤسسات الدولة في خدمة بعض الجهات المهيمنة، بدلاً من خدمة المواطن العادي، والتشكيك المتزايد في نزاهة جهاز القضاء، يلقي ذلك كله بظلاله القاتمة على التحضيرات التي تجري على قدم وساق للانتخابات النيابية التي ستجري للمرة الأولى منذ 2009، بعد تمديد ولاية المجلس النيابي اللبناني ثلاث مرات متعاقبة، لتعذر التوصل إلى توافق لبناني على قانون انتخابي جديد، يحقق العدالة في التمثيل النيابي لجميع الطوائف.
يتساءل المواطن اللبناني اليوم إذا كانت مؤسسات الدولة لا تتردد عن تلفيق تهم باطلة لمواطنين أبرياء، واذا كان بعض الجهاز القضائي يغطي تجاوزات هذه الأجهزة، بدلاً من أن يراقب عملها ويحاسبها، وإذا كان المسؤولون السياسيون الحاليون يعرفون ما يجري، ويغضون النظر خشيةً على مقاعدهم، أو أنهم لا يعرفون وتلك مصيبة أكبر، كيف له أن يثق بعد اليوم بأن العملية الانتخابية ستجري بنزاهةٍ ومن دون تزوير؟
لقد جرى تفصيل النظام الانتخابي النسبي الجديد على قياس الأحزاب المسيطرة والحاكمة حالياً، ووفق توزعاتها المناطقية والطائفية. ومن المتوقع أن تنشأ تحالفاتٌ بين القوى السياسية الأساسية تشكل نوعاً من "محدلةٍ" ستحول دون نجاح مرشحين مستقلين من الجيل الشاب الجديد.
على الرغم من الإنجازات الأمنية التي حققتها الدولة اللبنانية في مجال محاربة الإرهاب
الجهادي، واقتلاعه من جرود منطقة الهرمل، فإنها فشلت فشلاً ذريعاً على الصعيدين، الاجتماعي والحياتي، فقد أخفقت في تحسين الظروف المعيشية الصعبة للبنانيين، وفي إيجاد فرص عمل للشباب اللبناني المتعلم الذي يضطر إلى الهجرة إلى الخارج بحثاً عن وظيفة، كما عجزت عن معالجة انعكاسات الحرب الأهلية السورية على لبنان، وخصوصاً مشكلة اللجوء، وقمعت بعنف حركات الاحتجاج الشعبي التي خرجت، في السنوات الأخيرة، إلى الشارع، للاحتجاج على الفساد والإهمال الحكومي، وعملت على كمّ أفواه المعارضة، وشلت القدرة على النقد السياسي البناء.
لكن على الرغم من الشعور باليأس والإحباط اللذين يشعر بهما المواطن اللبناني حيال إمكانية تحول الانتخابات النيابية إلى عملية محاسبة حقيقية للأحزاب الحاكمة، وبالتالي بروز زعامة سياسية جديدة، برزت أخيرا مؤشراتٌ تبعث على القليل من الأمل، فقد شهدت الانتخابات الحالية إقبالاً غير مسبوق على الترشح بين أوساط الشباب والنساء أيضاً. وشكل ترشّح النساء في هذه الدورة ظاهرةً مشجعة وجديدة من نوعها. ففي الماضي، انحصر ترشح المرأة على النساء اللواتي على صلة قرابة بالمسؤولين السياسيين، مثل الزوجة والعمة والابنة. لكن هذه المرة برزت وجوه نسائية جديدة مستقلة جريئة، تنتمي إلى الطبقات المثقفة وعالم الأعمال والمجتمع المدني. بيد أن الخوف الأكبر ألا تحقق هذه الخطوة الجريئة هدفها، إذا لم تنجح هؤلاء المرشحات في الانضمام إلى لوائح قوية تضمن لها الفوز، سيما أن الدولة اللبنانية لم تقرّ حتى الآن قانوناً يفرض كوتا نسائية في المجلس النيابي، ويضمن حق التمثيل العادل للنساء في لبنان اللواتي يمثلن نصف عدد سكانه البالغ خمسة ملايين تقريباً. لم يتخط تمثيل المرأة في البرلمان الحالي نسبة 3%، بينما نجد حضوراً أكبر بكثير للمرأة في بعض البرلمانات العربية التي تطبق الكوتا النسائية، مثل البرلمانين، الليبي والفلسطيني.
قلما تكون الانتخابات البرلمانية، في مجتمعاتنا العربية، أداةً لمحاسبة الطبقة السياسية الحاكمة وسبيلاً للتغيير، كما يجري في المجتمعات الغربية. لكن الانتخابات البرلمانية المقبلة في لبنان قد تكون فرصةً لكي يقول الجيل الشاب كلمته، ويرسم صورة جديدة لمستقبل الحياة السياسية في هذا البلد.
عدم الشفافية في عمل الأجهزة الرسمية، ووضع مؤسسات الدولة في خدمة بعض الجهات المهيمنة، بدلاً من خدمة المواطن العادي، والتشكيك المتزايد في نزاهة جهاز القضاء، يلقي ذلك كله بظلاله القاتمة على التحضيرات التي تجري على قدم وساق للانتخابات النيابية التي ستجري للمرة الأولى منذ 2009، بعد تمديد ولاية المجلس النيابي اللبناني ثلاث مرات متعاقبة، لتعذر التوصل إلى توافق لبناني على قانون انتخابي جديد، يحقق العدالة في التمثيل النيابي لجميع الطوائف.
يتساءل المواطن اللبناني اليوم إذا كانت مؤسسات الدولة لا تتردد عن تلفيق تهم باطلة لمواطنين أبرياء، واذا كان بعض الجهاز القضائي يغطي تجاوزات هذه الأجهزة، بدلاً من أن يراقب عملها ويحاسبها، وإذا كان المسؤولون السياسيون الحاليون يعرفون ما يجري، ويغضون النظر خشيةً على مقاعدهم، أو أنهم لا يعرفون وتلك مصيبة أكبر، كيف له أن يثق بعد اليوم بأن العملية الانتخابية ستجري بنزاهةٍ ومن دون تزوير؟
لقد جرى تفصيل النظام الانتخابي النسبي الجديد على قياس الأحزاب المسيطرة والحاكمة حالياً، ووفق توزعاتها المناطقية والطائفية. ومن المتوقع أن تنشأ تحالفاتٌ بين القوى السياسية الأساسية تشكل نوعاً من "محدلةٍ" ستحول دون نجاح مرشحين مستقلين من الجيل الشاب الجديد.
على الرغم من الإنجازات الأمنية التي حققتها الدولة اللبنانية في مجال محاربة الإرهاب
لكن على الرغم من الشعور باليأس والإحباط اللذين يشعر بهما المواطن اللبناني حيال إمكانية تحول الانتخابات النيابية إلى عملية محاسبة حقيقية للأحزاب الحاكمة، وبالتالي بروز زعامة سياسية جديدة، برزت أخيرا مؤشراتٌ تبعث على القليل من الأمل، فقد شهدت الانتخابات الحالية إقبالاً غير مسبوق على الترشح بين أوساط الشباب والنساء أيضاً. وشكل ترشّح النساء في هذه الدورة ظاهرةً مشجعة وجديدة من نوعها. ففي الماضي، انحصر ترشح المرأة على النساء اللواتي على صلة قرابة بالمسؤولين السياسيين، مثل الزوجة والعمة والابنة. لكن هذه المرة برزت وجوه نسائية جديدة مستقلة جريئة، تنتمي إلى الطبقات المثقفة وعالم الأعمال والمجتمع المدني. بيد أن الخوف الأكبر ألا تحقق هذه الخطوة الجريئة هدفها، إذا لم تنجح هؤلاء المرشحات في الانضمام إلى لوائح قوية تضمن لها الفوز، سيما أن الدولة اللبنانية لم تقرّ حتى الآن قانوناً يفرض كوتا نسائية في المجلس النيابي، ويضمن حق التمثيل العادل للنساء في لبنان اللواتي يمثلن نصف عدد سكانه البالغ خمسة ملايين تقريباً. لم يتخط تمثيل المرأة في البرلمان الحالي نسبة 3%، بينما نجد حضوراً أكبر بكثير للمرأة في بعض البرلمانات العربية التي تطبق الكوتا النسائية، مثل البرلمانين، الليبي والفلسطيني.
قلما تكون الانتخابات البرلمانية، في مجتمعاتنا العربية، أداةً لمحاسبة الطبقة السياسية الحاكمة وسبيلاً للتغيير، كما يجري في المجتمعات الغربية. لكن الانتخابات البرلمانية المقبلة في لبنان قد تكون فرصةً لكي يقول الجيل الشاب كلمته، ويرسم صورة جديدة لمستقبل الحياة السياسية في هذا البلد.
مقالات أخرى
06 أكتوبر 2024
21 سبتمبر 2024
06 سبتمبر 2024