06 نوفمبر 2024
معنى العودة فلسطينيًا
من الأمور المثبتة، وقائعيًا، استنادًا إلى جولات المحادثات الإسرائيلية - الفلسطينية على مدار ربع قرن، أن هناك بعض التباين في مواقف أحزاب دولة الاحتلال بشأن مسألتي الحدود الدائمة ومدينة القدس، في حين أن هناك إجماعًا على رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم الذي هجّروا عنه عنوة، تطبيقًا لحقّ العودة، وذلك بموازاة إجماع على أنّ "الحلّ الأوحد" لقضية هؤلاء اللاجئين هو التوطين. وهو إجماع عابر لأغلبية الأحزاب والحركات السياسية. وإذا ما تركزنا بالطرف "اليساريّ" من الخريطة السياسية الإسرائيلية، لا بُدّ من استعادة، مثلًا، موقف رئيس مركز بيريس للسلام، أوري سافير الذي سبق أن تولى رئاسة الوفد الإسرائيلي خلال مفاوضات أوسلو ومنصب المدير العام لوزارة الخارجية، حين كتب، في إثر مؤتمر أنابوليس (نوفمبر/ تشرين الثاني 2007)، مقالة شدّد، في سياقها، على أنّ الإسرائيليين باتوا يعرفون، في ذلك الوقت، عمليًا، ملامح الاتفاق الدائم. ولفت إلى أنّ حلّ قضية اللاجئين يمكن أن يتمّ بواسطة عودة قسم منهم إلى دولة فلسطينية، قال إنّ حدودها الدائمة ستقرّ على أساس خطوط 1967 مع تعديلاتٍ متبادلة، وتعويض القسم الآخر منهم، وتوطينه في دول متعدّدة بحسب قوانين كل دولة، "وهو ما سيخوّلنا أن نمارس حق النقض ضد دخول سكان فلسطينيين إلى إسرائيل"، على حدّ تعبيره.
قبل سافير نشر بيني ألون، أحد وزراء حزب المفدال (صهيوني - ديني)، ما أسميت "المبادرة الإسرائيلية"، ووصفها بأنها "خطة للسلام وتأهيل اللاجئين الفلسطينيين"، وبموجبها يتوجب بدء تأهيل كهذا بتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وبلورة خطة تعويض لكل اللاجئين الفلسطينيين، بغية تمكينهم من التحوّل إلى مواطنين في دول مستعدة لاستيعابهم والبدء بحياة جديدة.
ومع أنّ ما تعرف باسم "قضية اليهود العرب" تنطوي على بُعد مُهم، يتعلق بخفايا هيكلة الذاكرة القومية الإسرائيلية وصراعات الهوية اليهودية في دولة الاحتلال، فإنه يجري تجييشها لمصلحة تزكية حلّ التوطين. ومن ذلك أنّ ألبرت بابوشدو، رئيس الغرفة التجارية والصناعية الإسرائيلية - المصرية، وهو يهوديّ من أصل مصريّ، كتب مرة أنّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وجدت حلًا عمليًا لها منذ نشوئها. وأوضح: على الرغم من أن 700 ألف لاجئ فلسطيني اضطروا إلى مغادرة بيوتهم في 1948، وهذا لا خلاف عليه، فإننا نميل إلى أن ننسى ونقلّل من أهمية حادثة تاريخية أخرى لا تقل رُعبًا، وهي أنه في تلك الفترة اضطر 1.5 مليون يهودي من الدول العربية إلى مغادرة بيوتهم. وأنا من هؤلاء اللاجئين، وأحببت بيتي في مصر لا أقل مما أحبّ اللاجئ الفلسطيني بيته في يافا. وحُلّت المشكلة من خلال تبادل السكان والمعاناة، فاللاجئون الفلسطينيون عانوا الأمرين، ونحن عانينا، وحان الوقت لإغلاق ملف الماضي والنظر نحو المستقبل".
وفي رأيه، لا تجوز إعادة العجلة إلى الوراء، أي لا ينبغي إعادة اللاجئين إلى أماكنهم، وإحداث مشكلات جديدة أكبر من القديمة بكثير. و"يجب أن يبقى اللاجئون اليهود والفلسطينيون في أماكن إقامتهم، لكن ينبغي دفع تعويضات لهم، وتمكينهم من فتح صفحة جديدة في حياتهم، ونسيان أوجاع الماضي".
لعلّ الأمر الأهم من كل التفصيلات الواردة أعلاه هو الدلالة الكامنة فيها، والتي من شأنها أن تحيل إلى حقيقة أن جميع الدعوات والمبادرات والذرائع بشأن التوطين مشدودةٌ برباط وثيق إلى جذر أساسي واحد، هو رفض حق العودة.
وسبق ليوسي بيلين، وهو أحد أبرز مهندسي "أوسلو"، أن ألّح في عام 2002 على أن تنتقل المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين من التمحور حول حق العودة إلى التمحور حول "مشكلة اللاجئين". وغير خافٍ أن الهدف من مطالبته هذه سياسيّ أولاً وقبل أي شيء، ويعكس الإصرار الإسرائيلي على رفض الاعتراف بأن للفلسطينيين حقًا في وطنهم الذي اغتصب، وما يزال يغتصب.
كما أن في هذه التفصيلات ما يبرّر إطلاق مسيرات العودة ضمن احتجاجات الذكرى السبعين للنكبة، والتي تعيد إلى العودة معناها التاريخي، قبل القومي.
قبل سافير نشر بيني ألون، أحد وزراء حزب المفدال (صهيوني - ديني)، ما أسميت "المبادرة الإسرائيلية"، ووصفها بأنها "خطة للسلام وتأهيل اللاجئين الفلسطينيين"، وبموجبها يتوجب بدء تأهيل كهذا بتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وبلورة خطة تعويض لكل اللاجئين الفلسطينيين، بغية تمكينهم من التحوّل إلى مواطنين في دول مستعدة لاستيعابهم والبدء بحياة جديدة.
ومع أنّ ما تعرف باسم "قضية اليهود العرب" تنطوي على بُعد مُهم، يتعلق بخفايا هيكلة الذاكرة القومية الإسرائيلية وصراعات الهوية اليهودية في دولة الاحتلال، فإنه يجري تجييشها لمصلحة تزكية حلّ التوطين. ومن ذلك أنّ ألبرت بابوشدو، رئيس الغرفة التجارية والصناعية الإسرائيلية - المصرية، وهو يهوديّ من أصل مصريّ، كتب مرة أنّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وجدت حلًا عمليًا لها منذ نشوئها. وأوضح: على الرغم من أن 700 ألف لاجئ فلسطيني اضطروا إلى مغادرة بيوتهم في 1948، وهذا لا خلاف عليه، فإننا نميل إلى أن ننسى ونقلّل من أهمية حادثة تاريخية أخرى لا تقل رُعبًا، وهي أنه في تلك الفترة اضطر 1.5 مليون يهودي من الدول العربية إلى مغادرة بيوتهم. وأنا من هؤلاء اللاجئين، وأحببت بيتي في مصر لا أقل مما أحبّ اللاجئ الفلسطيني بيته في يافا. وحُلّت المشكلة من خلال تبادل السكان والمعاناة، فاللاجئون الفلسطينيون عانوا الأمرين، ونحن عانينا، وحان الوقت لإغلاق ملف الماضي والنظر نحو المستقبل".
وفي رأيه، لا تجوز إعادة العجلة إلى الوراء، أي لا ينبغي إعادة اللاجئين إلى أماكنهم، وإحداث مشكلات جديدة أكبر من القديمة بكثير. و"يجب أن يبقى اللاجئون اليهود والفلسطينيون في أماكن إقامتهم، لكن ينبغي دفع تعويضات لهم، وتمكينهم من فتح صفحة جديدة في حياتهم، ونسيان أوجاع الماضي".
لعلّ الأمر الأهم من كل التفصيلات الواردة أعلاه هو الدلالة الكامنة فيها، والتي من شأنها أن تحيل إلى حقيقة أن جميع الدعوات والمبادرات والذرائع بشأن التوطين مشدودةٌ برباط وثيق إلى جذر أساسي واحد، هو رفض حق العودة.
وسبق ليوسي بيلين، وهو أحد أبرز مهندسي "أوسلو"، أن ألّح في عام 2002 على أن تنتقل المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين من التمحور حول حق العودة إلى التمحور حول "مشكلة اللاجئين". وغير خافٍ أن الهدف من مطالبته هذه سياسيّ أولاً وقبل أي شيء، ويعكس الإصرار الإسرائيلي على رفض الاعتراف بأن للفلسطينيين حقًا في وطنهم الذي اغتصب، وما يزال يغتصب.
كما أن في هذه التفصيلات ما يبرّر إطلاق مسيرات العودة ضمن احتجاجات الذكرى السبعين للنكبة، والتي تعيد إلى العودة معناها التاريخي، قبل القومي.