03 مارس 2022
حصار قطر.. الصدمة والفجيعة
عام كامل مرَّ منذ فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصاراً شاملاً على دولة قطر. وإن كانت دول الحصار قد خطّطت لتفجير الأزمة تحت جنح الظلام فجر 24 أيار/ مايو 2017 بأسلوب "الترويع والصدمة" الأميركي، لترويع قطر وإرباك دوائر الحكم في الدوحة، فإن قطر تمكنت من امتصاص "الهجوم المباغت" بهدوءٍ ظل السمة الأبرز في الأداء القطري على مختلف مستوياته.
وبالنظر إلى الإدارة القطرية للأزمة خلال الـ365 يوماً الماضية، يُمكن التقدير أن دوائر صنع القرار في الدوحة استوعبت الأزمة بسرعة وسلاسة، وتمكّنت من احتواء تداعياتها بهدوء وتروٍّ؛ يمكن تفسيرهما بانتفاء عنصر المفاجأة؛ إذ كانت الدوحة تتوقع انفجار أزمةٍ ما في الإقليم، سواء كانت طرفًا فيه أم لم تكن. واستندت التوقعات القطرية إلى مجموعة حقائق جيوسياسية وتاريخية راهنة، كانت ماثلةً أمام صانع القرار في الدوحة. أول هذه الحقائق أن دولة قطر الصغيرة جغرافياً وديموغرافياً تعي أن الجغرافيا الطبيعية فرضت عليها خياراتٍ سياسيةً قاسية التضاريس ومعقدة المناخ. ولم تتجاهل قطر يوماً أن موقعها بين مطرقة إيران، زعيمة الإسلام الشيعي، وسندان السعودية، "زعيمة" الإسلام السنّي، يفرض عليها السير على حبل مشدود، يتهدّده تصاعد الصراع السعودي – الإيراني على الجغرافيا، واتساع نطاق التنافس بينهما على النفوذ.
وتتجلى الحقيقة الثانية في معرفة قطر المُسبقة بتاريخ الإقليم المائج بالصراعات الجيوسياسية، منذ ما قبل حرب الجهراء بين الكويت وآل سعود عام 1920، وصولاً إلى الخلاف السعودي الراهن مع الكويت على حقلي نفط الدرة البحري والخفجي البري، مروراً بتاريخٍ حافل بالخلافات الحدودية، وصل إلى ذروته في الاحتلال الإيراني لثلاث جزر إماراتية عام 1971، والاحتلال العراقي للكويت عام 1990، كما كانت لقطر تجربة مريرة من الصراع الحدودي مع السعودية، وصل إلى صدام مسلح عام 1992، بعد سيطرة السعودية على منطقة الخفوس الحدودية.
ثم إن ما يصفها القطريون بمحاولة الانقلاب طبعة 2017، لم تُفاجئ الدوحة التي كانت تعلم أن دولاً في الخليج، منها السعودية، وأخرى عربية، منها مصر، لم تكن تنظر بعين القبول للتغيرات السياسية التي حدثت في قطر منذ عام 1995، عندما تولى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم. وقد كشفت الحكومة القطرية بالوثائق أن أفراداً، دعمتهم السعودية والإمارات والبحرين، تورّطوا بتنفيذ المحاولة الانقلابية عام 1996. كما اتهمت الدوحة الرياض بتدبير محاولة انقلاب أخرى عام 2005. ووصلت الأزمة بين الرياض والدوحة إلى حد القطيعة عام 2014؛ عندما اتهمت السعودية والبحرين والإمارات قطر بالتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول.
ولم تُفاجَأ قطر بالأزمة الراهنة مع جيرانها الخليجيين كذلك؛ لأنها كانت ترى وتلمس على الدوام عدم الارتياح الخليجي والمصري لتمدّد الدور القطري في الإقليم والعالم. وكانت الإشارات الصادرة عن عواصم عربية توحي بعدم الرضا عن نفوذ الدوحة الذي صار يفوق حجميها الجغرافي والديموغرافي، وقد ارتفع منسوب غضب هؤلاء من الدور القطري، مع اندلاع الربيع العربي في أكثر من بلد عربي.
لا يعني غياب عنصر المفاجأة أن قطر لم تُصدم بما جرى فجر 24 مايو/ أيار 2017، ولا سيما أن مهندسي الأزمة اختاروا تفجيرها بعد أيام قليلة من قمة الرياض التي جمعت زعماء خمسين دولة عربية وإسلامية، منهم أمير قطر، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكان شعارها التنسيق لمواجهة الفكر المتطرّف والإرهاب في المنطقة. كما أن شرارة الأزمة التي انطلقت مع اختراق الموقع الرسمي لوكالة الأنباء القطرية، وتلفيق تصريحاتٍ على لسان أمير قطر، جاءت بعد زيارة الملك سلمان للدوحة نهاية العام 2016، وما تلا ذلك من تبادلٍ للود بين العاصمتين.
بعد مرور عام منذ اندلاع أزمةٍ لم تُفاجئ قطر، تخطت الدوحة مرحلة الصدمة، مع تجرّع مرارة الفجيعة بـ"أشقاء" يصرّون على إغلاق أبواب الحوار، والمضي في حصارهم الجائر.
وبالنظر إلى الإدارة القطرية للأزمة خلال الـ365 يوماً الماضية، يُمكن التقدير أن دوائر صنع القرار في الدوحة استوعبت الأزمة بسرعة وسلاسة، وتمكّنت من احتواء تداعياتها بهدوء وتروٍّ؛ يمكن تفسيرهما بانتفاء عنصر المفاجأة؛ إذ كانت الدوحة تتوقع انفجار أزمةٍ ما في الإقليم، سواء كانت طرفًا فيه أم لم تكن. واستندت التوقعات القطرية إلى مجموعة حقائق جيوسياسية وتاريخية راهنة، كانت ماثلةً أمام صانع القرار في الدوحة. أول هذه الحقائق أن دولة قطر الصغيرة جغرافياً وديموغرافياً تعي أن الجغرافيا الطبيعية فرضت عليها خياراتٍ سياسيةً قاسية التضاريس ومعقدة المناخ. ولم تتجاهل قطر يوماً أن موقعها بين مطرقة إيران، زعيمة الإسلام الشيعي، وسندان السعودية، "زعيمة" الإسلام السنّي، يفرض عليها السير على حبل مشدود، يتهدّده تصاعد الصراع السعودي – الإيراني على الجغرافيا، واتساع نطاق التنافس بينهما على النفوذ.
وتتجلى الحقيقة الثانية في معرفة قطر المُسبقة بتاريخ الإقليم المائج بالصراعات الجيوسياسية، منذ ما قبل حرب الجهراء بين الكويت وآل سعود عام 1920، وصولاً إلى الخلاف السعودي الراهن مع الكويت على حقلي نفط الدرة البحري والخفجي البري، مروراً بتاريخٍ حافل بالخلافات الحدودية، وصل إلى ذروته في الاحتلال الإيراني لثلاث جزر إماراتية عام 1971، والاحتلال العراقي للكويت عام 1990، كما كانت لقطر تجربة مريرة من الصراع الحدودي مع السعودية، وصل إلى صدام مسلح عام 1992، بعد سيطرة السعودية على منطقة الخفوس الحدودية.
ثم إن ما يصفها القطريون بمحاولة الانقلاب طبعة 2017، لم تُفاجئ الدوحة التي كانت تعلم أن دولاً في الخليج، منها السعودية، وأخرى عربية، منها مصر، لم تكن تنظر بعين القبول للتغيرات السياسية التي حدثت في قطر منذ عام 1995، عندما تولى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم. وقد كشفت الحكومة القطرية بالوثائق أن أفراداً، دعمتهم السعودية والإمارات والبحرين، تورّطوا بتنفيذ المحاولة الانقلابية عام 1996. كما اتهمت الدوحة الرياض بتدبير محاولة انقلاب أخرى عام 2005. ووصلت الأزمة بين الرياض والدوحة إلى حد القطيعة عام 2014؛ عندما اتهمت السعودية والبحرين والإمارات قطر بالتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول.
ولم تُفاجَأ قطر بالأزمة الراهنة مع جيرانها الخليجيين كذلك؛ لأنها كانت ترى وتلمس على الدوام عدم الارتياح الخليجي والمصري لتمدّد الدور القطري في الإقليم والعالم. وكانت الإشارات الصادرة عن عواصم عربية توحي بعدم الرضا عن نفوذ الدوحة الذي صار يفوق حجميها الجغرافي والديموغرافي، وقد ارتفع منسوب غضب هؤلاء من الدور القطري، مع اندلاع الربيع العربي في أكثر من بلد عربي.
لا يعني غياب عنصر المفاجأة أن قطر لم تُصدم بما جرى فجر 24 مايو/ أيار 2017، ولا سيما أن مهندسي الأزمة اختاروا تفجيرها بعد أيام قليلة من قمة الرياض التي جمعت زعماء خمسين دولة عربية وإسلامية، منهم أمير قطر، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكان شعارها التنسيق لمواجهة الفكر المتطرّف والإرهاب في المنطقة. كما أن شرارة الأزمة التي انطلقت مع اختراق الموقع الرسمي لوكالة الأنباء القطرية، وتلفيق تصريحاتٍ على لسان أمير قطر، جاءت بعد زيارة الملك سلمان للدوحة نهاية العام 2016، وما تلا ذلك من تبادلٍ للود بين العاصمتين.
بعد مرور عام منذ اندلاع أزمةٍ لم تُفاجئ قطر، تخطت الدوحة مرحلة الصدمة، مع تجرّع مرارة الفجيعة بـ"أشقاء" يصرّون على إغلاق أبواب الحوار، والمضي في حصارهم الجائر.