18 أكتوبر 2024
لعنة لجوء السوريين في لبنان
عاد ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة، من بوابة موقف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، حيث اتخذ إجراءات ضد مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، على خلفية ما قال إنه تدخّل المفوضية لإقناع اللاجئين السوريين بعدم العودة إلى المناطق التي يعتبرها باتت آمنة في بلدهم. وكشف هذا الموقف الجديد القديم للوزير، مجدّدا، حجم ما يكنّه بعض اللبنانيين من مشاعر دفينة قد ترقى إلى العنصرية، فضلاً عن الموقف السياسي بدعم النظام، بغض النظر عن ارتكاباته بحق مواطنيه. كما كشف، مرّة أخرى، حجم التباين والخلاف داخل لبنان، على المستويات، الرسمي والسياسي والشعبي، حيال قضية اللاجئين، مع وجود نقطة تقاطع بين الجميع تقريباً على ضرورة عدم توطين اللاجئين في لبنان، ومدى العبء الكبير الذي يتحمّله لبنان تجاههم في ظل أزمته الاقتصادية والحياتية. وقد أكدت مواقف بعض القوى رفضها موقف باسيل، واعتبرته شخصياً، وهو ما عبّر عنه وزير شؤون النازحين، معين المعربي، الذي ذهب إلى حد الطلب من الأمم المتحدة فرض عقوبات على باسيل، واتهمه بنوع من الانفصام، كما عبّر عنه مستشار رئيس الحكومة، سعد الحريري، الذي قال إن موقف باسيل لا يعكس موقف الحكومة اللبنانية. كما شنّ بعض زملاء باسيل في الحكومة هجوماً عليه على خلفية الإجراءات التي اتخذها بحق مفوضية اللاجئين في وزارة الخارجية، بعرقلة تجديد إقاماتهم في لبنان، وخصوصا هجوم وزير التربية مروان حمادة.
ليس موقف الوزير باسيل جديداً، ولن يكون الأخير، فهذه نظرته هو وحزبه (التيار الوطني الحر) إلى مسألة اللجوء السوري منذ اليوم الأول لوصول دفعات لاجئين إلى لبنان، وقد رفض الوزير وحزبه في حينه إقامة مخيمات لهم على الحدود، بإدارة الأجهزة الأمنية اللبنانية وإشرافها، متذرّعين في حينه، بالخوف من تحوّل تلك المخيمات إلى معسكرات للجيش السوري الحر، فكانت النتيجة تسرّب مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى الداخل اللبناني، والإقامة في مناطق مختلفة ومتفرقة، ومن دون ضوابط، ثم جاء اليوم الذي بدأ الحديث فيه عن عبء اللجوء السوري على لبنان، وعلى بنيته التحتية، وعن كونه عنصرا منافسا في مجالات الحياة المختلفة. وهي المشكلة التي تسببت بها مواقف القوى السياسية التي رفضت في حينه إقامة مخيمات اللجوء عند الحدود.
جعل هذا الواقع أطرافا سياسية، تتناول مسألة اللجوء السوري إلى لبنان من زاوية غير إنسانية، بل من زاوية المصلحة السياسية والانتخابية، فتمّ شن الحملات الإعلامية على اللجوء السوري عند كل استحقاق انتخابي أو غير انتخابي. وراحت وسائل إعلامية ومواقف سياسية تسوّق مسألة إرهاق اللجوء السوري كاهل المواطن اللبناني، ثم راحت تطلق صيحات التخويف من مسألة توطين السوريين في لبنان، مقدمة لاتخاذ إجراءات قاسية وصعبة بحق اللاجئين، منها فرض مبالغ كبيرة على الإقامات، ومنعهم من العمل، وعدم السماح لأي منهم بالعودة إلى لبنان في حال مغادرته لأي سبب، فضلاً عن الملاحقات الأمنية، وفبركة الاتهامات والتضييق عليهم في مختلف المجالات والميادين، للضغط عليهم للعودة إلى المناطق التي تخضع لسيطرة النظام في سورية، على الرغم من وجود مخاطر تحدق بكثيرين منهم.
عاش اللاجئون السوريون تحدّيات كثيرة في لبنان، وهم باتوا عرضة لضغوط مباشرة وغير مباشرة كثيرة لدفعهم للعودة، وبعضها يهدف إلى إجبارهم على عقد "مصالحات" مع النظام، كجزء من التسليم بانتصاره وهزيمة المعارضة، لأن أغلب اللاجئين السوريين في لبنان محسوبون، بإرادتهم أو من دون إرادتهم، على المعارضة. وهكذا ينتقل هؤلاء الناس في لبنان من تحدّ إلى آخر، وهكذا تعود لعنة اللجوء تطاردهم في ظل صمت من المجتمع الدولي حيال ما يجري بحقهم، وصولاً إلى تجرؤ وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، على مواجهة مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، واتخاذ إجراءاتٍ بحق أفرادها، وليس فقط اتخاذ إجراءات بحق اللاجئين، وإذا ظهرت هذه المفوضية عاجزةً عن حماية أفرادها، فكيف بها ستكون قادرةً على توفير الحماية للاجئين؟ وإذا كان هذا اللاجئ عرضة لكل هذه الإجراءات في بلد اللجوء المفترض أن يؤمّن له الحد الأدنى من الحقوق المشروعة، فكيف سيكون مصيره أمام نظام يتوعده ويعتبره خائناً وخارقاً للقوانين؟
مؤسفٌ أن حالة الانقسام التي يعيشها لبنان، وحجم التنازلات التي قدّمها الفريق الذي كان يعلن نفسه متضامناً وحامياً لحقوق اللاجئين، تركتهم من دون سند حقيقي، ولذلك هم اليوم يواجهون تحدّياً جديداً قد يشكّل خطراً فعلياً محدقاً على حياتهم وأمنهم، إذا ما استمرت الإجراءات التي تهدف إلى إعادتهم كرهاً إلى حيث فرّوا من الموت المحتوم.
ليس موقف الوزير باسيل جديداً، ولن يكون الأخير، فهذه نظرته هو وحزبه (التيار الوطني الحر) إلى مسألة اللجوء السوري منذ اليوم الأول لوصول دفعات لاجئين إلى لبنان، وقد رفض الوزير وحزبه في حينه إقامة مخيمات لهم على الحدود، بإدارة الأجهزة الأمنية اللبنانية وإشرافها، متذرّعين في حينه، بالخوف من تحوّل تلك المخيمات إلى معسكرات للجيش السوري الحر، فكانت النتيجة تسرّب مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى الداخل اللبناني، والإقامة في مناطق مختلفة ومتفرقة، ومن دون ضوابط، ثم جاء اليوم الذي بدأ الحديث فيه عن عبء اللجوء السوري على لبنان، وعلى بنيته التحتية، وعن كونه عنصرا منافسا في مجالات الحياة المختلفة. وهي المشكلة التي تسببت بها مواقف القوى السياسية التي رفضت في حينه إقامة مخيمات اللجوء عند الحدود.
جعل هذا الواقع أطرافا سياسية، تتناول مسألة اللجوء السوري إلى لبنان من زاوية غير إنسانية، بل من زاوية المصلحة السياسية والانتخابية، فتمّ شن الحملات الإعلامية على اللجوء السوري عند كل استحقاق انتخابي أو غير انتخابي. وراحت وسائل إعلامية ومواقف سياسية تسوّق مسألة إرهاق اللجوء السوري كاهل المواطن اللبناني، ثم راحت تطلق صيحات التخويف من مسألة توطين السوريين في لبنان، مقدمة لاتخاذ إجراءات قاسية وصعبة بحق اللاجئين، منها فرض مبالغ كبيرة على الإقامات، ومنعهم من العمل، وعدم السماح لأي منهم بالعودة إلى لبنان في حال مغادرته لأي سبب، فضلاً عن الملاحقات الأمنية، وفبركة الاتهامات والتضييق عليهم في مختلف المجالات والميادين، للضغط عليهم للعودة إلى المناطق التي تخضع لسيطرة النظام في سورية، على الرغم من وجود مخاطر تحدق بكثيرين منهم.
عاش اللاجئون السوريون تحدّيات كثيرة في لبنان، وهم باتوا عرضة لضغوط مباشرة وغير مباشرة كثيرة لدفعهم للعودة، وبعضها يهدف إلى إجبارهم على عقد "مصالحات" مع النظام، كجزء من التسليم بانتصاره وهزيمة المعارضة، لأن أغلب اللاجئين السوريين في لبنان محسوبون، بإرادتهم أو من دون إرادتهم، على المعارضة. وهكذا ينتقل هؤلاء الناس في لبنان من تحدّ إلى آخر، وهكذا تعود لعنة اللجوء تطاردهم في ظل صمت من المجتمع الدولي حيال ما يجري بحقهم، وصولاً إلى تجرؤ وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، على مواجهة مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، واتخاذ إجراءاتٍ بحق أفرادها، وليس فقط اتخاذ إجراءات بحق اللاجئين، وإذا ظهرت هذه المفوضية عاجزةً عن حماية أفرادها، فكيف بها ستكون قادرةً على توفير الحماية للاجئين؟ وإذا كان هذا اللاجئ عرضة لكل هذه الإجراءات في بلد اللجوء المفترض أن يؤمّن له الحد الأدنى من الحقوق المشروعة، فكيف سيكون مصيره أمام نظام يتوعده ويعتبره خائناً وخارقاً للقوانين؟
مؤسفٌ أن حالة الانقسام التي يعيشها لبنان، وحجم التنازلات التي قدّمها الفريق الذي كان يعلن نفسه متضامناً وحامياً لحقوق اللاجئين، تركتهم من دون سند حقيقي، ولذلك هم اليوم يواجهون تحدّياً جديداً قد يشكّل خطراً فعلياً محدقاً على حياتهم وأمنهم، إذا ما استمرت الإجراءات التي تهدف إلى إعادتهم كرهاً إلى حيث فرّوا من الموت المحتوم.