04 نوفمبر 2024
من يكترث بحزب الكتائب؟
جاء في خبرٍ لم يُكْتَرَث به إن حزب الكتائب اللبناني جدّد، في عمليةٍ انتخابيةٍ في مؤتمره العام الحادي والثلاثين، قبل أيام، لرئيسِه، النائب منذ عقد، سامي الجميّل (38 عاما)، رئاستَه، بالتزكية، وكذا لنائبيْن له. ومعلومٌ أن هذا الشاب كان قد ورث قيادة الحزب العتيد (تأسّس حركيا في 1936، وقام حزباً في 1952)، من والده الرئيس أمين الجميّل الذي كان قد صار "رئيسا أعلى" للحزب في 2005، في صيغة التسوية على الزعامة مع كريم بقرداوني، صاحب وصْف "الكتائب"، مرّةً، بأنه أكبر حزبٍ مسيحيٍّ في الشرق. ومبعث الالتفاتة هنا إلى واقعة التجديد هذه أن الحزب الذي أسّسه الجد بيار الجميّل على أفكارٍ، ذات نزوعٍ فاشيٍّ ظاهر، قادرٌ على مقاومة شيخوخته، وعلى تظهير نفسِه حاضرا في الخريطة السياسية اللبنانية، وإنْ تآكل العنوانُ الذي طالما نسبَه إلى نفسِه، ممثلا للمسيحيين اللبنانيين، فمعلومٌ أن التيار الوطني الحر، وبزعامة شخصٍ ذي كاريزما زعاماتية بيّنة، اسمُه ميشال عون، انتزع باقتدار هذه الصفة، أو مقادير وازنة من هذا التمثيل، كما أن حزب القوات اللبنانية، الكتائبي المنبت، بزعامة سمير جعجع، يُحرِز حصةً أعرض كثيرا من رصيفِه الأعتق في المكوّن المسيحي، وانتخابُ 14 نائبا له في البرلمان الحالي ينطقُ بهذه البديهية، سيما وأنّهم، سامي الجميل وابن عمه نديم وثالثا فقط، هم نواب "الكتائب" في البرلمان نفسه. وبتحرّزٍ قليل، يمكن تخمين أن الوزن الأخفّ لتيار المردة (بزعامة الحفيد سليمان فرنجية) أثقلُ، وإنْ بنوابٍ ثلاثةٍ هو الآخر، من الحزب المُتْعَب بسنواته الكثيرة.
انعقاد المؤتمر العام الجديد لحزب الكتائب، وانتخاب أعضاء المكتب السياسي في أثنائه، يدلان على أن ثمّة حاجةً باقيةً في لبنان، مجتمعا ونسقا حزبيا وتنويعا طائفيا، إلى هذا الحزب، وها هو ما زال يحتمي بآل الجميّل، وبقادةٍ عتاقى فيه (وعتاقى في الصلات مع إسرائيل)، ومنهم جوزف أبو خليل، ليؤشّر إلى قدرته على البقاء، بل وأيضا إلى تنبيه الجمهور العام إلى حجب نوّابه الثلاثة الثقة عن حكومة سعد الحريري المشكّلة أخيرا. والبادي إلى هذا الأمر، وحواشيه، أن الجيل القيادي الراهن في الحزب كأنه يتوسّل وقائع أخرى تنبّه إليه رقما في المعادلات اللبنانية الداخلية، وإنْ ظاهرةً صوتيةً بقاعدةٍ اجتماعيةٍ ضيّقة، من قبيل الخلاف الذي جاءت أخبارٌ عليه، بين سامي الجميّل وابن عمه نديم (36 عاما)، نجل بشير الجميّل، الاسم الذي لم يفتئت عليه، أخيرا، نائبٌ من حزب الله لمّا قال عنه إنه صار رئيسا للبنان على متن دبابةٍ إسرائيليةٍ في 1982. وموجز القصة أن نديم ربما يُغالب في جوانِحه امتعاضا من الصعود المتتابع لابن عمه في زعامة الحزب الذي كانت له شوكةٌ، وأيُّ شوكة، لمّا كان بشير الجميل الزعيمَ القويَّ في لبنان كله، بغلبة السلاح، وبالاستقواء بإسرائيل.
يتحدّث نديم عن "سلقٍ" جرى في الإعداد للمؤتمر العام، وعن انتخاباتٍ لا تعنيه. وحسب تقارير لاحقَت هذا المقطع، الثانوي على الأرجح، في المشهد اللبناني، فإن لهذا الشاب أنصارا كتائبيين، يقول بعضُهم، لمن يريد أن ينشر في الصحافة، إن ما جرى في المؤتمر العام عمليةُ وضعِ يدٍ على الحزب قام بها سامي ومن معه، فيردّ أنصار الأخير بأن عملية اقتراعٍ ديمقراطيةٌ جرت، و"على كل كتائبيٍّ احترام النتائج". ويكاد قارئ هذا الكلام وذاك يحدس بصلةٍ ما لهما بتباعدٍ كان بين مزاجيْ، أمين وبشير، والديْ الشابين الراهنين. ولكن الجوهري ليس هناك، ليس في تلك السنوات التي كان حزب الكتائب فيها معتدّا بروحٍ قتاليةٍ ضد من يفترضهم خصوما له، وتهديدا لزعامته، فلسطينيين، ولبنانيين مسلمين ومسيحيين، وإنما في حزب الكتائب في طبعته الماثلة قدّام الجميع، عندما يجد ناسٌ فيه فائضا من الدّعة وهناءة البال، لينصرفوا إلى منازعاتٍ من هذا اللون، حتى أنك تقرأ إن نديم الجميّل قد يقود "ثورةً" في الحزب الذي شذّ كثيرا عن المتْن المسيحي العربي العروبي الشاسع، وتقرأ بيانا لناسٍ في "تجمّع المعارضة الكتائبية"، يأتي على "غياب حسّ المسؤولية ووفاة مبدأ تداول السلطة"...
أي سعةٍ هذه في مزاجٍ رائقٍ تجعلُه يكترث بحزب الكتائب وانتخاباته، لتكون هذه موضوع تعليقٍ صحافي مرتجل؟!
يتحدّث نديم عن "سلقٍ" جرى في الإعداد للمؤتمر العام، وعن انتخاباتٍ لا تعنيه. وحسب تقارير لاحقَت هذا المقطع، الثانوي على الأرجح، في المشهد اللبناني، فإن لهذا الشاب أنصارا كتائبيين، يقول بعضُهم، لمن يريد أن ينشر في الصحافة، إن ما جرى في المؤتمر العام عمليةُ وضعِ يدٍ على الحزب قام بها سامي ومن معه، فيردّ أنصار الأخير بأن عملية اقتراعٍ ديمقراطيةٌ جرت، و"على كل كتائبيٍّ احترام النتائج". ويكاد قارئ هذا الكلام وذاك يحدس بصلةٍ ما لهما بتباعدٍ كان بين مزاجيْ، أمين وبشير، والديْ الشابين الراهنين. ولكن الجوهري ليس هناك، ليس في تلك السنوات التي كان حزب الكتائب فيها معتدّا بروحٍ قتاليةٍ ضد من يفترضهم خصوما له، وتهديدا لزعامته، فلسطينيين، ولبنانيين مسلمين ومسيحيين، وإنما في حزب الكتائب في طبعته الماثلة قدّام الجميع، عندما يجد ناسٌ فيه فائضا من الدّعة وهناءة البال، لينصرفوا إلى منازعاتٍ من هذا اللون، حتى أنك تقرأ إن نديم الجميّل قد يقود "ثورةً" في الحزب الذي شذّ كثيرا عن المتْن المسيحي العربي العروبي الشاسع، وتقرأ بيانا لناسٍ في "تجمّع المعارضة الكتائبية"، يأتي على "غياب حسّ المسؤولية ووفاة مبدأ تداول السلطة"...
أي سعةٍ هذه في مزاجٍ رائقٍ تجعلُه يكترث بحزب الكتائب وانتخاباته، لتكون هذه موضوع تعليقٍ صحافي مرتجل؟!