21 سبتمبر 2023
اليمن.. هذا التنافس الإماراتي السعودي
يبدو أن السباق السعودي الإماراتي على تقاسم مكاسب الحرب في اليمن، لن يدوم طويلا، في ظل انكشاف الأمر لليمنيين، خصوصاً المؤيدين للسلطة الشرعية التي يتزعمها الرئيس عبد ربه هادي، ومع معاودة الحوثيين توغّلهم في محافظات جنوبية تنتشر فيها مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي) المدعوم من الإمارات، وما يثار بشأن تفاهمات سرية أبرمتها السعودية مع الحوثيين، فيما يتعلق بإعادة تشغيل مطارات نجران، من دون تعرّضها لهجمات صواريخ الحوثيين، إذ رافقت العودة القوية للحوثيين إلى أطراف بعض محافظات الجنوب تفسيراتٌ مختلفة، منها ما يرجّح وقوف السلطة الشرعية وراء ذلك؛ نكاية في الإمارات وحلفائها في المجلس الانتقالي، ومنها ما يشير إلى تنسيق المجلس نفسه مع الحوثيين، ومن ورائهم الإمارات؛ بقصد إعادة ترسيم الحدود الشطرية التي كانت قبل 1990، ليضمن كل منهما ما تحت سيطرته من الأرض؛ وذلك ما يمثل، عملياً، استكمالاً لإطاحة ناعمة بسلطة الرئيس هادي وحلفائه، هدفا مشتركا بين الطرفين.
إزاء ذلك، يلحظ تصاعد نبرة الخطاب المناوئ للإمارات، من مسؤولين وإعلاميين يمنيين يقيمون في السعودية. فمنذ شهرين، طلب أحد محافظي المحافظات، من الرئيس هادي، فض التحالف مع الإمارات؛ نتيجة مواقفها السلبية تجاه سلطته. وفي اتجاه آخر، انتقد وزير الداخلية، مطلع شهر مايو/أيار الحالي، ومن مقر عمله في عدن، سياسة التحالف، مشيراً إلى انحرافها في الأهداف والوجهة، مذكراً بأن الحوثيين يتقدّمون في مناطق الضالع ولحج، جنوب البلاد ووسطها، وليس في المحافظات الشرقية، في إشارة إلى التنافس السعودي الإماراتي في الهيمنة على محافظتي المهرة وحضرموت. ومثل هذا الموقف يبديه، من وقت إلى آخر، وزير النقل الذي أعلن، أخيرا، عرقلة التحالف انتظام رحلات الخطوط الجوية اليمنية، وإصراره على تعطيل هذا المرفق، أسوة بمؤسسات الحكومة الشرعية التي تواجه حرباً من هذا النوع.
بين هذا الخطاب وذاك، يهاجم إعلاميون سعوديون، بشدة، "المجلس الانتقالي الجنوبي"، ما يعدّ، ضمنياً، هجوماً موجهاً إلى الإمارات التي تدعمه سياسياً وعسكرياً؛ فما يبديه المجلس من تفضيل وميل للجانب الإماراتي، يُعد، من وجهة النظر السعودية، تهديدا لمصالحها الجيوسياسية والجيواستراتيجية في خليج عدن، وجنوبي البحر الأحمر، بوصفها الدولة الأقرب لليمن من الإمارات التي بات وجودها في السواحل الجنوبية والغربية اليمنية طاغياً على الوجود السعودي، ضمن التحالف الراهن، فضلاً عن طغيانه على وجود السلطة الشرعية اليمنية التي يفترض أن تكون أساساً ومرجعية لهذا الوجود، والمنظم الوحيد له.
لعل ما يجري على الأرض من أنشطة متناقضة، يمكنها أن تزيد من حالة التوتر بين مختلف
الأطراف، ما قد يؤدي إلى تصدّع التحالف، سيما مع استمرار تهميش دور السلطة الشرعية التي لا يزال أغلب قادتها يقيمون، على نحو اضطراري، في الرياض، فلا يمكن للرئيس ونائبه العودة والاستقرار في أي من المناطق المحرّرة، فيما يمعن المجلس الانتقالي الجنوبي، وبدعم إماراتي سخي، في تعزيز وجوده السياسي، والعسكري، والأمني في هذه المناطق، ولا أدل على ذلك من تجنيد الإمارات ثلاثمائة جندي والدفع بهم، أوائل شهر مايو الحالي، إلى جزيرة سقطرى، في إطار ما توصف بقوات الحزام الأمني التي تشكل، مع قوات النخبة، نداً قوياً للقوات الموالية للرئيس هادي.
ومن مظاهر سوء العلاقة مع التحالف، منع هادي، رئيس حكومته، من تلبية دعوة لزيارة أبوظبي، تعبيرا واضحا عن وصول هذه العلاقة إلى مرحلة قد تقود إلى العنف، لكن هذا المنع لا يقتصر تفسيره على موقف الرئيس هادي فحسب، بل وموقف الطرف السعودي الذي مثّل الفاعل الأبرز في اختيار رئيس الحكومة الجديد، معين عبد الملك، خلفاً لرئيس الحكومة السابق، أحمد بن دغر، الذي ساءت علاقته بالإمارات، على خلفية رفضه سياستها، سيما موقفه من تغوّلها في جزيرة سقطرى، وتهميش دور السلطة الشرعية فيها.
على الرغم مما سبق، ومع ما تواجهه أطماع الإمارات والسعودية من تحديات، وما يدور بينهما من تنافس قد يفضي إلى اتساع الفجوة بينهما، إلا أنهما استطاعتا تكوين مراكز نفوذ داعمة لكل منهما، لمواجهة أي تحولات حرجة داخل اليمن، إذ لا يزال تأثير الإمارات واضحاً في سياسة الحكومة الشرعية، مع ضمانها السيطرة على المجلس الانتقالي الجنوبي وتشكيلاته المسلحة، وقوات العمالقة وحراس الجمهورية في الساحل الغربي، فيما لا يزال يوجه هذه الحكومة معبراً، كلياً، عن السياسة السعودية وطموحاتها، فضلاً عن دعم مجلس النواب الذي دفعت الرياض، بقوة، لاجتماعه في مدينة سيئون أخيرا.
إزاء ذلك، يلحظ تصاعد نبرة الخطاب المناوئ للإمارات، من مسؤولين وإعلاميين يمنيين يقيمون في السعودية. فمنذ شهرين، طلب أحد محافظي المحافظات، من الرئيس هادي، فض التحالف مع الإمارات؛ نتيجة مواقفها السلبية تجاه سلطته. وفي اتجاه آخر، انتقد وزير الداخلية، مطلع شهر مايو/أيار الحالي، ومن مقر عمله في عدن، سياسة التحالف، مشيراً إلى انحرافها في الأهداف والوجهة، مذكراً بأن الحوثيين يتقدّمون في مناطق الضالع ولحج، جنوب البلاد ووسطها، وليس في المحافظات الشرقية، في إشارة إلى التنافس السعودي الإماراتي في الهيمنة على محافظتي المهرة وحضرموت. ومثل هذا الموقف يبديه، من وقت إلى آخر، وزير النقل الذي أعلن، أخيرا، عرقلة التحالف انتظام رحلات الخطوط الجوية اليمنية، وإصراره على تعطيل هذا المرفق، أسوة بمؤسسات الحكومة الشرعية التي تواجه حرباً من هذا النوع.
بين هذا الخطاب وذاك، يهاجم إعلاميون سعوديون، بشدة، "المجلس الانتقالي الجنوبي"، ما يعدّ، ضمنياً، هجوماً موجهاً إلى الإمارات التي تدعمه سياسياً وعسكرياً؛ فما يبديه المجلس من تفضيل وميل للجانب الإماراتي، يُعد، من وجهة النظر السعودية، تهديدا لمصالحها الجيوسياسية والجيواستراتيجية في خليج عدن، وجنوبي البحر الأحمر، بوصفها الدولة الأقرب لليمن من الإمارات التي بات وجودها في السواحل الجنوبية والغربية اليمنية طاغياً على الوجود السعودي، ضمن التحالف الراهن، فضلاً عن طغيانه على وجود السلطة الشرعية اليمنية التي يفترض أن تكون أساساً ومرجعية لهذا الوجود، والمنظم الوحيد له.
لعل ما يجري على الأرض من أنشطة متناقضة، يمكنها أن تزيد من حالة التوتر بين مختلف
ومن مظاهر سوء العلاقة مع التحالف، منع هادي، رئيس حكومته، من تلبية دعوة لزيارة أبوظبي، تعبيرا واضحا عن وصول هذه العلاقة إلى مرحلة قد تقود إلى العنف، لكن هذا المنع لا يقتصر تفسيره على موقف الرئيس هادي فحسب، بل وموقف الطرف السعودي الذي مثّل الفاعل الأبرز في اختيار رئيس الحكومة الجديد، معين عبد الملك، خلفاً لرئيس الحكومة السابق، أحمد بن دغر، الذي ساءت علاقته بالإمارات، على خلفية رفضه سياستها، سيما موقفه من تغوّلها في جزيرة سقطرى، وتهميش دور السلطة الشرعية فيها.
على الرغم مما سبق، ومع ما تواجهه أطماع الإمارات والسعودية من تحديات، وما يدور بينهما من تنافس قد يفضي إلى اتساع الفجوة بينهما، إلا أنهما استطاعتا تكوين مراكز نفوذ داعمة لكل منهما، لمواجهة أي تحولات حرجة داخل اليمن، إذ لا يزال تأثير الإمارات واضحاً في سياسة الحكومة الشرعية، مع ضمانها السيطرة على المجلس الانتقالي الجنوبي وتشكيلاته المسلحة، وقوات العمالقة وحراس الجمهورية في الساحل الغربي، فيما لا يزال يوجه هذه الحكومة معبراً، كلياً، عن السياسة السعودية وطموحاتها، فضلاً عن دعم مجلس النواب الذي دفعت الرياض، بقوة، لاجتماعه في مدينة سيئون أخيرا.