"اتحاد الشغل" التونسي يدين التدخل الأجنبي في البلاد ويطالب بتعليق اعتماد السفير الأميركي الجديد "إذا لزم الأمر"
دان الاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم السبت، التدخلات الأجنبية في الشأن الوطني، مطالباً السلطات، بـ"موقف حازم وقوي، وإذا لزم الأمر تعليق اعتماد السفير الأميركي الجديد"، في إشارة إلى تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن التي انتقد فيها الاستفتاء على الدستور، وعلى خلفية تصريحات السفير في تونس جون هود أمام الكونغرس.
ودعا "الاتحاد التونسي للشغل" في بيان إلى "وضع حدّ لهذه الانتهاكات وتجسيد إرادة الشعب الحقيقية في رفض التعدّي على بلادنا بأيّ شكل من الأشكال"، مؤكداً أن "السياسات المتّبعة للسلطات المتعاقبة هي التي أتاحت للقوى الخارجية الفرصة للتدخّل في الشأن الوطني، وذلك باتّباع مسار إصلاح انفرادي ومتعرّج ومتردّد ومن خلال سياسات التداين المفرطة وطلب المساعدات المذلّة والخضوع المشين لتعليمات الصناديق الدولية المانحة والتطبيق الأعمى لإملاءاتها، كما يحدث هذه الأيام مع صندوق النقد الدولي".
وأكد "الاتحاد" أنّه "لا حلّ لمشاكل بلادنا وللأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس خارج المبادرة التونسية-التونسية، وذلك بمراجعة حقيقية لكلّ الانحرافات والأخطاء التي أدّت إلى حدّ الآن إلى إهدار الفرصة التاريخية لإصلاح الأوضاع ومعالجة آثار حقبات متعاقبة من الانفراد بالرأي والتخبّط والتمييز من أجل النقلة بحياة التونسيات والتونسيين نحو الأفضل والأعدل وضمان سيادة حقيقية غير خاضعة للضغوط والابتزاز".
وتابع: "لقد تكرّرت منذ مدّة تصريحات وزراء خارجية وسفراء أميركا وبعض الدول الأوروبية حول الوضع في تونس لإلقاء الدروس في الديمقراطية، وبلغت حدّ التهديد والوعيد، وكان آخرها تصريحات وزير خارجية أميركا وسفيرها المرتقب في تونس، اللذين جسّما التدخّل السافر في الشأن الداخلي التونسي واستبطنا عقليّة استعمارية مكشوفة".
ودان البيان "بشدّة التصريحات المتكرّرة للمسؤولين الأجانب عن الوضع في تونس" وعبّر عن "رفضه المطلق التدخّل في شؤوننا الدّاخلية"، ونبّه إلى أنّ "التدخّل في الشأن الدّاخلي لم يقتصر على التصريحات، بل تجاوزها إلى تنقّل السفراء والقائمين بأعمال السفارات في كامل أرجاء البلاد دون حسيب أو رقيب، وإلى ما تمارسه بعض الدول على التونسيات والتونسيين من انتهاكات، سواء بخصوص تأشيرات السفر أو الترحيل القسري للمهاجرين غير النظاميين التونسيين بتواطؤ مع السلطات التونسية، وأيضاً من خلال الضغوطات الدولية لفرض تطبيع تونس مع الكيان الصهيوني البغيض".
وندّد "الاتحاد" "بتعمّد بعض القوى السياسية الداخلية الاستنجاد بالدّول الأجنبية لاستعادة الحكم والعودة إلى حقبة عمّ فيها الحيف واستشرى الفساد والإرهاب وتعمّقت فيها الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وضاعت السيادة الوطنية عبر الاصطفاف بالأحلاف والخضوع لتعليمات الدول".
وشدّد على "حقّ كل المواطنات والمواطنين في النقد والاحتجاج وإبداء الرأي في الشأن الوطني والمشاركة فيه بعيداً عن الاستقواء بالخارج".
وأعلنت وزارة الخارجية التونسية، في وقت متأخر من مساء الجمعة، استدعاء القائمة بالأعمال الأميركية في تونس ناتاشا فرانشيسكي، إثر تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن التي انتقد فيها الاستفتاء على الدستور، وعلى خلفية تصريحات السفير في تونس جون هود أمام الكونغرس.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد قال، يوم الخميس الماضي، إنّ الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد الذي اقترحه الرئيس قيس سعيّد، "اتسم بتدني نسب مشاركة الناخبين"، متحدثاً عن "عام من التراجع المفزع".
وأشار إلى أنّ "قيام عملية إصلاح شاملة وشفافة أمر جوهري للشروع في استعادة ثقة الملايين من التونسيين الذين لم يشاركوا في الاستفتاء أو عارضوا الدستور الجديد"، وحثّ على ضرورة "السرعة في إقرار قانون انتخابي شامل من شأنه أن يمكن من مشاركة أوسع في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في شهر ديسمبر/ كانون الأول، وخاصة مشاركة تشمل من عارض أو قاطع الاستفتاء على الدستور".
وتشهد تونس موجة تشكيك عارمة في نتائج الاستفتاء من قبل أحزاب معارضة ومنظمات ومراكز محايدة متخصصة في مراقبة الانتخابات، اتهم بعضها هيئة الانتخابات بتزوير النتائج والتلاعب بإرادة الناخبين لفرض "مشروع الرئيس" الذي يكرس التفرد بالسلطات ويقوض أسس الديمقراطية التشاركية، ويهز الاستقرار السياسي.