أعلنت شبكة "الجزيرة" الإخبارية، الخميس، عن اتخاذها قراراً بإحالة ملف "جريمة اغتيال الصحافية (مراسلتها في فلسطين) شيرين أبو عاقلة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية".
وقالت الشبكة في بيان نشرته عبر منصاتها الإلكترونية: "شكلنا تحالفاً قانونياً دولياً يضم فريقنا القانوني وخبراء دوليين لإعداد ملف كامل لتقديمه للمدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية".
ونددت في بيانها "باغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة التي عملت مدة 25 عاماً في تغطية الصراع الدائر في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
اغتيال #شيرين_أبوعاقلة.. شبكة #الجزيرة تشكل تحالفا قانونيا عالميا وتحيل الملف للجنائية الدولية pic.twitter.com/CHD6vWXNta
— الجزيرة نت (@ajanet_ar) May 27, 2022
وتعهدت الشبكة بـ"تفعيل كل المسارات الممكنة لتقديم المسؤولين عن الاغتيال إلى منصات العدالة الدولية وأخذ جزائهم القانوني".
وفي 11 مايو/أيار الجاري، استشهدت أبو عاقلة (51 عاما) جراء إصابتها برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عملية في مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية المحتلة، ما أحدث غضباً عارماً في الأوساط الحقوقية والإعلامية على المستويين العربي والدولي.
وأشارت الشبكة إلى أن الملف القانوني الذي ستحيله إلى المحكمة الجنائية الدولية "سيتضمن القصف الإسرائيلي لمكتب الجزيرة في غزة وتدميره في مايو/ أيار 2021".
وتزامن بيان "الجزيرة" مع كشف النيابة العامة الفلسطينية عن نتائج التحقيق الذي أجرته حول اغتيال شيرين أبو عاقلة، في وقت أثيرت فيه هذه الجريمة أمام مجلس الأمن الدولي.
وأكد النائب العام الفلسطيني أكرم الخطيب، مساء الخميس، أن نتائج التحقيق في استشهاد أبو عاقلة بينت أنها استهدفت برصاص من نوع "روجر" من قبل جندي إسرائيلي "قناص".
وقال الخطيب، خلال مؤتمر صحافي عقد بمقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله: "إنه تبين عدم وجود مواجهات مسلحة أو حتى إلقاء حجارة تجاه قوات الاحتلال المقتحمة مخيم جنين وقت الجريمة، ما يؤكد أن الرصاص الذي قتلت به شيرين من قبل الاحتلال بهدف القتل، حيث ثبت أن جنديًا إسرائيليًا أطلق الرصاص على الشهيدة شيرين أبو عاقلة من مسافة 170 مترًا".
النائب العام الفلسطيني: "نتائج التحقيق بينت أن أحد جنود الاحتلال أطلق الرصاص على #شيرين_أبو_عاقلة وأصابها في الرأس أثناء محاولتها الهرب، ثم استمرت قوات الاحتلال بإطلاق النار باتجاه كل من حاول أن يساعدها".https://t.co/VYIIzDKqRl
— العربي الجديد (@alaraby_ar) May 26, 2022
وأكد الخطيب أن استهداف أبو عاقلة والصحافيين برفقتها جاء بشكل متعمد، موضحًا أن "نتائج التحقيق بينت أن أحد جنود الاحتلال أطلق الرصاص على شيرين أبوعاقلة وأصابها في الرأس أثناء محاولتها الهرب، ثم استمرت قوات الاحتلال بإطلاق النار باتجاه كل من حاول أن يساعدها".
وفي ما يتعلق بنوع الرصاص الذي استُهدفت شيرين به، قال النائب العام الخطيب: "إنه يحتوي على جزء حديدي خارق للدروع ومرمز باللون الأخضر، وهو ذو سرعة عالية".
وشدد النائب العام على أن "قوة من جيش الاحتلال كانت تحظى برؤية واضحة ومباشرة لموقع وجود الصحافيين يوم استشهاد شيرين أبو عاقلة، وكان الصحافيون يرتدون جميعًا زي الصحافة، وكشفوا أنفسهم لقوات الاحتلال، وبدؤوا بالتقدم أمتارا قليلة، لكن قوات الاحتلال لم تصدر أية تحذيرات لهم".
وأضاف "أطلقت قوات الاحتلال النار باتجاههم، وانسحب الصحافيون للاحتماء وفق معايير السلامة المهنية، وأثناء ذلك، أصيب الصحافي علي سمودي برصاصة مباشرة في ظهره".
وأكد أن "قوات الاحتلال استمرت بإطلاق النار بشكل متقطع ومباشر عليهم، وأصابت الصحافية شيرين"، كاشفاً "تبين أن سبب استشهادها هو التهتك بالدماغ، بما يفيد بأنها كانت في وضعية هروب وانحناء إلى الأمام".
من جهة ثانية، قال الخطيب: "منذ البداية كان واضحاً من المستوى السياسي وجهات التحقيق بعدم تسليم المقذوف الذي قتل أبو عاقلة إلى الجانب الإسرائيلي، وألا نعرض حتى صورة الرصاصة التي قتلت شيرين، لحرمان الاحتلال من التلاعب أو تغيير روايته".
وفي الوقت الذي أكد فيه الخطيب أن "التحقيق باستشهاد أبو عاقلة كان فلسطينيًا بامتياز"، كشف عن أن الجانب الأميركي اطلع على معلومات عن طبيعة المقذوف الذي أصاب الشهيدة أبو عاقلة، كما طلب معرفة بعض المعلومات المتعلقة بالتحقيق، لأن شيرين تحمل كذلك الجنسية الأميركية، مشيرًا إلى أن الجانب الأميركي لم يشارك بالتحقيق.
وشدد النائب العام الفلسطيني على أن مجمل الوقائع في قضية استشهاد أبو عاقلة توفر أركان جريمة القتل العمد والشروع بالقتل العمد للصحافي علي سمودي وباقي الصحافيين، وفقاً للقوانين الوطنية السارية، وتشكل جريمة حرب وفقاً للمعايير الدولية.
وقال الخطيب: "إن التحقيق بشأن استشهاد أبو عاقلة يشكل حجر الأساس في ملاحقة المجرمين، وتم تسليم نسخة من التقرير المتعلق بالتحقيق إلى الرئيس محمود عباس".
بدوره، قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، خلال المؤتمر: "إن الرئيس محمود عباس وعد بتحقيق شفاف ومسؤول في اغتيال شيرين أبو عاقلة، وتم ذلك فعلاً، كما أن تقرير نتائج التحقيق لم نشارك أحداً به، لكننا على استعداد لاطلاع كل من يريد الحقيقة عليه، ولدينا تعليمات من الرئيس أن هذا التقرير المتقن والمعد من النائب العام مفتوح لكل من يريد معرفة الحقيقة".
وأضاف أبو ردينة: "إن وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية قدمت كل الوثائق المطلوبة للجهات المعنية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية، وهو وثيقة أخرى رسمية وشديدة الوضوح بارتكاب الاحتلال المجازر والاعتداء على المواطنين".
وأضاف: "إن هذه الجرائم موثقة، وستكون موضوعة أمام المجتمع الدولي، وعلى المجتمع الدولي والإدارة الأميركية تحمل مسؤولياتهما بالكامل".
بدوره، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، في تصريح له، أمس الخميس: "إننا قمنا بتسليم نسخة عن تقرير النيابة العامة حول اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة للإدارة الأميركية، وستُسلّم نسخة لكل من عائلتها ولمحطة الجزيرة التي كانت تعمل فيها".
مجلس الأمن الدولي
وفي جلسة بمجلس الأمن الدولي، قالت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد: "نعبر عن قلقنا بشأن ما حدث خلال تشييع جنازة شيرين أبو عاقلة".
ودعت توماس لـ"تحقيق شفاف وموضوعي وحيادي" في مقتل مراسلة الجزيرة، أما المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا فقال إن بلاده تؤيد مطلب التحقيق في جريمة اغتيال أبو عاقلة.
وأضاف المندوب الروسي أن إسرائيل تواصل انتهاك القانون ومصادرة الأراضي الفلسطينية وعمليات الاستيطان.
أما المقررة الأممية الخاصة بحماية حرية الرأي فقالت إن على المدعي العام للجنائية الدولية البدء بالتحقيق في الاغتيال. وأضافت أن قتل شيرين أبو عاقلة يرقى لجريمة حرب. وذكرت أنه قبل شيرين أبو عاقلة، "قتل نحو 40 صحافياً فلسطينياً، ولكن لم تكن هناك محاسبة".