اختلفت آراء شريحة من الليبيين في مقترح اللجنة القانونية بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر أن يبحثها ملتقى الحوار السياسي خلال جلسته المنتظرة يومي الأربعاء والخميس المقبلين، بحسب إعلان للبعثة الأممية.
وذكرت البعثة الأممية، في بيان الليلة الماضية، أن نتائج مداولات اجتماع ملتقى الحوار المنتظر "ستحال على مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للنظر فيها مع التنويه إلى وجوب مراعاة الموعد النهائي للإطار الدستوري والانتخابي المحدد في الأول من يوليو/ تموز"، بهدف تمكين المفوضية العليا للانتخابات من الاستعداد لإطلاق الانتخابات في موعدها المقرر.
وتضمن المقترح تعديلاً للإعلان الدستوري (الدستور المؤقت) يوصي بتأجيل الاستفتاء على مسودة الدستور الدائم إلى ما بعد تشكل السلطة التشريعية الجديدة، وأحال ثلاث مواد أخرى دار خلاف بشأنها بين أعضاء اللجنة القانونية على ملتقى الحوار السياسي للبت فيها، وهي مسألة انتخاب رئيس الدولة مباشرةً من الشعب أو بشكل غير مباشر من مجلس النواب، ومسألة شروط الترشح والجهة التي تمتلك حق عزله، ونص اليمين الدستورية بعد اعتراض بعض الأعضاء على القسم باسم مبادئ ثورة فبراير/ شباط بحجة عدم وجود وثيقة رسمية تحدد تلك المبادئ.
ويرى حميدة الشافعي، ناشط سياسي من سبها جنوبي البلاد، أن المقترح بكامله يدور على بند انتخاب الرئيس بهدف تمريره والتعمية على الخطر الكامل فيه، وذكر لـ"العربي الجديد" أنه "طالب الملتقى بتحديد شرط المترشحين لانتخابات الرئيس، لكنه أغفل عن تحديد صلاحياته ولم يذكرها، ما يعني أنه سيكون رئيساً مجرداً من الصلاحيات".
وفيما يعبّر الشافعي عن مخاوفه من تكرار التجربة ذاتها التي مرت بها عديد الدول، كالعراق، وآخرها تونس، وانتهت إلى أزمات داخلية، يوافقه عبد السلام العطوشي، ناشط مدني من زوارة أقصى غربيّ البلاد، على هذا الرأي، بل يشير إلى أن "الالتفاف الثاني جاء في البند المتعلق بإرجاء الاستفتاء على الدستور، لا لأن الوقت ضيق، بل لأن مسودة الدستور تحدد صلاحيات الرئيس".
ويضيف العطوشي، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن مضمون المقترح "إرساء نظام حكم برلماني، فالتعديل على الإعلان الدستوري ليكون أساساً للانتخابات المقبلة طاول البنود المتعلقة بالاستفتاء على الدستور دون المساس بالبنود المتعلقة بالبرلمان"، لافتاً إلى أن تجربة نظام الحكم البرلماني عاشها الليبيون بكل عيوبها خلال السنوات الماضية.
ويعود الشافعي ليقول إن الساعين في الكواليس سيقنعون الملتقى بتمرير مقترح انتخاب الرئيس مباشرةً من الشعب، وتصويره أنه انتصار للديمقراطية "بعد التهريج بتمديد الجلسة إلى أيام إضافية لإيهام الرأي العام بأن هذا النصر ولد بصعوبة لمصلحة الشعب"، بل يتهم البعثة الأممية بتنفيذ إرادة دول متدخلة في الشأن الليبي من خلال عرقلة المسار الدستوري وتحديد آجال زمنية للضغط بها للوصول إلى مرحلة انتخابات على أسس دستورية عرجاء.
وفي المقابل، لا ترى مروة الفاخري، الناشطة السياسية من بنغازي، المقترح معيباً بدرجة كبيرة، وطالبت المعترضين بـ"البديل، فكل مراحل التسويات يجب أن تكون توافقية وتراعي آراء كل الأطياف"، وقالت متحدثة لـ"العربي الجديد" إن "المسار الديمقراطي لن يستقيم في كل الأحوال، ومنح الرئيس صلاحيات واسعة يمكنه من الانقلاب على هذا المسار وتحوله إلى ديكتاتور محصن بالقانون"، قائلة: "يجب ألّا نخون الجميع، فهناك في ملتقى الحوار واللجنة القانونية من لهم دراية بهذه المخاوف"، مردفة: "الاتهامات سهلة، ويمكن المؤيد أن يقول للمعارض: أنت تعرقل لأنك لا تريد انتخابات".
ولقاء ذلك يقترح جمال الرايس، مواطن من تاجوراء في طرابلس، ألّا يترك الأمر للسياسيين في مختلف الأجسام، ويتساءل: "أليس للنشطاء والشعب كافة دور"، مقترحاً خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن يركز الشارع على إنشاء أحزاب في مختلف المناطق لتكون الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفقاً للقوائم الحزبية، لتوجد داخل البرلمان وتشارك في وزارات الحكمة، ما يقلل من هامش الهيمنة، بحسب رأيه.
أما عز الدين بلحسن، مواطن من البيضاء شرقي البلاد، فيذهب بعيداً بالقول إن "الوضع الحالي مستقر بالتوافق والمحاصصة التي وصل إليها الوضع بصعوبة، وأي تغيير سيؤدي حتماً لحالة احتراب، فالسلاح لا يزال في مواقع التماس والمعسكرات منتشرة في كل أنحاء البلاد".
مضيفاً في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "الرئيس يمكن أن يستغل صلاحياته وينفرد بالحكم، والسلاح محدق، إذ الأفضل أن يستمر الوضع التوافقي الحالي لأول فترة، فالمتغيرات الدولية شديدة التسارع، ويمكن أن تستقر البلاد مستقبلاً".