تناولت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، اليوم الجمعة، قضية "انتخابات الرئاسة" في سورية، وذكرت، تحت عنوان: "بشار الأسد يريد إعادة انتخابه مرة أخرى.. سيدة مجهولة تترشح بوجه رجل الديكتاتورية الأول"، أن "سورية تتعهد بانتخابات رئاسية حرة وشفافة في مايو/أيار المقبل، وليس ذلك ما يتوقعه منتقدو الأسد عمليا".
وتناولت "بوليتيكن" القضية بمتوالية أسئلة: "انتخابات في سورية؟ هل هذا يعني أن السوريين يمكنهم التصويت على إنهاء الحرب؟ وأنهم قادرون على اختيار زعيمهم المفضل للبلاد، بعد مقتل نصف مليون إنسان ودفع 12 مليونا آخرين إلى المنفى؟ وهل يمكنهم التصويت على المسؤولية عن 10 سنوات من جرائم القتل؟ وعن مسؤولية أن 80 في المائة من السوريين، بحسب الأمم المتحدة، يعيشون الآن في فقر؟".
ليس تماماً.
وبعد أن وضحت أنه "يتوجب على المترشح الإقامة 10 سنوات في البلاد"، ما يعني أن لا أحد من معارضة المنفى يمكنه ذلك، ذهبت الصحيفة ببعض التهكم إلى تفصيل ما يحتويه القانون السوري بالقول إنه "يجب أن يكون عمر المرشح 40 عاما على الأقل، وهو ما لم يكن حين استلم الديكتاتور بشار الأسد السلطة وراثة عن والده الديكتاتور حافظ الأسد في عام 2000، غير أنه اليوم قانون. مثل ما هو قانون أن تستبعد الأقلية المسيحية من الترشح للرئاسة".
وواصلت "بوليتيكن" تغطيتها حول "القانون" من زاوية أن "لا أحد يمكنه أصلا الترشح من دون الحصول على توصية 35 عضوا من البرلمان (مجلس الشعب)، الذي يسيطر عليه أصلا الأسد، ولا يتم انتخابه بحرية أو ترشح من يريد، وهذا هو القانون".
وعن مشاركة سوريي الخارج، قالت الصحيفة إن "القانون أيضا يقول إن هؤلاء عليهم تقديم إثباتات وتقارير إلى السفارات لتصح مشاركتهم، ومن المتوقع أن يمتنع عن التصويت العديد من اللاجئين السوريين الذين فروا لتوّهم من دولة الأسد".
أما عن الظروف التي تجرى فيها "الانتخابات، فهي مقصورة على ثلثي البلاد، أو حيث يوجد جيش الأسد، وليس في جيوب يسيطر عليها المعارضون". وهذه الانتخابات وصفها المعارض السوري مصطفى سيجري، بحسب صحيفة "الغارديان"، بأنها "مهزلة ومسرحية في محاولة يائسة لإحياء نظام إجرامي".
"بوليتيكن" مضت في شرح معطيات الواقع السوري في ظل الحديث عن انتخابات الشهر المقبل، وبالأخص التغطية الإعلامية المحلية في سورية.
وتحت عنوان فرعي "تغطية شاملة من الحائط إلى الحائط لمصلحة الأسد"، رأت أن "حياة أي مرشح مهددة إذا قال علنا إن الأسد كان مسؤولا عن الحرب التي استمرت 10 سنوات، أو إنه مسؤول عن تعذيب وقتل عشرات الآلاف في السجون، وإنه مسؤول عن تهجير وهروب الملايين، أو على سبيل المثال، إنه تنبغي محاكمته بتهمة استخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين. فالسوريون الذين يتحدثون بهذه الطريقة يختفون أو يعتقلون أو يموتون".
الصحيفة: حياة أي مرشح مهددة إذا قال علنا إن الأسد كان مسؤولا عن الحرب التي استمرت 10 سنوات، أو أنه مسؤول عن تعذيب وقتل عشرات الآلاف في السجون، وأنه مسؤول عن تهجير وهروب الملايين، أو على سبيل المثال أنه ينبغي محاكمته بتهمة استخدام أسلحة كيمائية ضد المدنيين
وترى الصحيفة أنه "من المستحيل أن يذهب الإعلام السوري إلى تغطية الحملات بتلك الآراء التي ذكرتها سابقا عن مسؤولية الأسد، فلا يوجد إعلام في سورية ينتقد الأسد.. هذا ببساطة غير موجود".
وفي الاتجاه ذاته، ذكّرت الصحيفة بالسياق الذي جير فيه "كل الإعلام ووسائل الدعاية لمصلحة عائلة الأسد الحاكمة لسورية منذ خمسة عقود". وأضافت: "الأسد، البالغ 55 سنة، سيضمن تغطية شاملة في وسائل الدعاية ورشق الجدران بصوره، ومن غير المرجح أن تكون النتيجة مختلفة عن انتخابات 2014، فقد حقق الديكتاتور، الذي كان على وشك خسارة السلطة، نتيجة جيدة بنسبة 90 في المائة من الأصوات. حسنا، المعارضة وصفتها بالمهزلة، والحكومات الغربية اعتبرتها تزويرا، لكن بحسب وسائل الإعلام السورية: 90 في المائة (..)".
"انتخابات تحت الأنقاض"
وتحت عنوان "انتخابات تحت الأنقاض"، تناولت "بوليتيكن" قيادة الأسد للبلد، مذكرة أنه "تحت نظر طبيب العيون، فإن الجزء الأكبر من البلاد صار أنقاضا بفعل تدمير جيشه أو معارضته، الاقتصاد السوري منهار، ولا أموال لإعادة الإعمار، واللاعبون الخارجيون أقاموا مئات القواعد العسكرية في سورية، وهؤلاء لا يعيرون اهتماما لأوامر السلطة السورية، وربع جيش الأسد انشق وفر، وثلث البلاد مسيطر عليه من مجموعات معارضة متعددة، لكن في وسائل الإعلام السورية، فإن الأسد يحظى بتأييد الشعب واحترامه ودفء محبته".
وعن العامل الروسي، عرجت الصحيفة على موقف موسكو الداعم للانتخابات، "فقد أكد وزير الخارجية السابق (الراحل) وليد المعلم، أثناء زيارته إلى موسكو، أنها ستكون حرة وشفافة، وذلك بوجود وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف".
وتناولت أيضا المواقف الغربية ورفض الرئيس الأميركي جو بايدن الموقف الروسي الذي يعتبر أنها انتخابات حرة، فهي بالنسبة للإدارة الأميركية "لن تكون لا حرة ولا عادلة"، كما وصفتها مندوبة أميركا في مجلس الأمن الدولي ليندا توماس غرينفيلد، الشهر الماضي".
وعن "المنافسين للأسد"، استحضرت الصحيفة قصة "سيدة في الـ50 من عمرها، مقيمة في دمشق واسمها فاتن علي نهار، لم يسمع أحد بها سابقا وغير معروفة، فلا هي شخصية مرموقة على وسائل التواصل، ولا يعرف لها نشاط سياسي، لكن رئيس البرلمان حمودة الصباغ قرأ اسمها واسم والدتها وعمرها ومكان ولادتها، الثلاثاء الماضي، مبشرا أنها مرشحة. وبالمناسبة هناك أيضا مرشح آخر فعلها أيضا في 2014".
اعتبرت "بوليتيكن"، في الختام، أن كل ما يجري هو خرق تام لمشروع الأمم المتحدة للحل في سورية. ورأت أن "مجلس الأمن الدولي اعتبر أن الحل السياسي يكون من خلال عملية انتقالية واضحة وصياغة دستور جديد، لكن بالنسبة للمبعوث الدولي غير بيدرسون، الأمور باتت معضلة، فسلطة الأسد لم تظهر أية إرادة لتنفيذ الخطة التي تقترح أن يجرى استفتاء الشعب السوري على الدستور الجديد، وبعده تجرى انتخابات رئاسية، وكل ذلك يجرى تجاهله من قبل النظام بذهابه إلى انتخابات رئاسية، والمستقبل الذي صورته الأمم المتحدة عليه أن ينتظر".