تقدّم مقاتلو حركة "طالبان" في وادي بانشير، فيما أكّد عناصر "جبهة بانشير" المناهضة قدرتهم على إبعاد مسلّحي الحركة، إلا أن محللين حذروا من أن قوات المعارضة تواجه صعوبات.
وأفادت وكالة الإغاثة الإيطالية "إميرجنسي" (طوارئ) التي تدير مستشفى في بانشير، بأن قوات "طالبان" وصلت إلى قرية أنابة، حيث تدير الهيئة مركزاً للعمليات الجراحية.
وأفادت "إميرجنسي" في بيان، أمس السبت، أن "العديد من الأشخاص هربوا من قرى في الأيام الأخيرة"، مضيفة أنها تواصل تقديم الخدمات الطبية.
وتابعت "لم يجر أي تدخل حتى الآن في أنشطة "إميرجنسي". استقبلنا عدداً صغيراً من المصابين في مركز أنابة للعمليات الجراحية".
وتقع أنابة على بعد نحو 25 كيلومترا شمالاً داخل الوادي البالغ طوله 115 كيلومترا، لكن تقارير غير مؤكدة أشارت إلى أن "طالبان" استولت على مناطق أخرى كذلك.
وقال مدير تحرير "لونغ وور جورنال" ومقرها الولايات المتحدة، بيل روجيو، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد، إن الوضع لا يزال "ضبابيا بالنسبة للمقاتلين"، وسط تقارير غير مؤكدة بأن "طالبان" انتزعت عدة مناطق، لكن الوضع "يبدو سيئاً". ويشير كل طرف إلى أنه كبّد الآخر خسائر كبيرة.
وأفاد روجيو، الأحد، بأن "طالبان اكتسبت خبرة عبر 20 عاماً من الحرب، ولا مجال للشك في أن طالبان تدربت كجيش"، مضيفاً أن "النصر غير مرجّح" بالنسبة لـ"جبهة بانشير".
وأكد أن "جيش طالبان حصل على كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة بعد الانسحاب الأميركي وانهيار الجيش الوطني الأفغاني".
وصمد المقاتلون في بانشير على مدى عقد في وجه الجيش السوفياتي وفترة حكم "طالبان" بين 1996 و2001.
في المقابل، شدد المتحدث باسم "الجبهة الوطنية للمقاومة"، علي ميسم نظري، الموجود خارج بانشير، بحسب ما ذكرت "فرانس برس"، الأحد، على أن القوات المعارضة لطالبان "لن تخفق أبداً".
لكن نائب الرئيس السابق أمر الله صالح، الموجود في بانشير إلى جانب أحمد مسعود (نجل القيادي التاريخي المناهض لطالبان أحمد شاه مسعود)، حذّر من وضع قاتم.
وتحدّث صالح في بيان عن "أزمة إنسانية واسعة النطاق" مع آلاف "النازحين جرّاء هجوم طالبان".
وفيما تباهت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مؤيدة لـ"طالبان"، بسيطرة الحركة على أجزاء من الوادي، لفت نك ووترز من موقع "بيلينغكات" الذي يبث تحقيقات إلى أن المنشورات لم تتضمن صوراً يمكن التحقق منها.
وقال "سيكون من السهل جدا التحقق من تسجيل مصوّر يظهر طالبان داخل وادي بانشير".
ويوفر وادي بانشير، المحاط بقمم جبلية وعرة تغطيها الثلوج، ميزة دفاعية طبيعية، إذ يمكّن المقاتلين من التخفي في وجه القوات المتقدّمة لشن كمائن لاحقاً من المرتفعات باتّجاه الوادي.
بانشير يؤخر إعلان الحكومة
وأرجأت حركة "طالبان" مجدداً، أمس السبت، إعلان حكومتها التي قد تعطي تشكيلتها فكرة عن السنوات المقبلة في أفغانستان، حيث لا يزال النظام الجديد يواجه مقاومة مسلحة في وادي بانشير.
وبعد قرابة ثلاثة أسابيع على عودة "طالبان"، لا تزال الحكومة منتظرة في كابول حيث يعيش الشعب على التوقعات حاله حال المجتمع الدولي. وأفاد مصدران في "طالبان" بأنه لن يكون هناك أي إعلان، السبت، بشأن الحكومة المقبلة.
وأكد المتحدث باسم حركة "طالبان" الأفغانية ذبيح الله مجاهد لـ"العربي الجديد"، الخميس الماضي، أنّ الإعلان عن الحكومة المقبلة على قدم وساق وأنه سيكون في القريب العاجل. وقال مجاهد إنّ "ما أوردته بعض وسائل الإعلام من تكهنات بشأن الحكومة وما ذكرته من أسماء أنباء غير دقيقة".
وكان قيادي في الحركة هو نائب رئيس المكتب السياسي لـ"طالبان" شير محمد عباس ستانيكزاي، قد أكد، في تصريح له لبعض وسائل الإعلام، أنّ الحكومة المقبلة ستعلن في غضون أيام، ولن يكون فيها أي شخص من المسؤولين في الحكومة السابقة.
وقد يفسّر الوضع في بانشير، أحد المعاقل الأخيرة للمعارضة المسلحة ضد النظام الجديد، التأخير في إعلان الحكومة الجديدة، الذي كان مرتقباً في البدء الجمعة.
ولطالما شكل هذا الوادي الذي يصعب الوصول إليه ويقع على بعد حوالى 80 كيلومترا نحو شمال العاصمة، معقلاً لمعارضي "طالبان" ويشهد منذ مغادرة آخر القوات الأميركية من البلاد معارك بين القوات الأفغانية و"الجبهة الوطنية للمقاومة".
ومنذ عودتها إلى الحكم، إثر هجوم عسكري خاطف فاجأ الحكومة الأفغانية السابقة والمجتمع الدولي، تسعى "طالبان" لإظهار صورة أكثر اعتدالاً وانفتاحاً، ووعدت بتشكيل حكومة "جامعة" وأقامت علاقات في الأسابيع الأخيرة مع شخصيات أفغانية كانت معارضة لها، على غرار الرئيس السابق حامد كرزاي ونائب الرئيس السابق عبد الله عبد الله، لكن لم تتسرب أي معلومة حتى الآن عن نواياها الحقيقية ولا عن المكانة التي تعتزم منحها لممثلي المعارضة والأقليات. وستمثل تشكيلة حكومتها اختباراً لنيّتها الحقيقية بالتغيير.
وكرّرت دول عدة، الجمعة، قولها إنه سيُحكم على النظام الجديد بناء على أفعاله. وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أمله في أن تتصرف "طالبان" بشكل "متحضّر"، كما أن بكين دعتها إلى "قطع" روابطها بشكل نهائي مع الجماعات الإرهابية.
(العربي الجديد، فرانس برس)