قام عدد من المستوطنين الإسرائيليين، ممن يطلقون على أنفسهم اسم "فتية التلال"، اليوم الأربعاء، بمداهمة أراضي قرية الزيادنة، شمالي مدينة رهط في النقب، بهدف الاستيلاء على أراضٍ وإقامة بؤرة استيطانية.
وفي سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها في جنوب فلسطين المحتلة عام 1948، وبدعم من الشرطة الإسرائيلية واليمين المتطرف، وعلى رأسه عضو الكنيست الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير، قام المستوطنون بإحضار مبنى متنقل (كرفان) بالإضافة إلى بناء عدد من العرائش بهدف الاستيلاء على أرض عشيرة الزيادنة وإقامة البؤرة الاستيطانية.
بدوره، استنكر رئيس المؤتمر العام للحركة الإسلامية وليد الهواشلة، الذي حضر إلى قرية الزيادنة، هذه العملية، مشيراً إلى أنه تم التواصل مع الجهات المختصة من أجل سحب هذه البؤرة.
وقال رئيس بلدية رهط فايز أبو صهيبان، على صفحته على فيسبوك، إنه تحدث مع قائد الشرطة في لواء الجنوب بخصوص قطعان المستوطنين في شمال رهط، لافتاً إلى أنه سيتم هدم الاستحداثات التي أقاموها.
ووُجهت دعوات للأهالي للتوافد إلى المنطقة والتصدي للمستوطنين وإخراجهم من المكان، فيما وصلت قوات من الشرطة الإسرائيلية للمكان، ومنعت المواطنين العرب من الاقتراب من المنطقة التي تم اقتحامها من قبل المستوطنين.
حضور عربي مشرف
وكان أحد سكان القرية قد لاحظ بينما كان خارجاً إلى عمله، في حوالي الساعة الثالثة والنصف فجراً، وجود المستوطنين وتجمعهم الغريب والمريب في المكان، وقام بدوره بإبلاغ أهالي القرية، وعلى أثرها بدأ السكان بالتحرك باتجاه مدخل القرية، ليجدوا حوالي 50 مستوطنا مع شاحنة أخشاب ومعدات أخرى تحمل مبنى متنقلاً.
وقد بادر المستوطنون بإقامة الخيام وتعليق لافتات تحمل الاسم الذي يريدون إطلاقه على المنطقة وهو "معاليه بولا"، نسبة إلى "بولا بن غوريون"، وذلك على اعتبار أن استيطانهم على أراضي العرب في النقب هو تحقيق لهدف رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون.
عضو اللجنة المحلية وابن قرية الزيادنة الواقعة إلى الشمال من مدينة رهط دهام الزيادنة كان أحد الحاضرين إلى موقع الحدث، وهناك شاهد المستوطنين يستعدون بكافة المستلزمات، وكأنهم يملكون الأرض طولا وعرضا، وليس عليهم سوى البناء والبقاء فيها، كما حضر إلى جانب دهام كافة أبناء عائلته، الذين وجدوا أن الأمر لا يحتمل التأخير مطلقاً، وإلا استبيحت أراضيهم بالكامل وطردوا لصالح مخططات الاستيطان.
وتحدث دهام لـ"العربي الجديد"، قائلا إن مساحة الأراضي في قرية الزيادنة تبلغ حوالي 1700 دونم، لافتاً إلى أن السلطات الإسرائيلية قامت بمصادرة حوالي 200 دونم منها لصالح مشاريع تشجير أراضي البدو في الجنوب.
وأوضح دهام أن أهالي المنطقة يملكون أوراقا تثبت ملكيتهم للأرض وأن "الزيادنة اشتروها بمستند رسمي منذ العام 1890 من القرن الماضي، وهذه أمور مثبتة، وحتى عندما حضرت الجهات المختصة للتخطيط لحي في المنطقة يتبع لمدينة رهط، أحضروا هذه المستندات معهم وأبلغونا بأنهم يريدون التخطيط والترتيب لحي لعائلة الزيادنة يتبع لمدينة رهط، وتكون التوسعة باتجاه قريتنا، على أن نوافق على هذا التخطيط، إلا أننا في العائلة رفضنا رفضا قاطعا، والسبب هو أن السلطات تريد أن تعطي كل رب عائلة حوالي 600 متر لقسيمة بناء بينما تصادر الباقي لصالحها".
وأضاف "والدي يمتلك حوالي 120 دونما من الأرض الزراعية التي يفلحها ويزرعها، ومواشيه تعتاش منها، وهي مصدر رزقه، ثم تعرض الحكومة علينا 600 متر للفرد دون مراعاة لملكيتنا ونمط حياتنا الزراعي وعدد الأبناء في العائلة الواحدة، بينما في المقابل تقوم بإعطاء المزارعين اليهود القادمين من خارج البلاد قسائم بناء وأرض يزرعونها بمساحات شاسعة ويوفرون لهم كامل الإمكانيات.هذا ليس عدلا".
وتابع "لن نتنازل عن أرضنا في قرية الزيادنة لكي نبني بيوتا مكونة من طوابق ونعيش حياة لا تلائمنا، بينما تأخذ إسرائيل أرضنا وتمنحها مجانا للمستوطنين. نحن نوافق في حال كان التخطيط مفيدا لنا نحن كأصحاب أرض وحسب... نحن نعيش من الزراعة وتربية المواشي وهكذا سنبقى، ولن تقام مستوطنة على أرضنا لا اليوم ولا غدا ولا بعد مئات السنين، ما جرى اليوم هو استفزاز للناس وجس لنبض الشارع".
ولاحقا، وبعد وصول بن جفير للمكان، حاول استفزاز أحد قياديي النقب، وهو حسين العبرة، قائلا "اذهبوا إلى سورية، هذه أرضنا"، فرد عليه الأخير بالقول "هذه أرضنا ونحن أهلها وبإمكانك أنت العودة إلى البلد الذي جئت منه فهذه ليست أرضك".
وكانت مجموعات استيطانية موجودة أيضا بالقرب من قرية عوجان غير المعترف بها، قرب اللقية، ولكن أفرادها لم يقدموا على أي تحرك بعدما تم التصدي للمجموعة التي كانت موجودة في قرية الزيادنة.
وأشاد العبرة بالمساندة قائلاً "حتى أهالي قرية سعوة من عشيرة الأطرش حضروا للمكان، ورئيس المجلس الإقليمي القيصوم، سلامة الأطرش، حضر وشاركنا بالتصدي للمستوطنين، ووصل حوالي ألف شخص من كل أرجاء النقب للمكان، ومنهم عضو بلدية رهط عطا أبو مديغم، رغم محاولة المستوطنين التصدي له بتهديده بالاعتقال".
وأعلن المستوطنون أنهم سيستمرون بمحاولاتهم لتحقيق ما سمّوه حلم بن غوريون على أرض النقب، وبالتالي لن تكون هذه الحادثة هي الأولى والأخيرة في الأيام المقبلة في الجنوب.