ارتفع عدد الجثث المنتشلة من المقبرة الجماعية في مدينة عفرين شمالي حلب السورية إلى 68 جثة مجهولة الهوية كانت مدفونة على عمق ومساحة كبيرين، وسط اتهامات تركية لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) بارتكاب مجازر بحق المدنيين، فيما قالت "قسد" إن الجثث تعود إلى مقاتلين أكراد سقطوا دفاعاً عن المدينة عام 2018.
وذكرت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أنه تم حتى الان انتشال 68 جثة من المقبرة التي جرى اكتشافها الأربعاء الماضي، مشيرة إلى أن عدد الجثث قابل للارتفاع مع تواصل عمليات الحفر التي تتم بحضور عناصر من السلطات المحلية والأمنية وبإشراف من الجيش التركي.
التحقيقات الأولية أظهرت أن الجثث أُعدمت قبل فترة قصيرة من عملية "غصن الزيتون" التي أطلقتها تركيا
وأوضحت المصادر أن الجثث نُقلت إلى المشفى العسكري في مدينة عفرين دون التعرف إلى هويات أصحابها، ونقل عن أطباء شرعيين فحصوا الجثث أن أغلب أصحابها قتلوا ميدانياً.
من جانبها، نقلت وكالة أنباء "الأناضول" عن والي هاتاي التركية رحمي دوغان قوله، أمس، إن التحقيقات الأولية أظهرت أن أصحاب الجثث أُعدموا قبل فترة قصيرة من عملية "غصن الزيتون" التي أطلقتها تركيا والجيش الوطني السوري في يناير/ كانون الثاني عام 2018.
وبعد فترة من التزام الصمت، وفيما بدا أنه تردد أو عدم امتلاك معطيات حول القضية، اعتبرت الرئيسة المشتركة لـ"مجلس سورية الديمقراطية" أمينة عمر أن إعلان تركيا بشأن المقبرة الجماعية يأتي "ضمن الحرب الإعلامية التي تشنها تركيا ضد (قسد) بهدف تشويه صورتها أمام الرأي العام".
وأضافت عمر، في حديث مع "العربي الجديد"، وهو أول تصريح رسمي من جانب المسؤولين الأكراد بعد يومين من الإعلان التركي بشأن العثور على مقبرة جماعية في عفرين، أن القوات التركية "نبشت مقبرة قتلى لقوات (قسد) ممن كانوا يدافعون عن المدينة، مدعية أنها مقبرة جماعية لضحايا قتلتهم (قسد)". وأدانت أمينة عمر نبش القبور وطالب المجتمع الدولي بمواجهة ما وصفتها بـ"الانتهاكات التركية".
من جهته، قال مظلوم عبدي، القائد العام لـ"قسد"، اليوم، إن الصور التي نشرتها وسائل إعلام تركية قبل يومين على أنها مقبرة جماعية، تعود إلى مقبرة لمقاتلين سقطوا دفاعاً عن المدينة في وجه هجمات تركيا والفصائل الموالية لها عام 2018، متهماً تركيا، في تغريدة على "تويتر"، بأنها "تقوم بتزوير الحقائق وتقدمها للرأي العام العالمي على أنها مقبرة جماعية".
بدروه، قال ما يسمى بـ"مجلس عوائل الشهداء" التابع لـ"قسد"، في بيان، إن القوات التركية والفصائل التابعة لها تقوم "بخرق حرمة المقابر والموتى في عفرين، وتحاول تحريف الحقائق لإبعاد الأنظار عنها من خلال التعدي على مقابر الشهداء والمقاومة في عفرين من المدنيين ووحدات حماية الشعب والمرأة والادعاء بأنهم ضحايا مجازر جماعية على يد وحدات الحماية الشعبية".
وسرد البيان رواية لتفسير هذه المقابر، موردًا أنه "بعد أن وصلت القوات التركية إلى حدود مدينة عفرين، إثر قصفها المدينة، لم يتمكن مجلس عوائل الشهداء حينها من دفن الشهداء المدنيين ووحدات الحماية في المقابر المخصصة خارج المدينة، لذلك تم دفنهم ضمن مدينة عفرين وهذه الوقائع موثقة لدينا".
أما حزب "يكيتي الكردستاني - سورية"، فقد قدم رواية أخرى لما جرى. ونقل موقع "يكيتي ميديا" عن "مصدر مطلع" في الحزب قوله إن "المجزرة وقعت يوم 16 مارس/ آذار 2018 قبل الظهر، حيث تجمّع أهالي قرى وبلدات عفرين في مركز المدينة، وكان عددهم يقدر بنحو 400 ألف شخص، وكانت تلك القرى والبلدات فارغة من سكانها، لكن إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي فرضت طوقاً على المدينة ومنعت الدخول والخروج منها".
وأضاف: "في المقابل كانت عفرين مطوّقة من الشمال والشرق والغرب من قبل الجيش التركي والفصائل الموالية له، بينما كانت الجهة الجنوبية تحت سيطرة مسلحي الاتحاد الديمقراطي، ولدى محاولة عائلة حمدوش الخروج من عفرين بواسطة جرار زراعي، منعوا من قبل مسلحي الاتحاد الديمقراطي وجرى إطلاق النار عليهم، فخرج جرارهم عن الطريق، وانفجر بهم لغم أرضي أدى إلى حدوث المجزرة بحق العائلة المنحدرة من قرية جمروك". وأشار المصدر إلى أن مسلحي الاتحاد الديمقراطي قاموا بدفن الضحايا في مدينة عفرين في مقبرة جماعية.
وجرى في السابق اكتشاف العديد من المقابر الجماعية في منطقة عفرين، إحداها بالقرب من سد ميدانكي في مارس/ آذار 2018، حيث عثر الجيش الوطني السوري على جثث العشرات من مقاتليه داخل هذه المقابر. وأشارت التحقيقات حينها إلى أن أصحاب هذه الجثث قُتلوا على يد الوحدات الكردية في كمين بمنطقة عين دقنة عام 2016، وقامت بعدها تلك الوحدات بعرض جثث القتلى على شاحنة نقل جابت فيها مناطق بمدينة عفرين.
وسيطر الجيش الوطني بمساندة الجيش التركي على عفرين في مارس/ آذار 2018، بعد أن تمكن من طرد قوات "قسد" خلال العملية التي أطلقت عليها تركيا اسم "غصن الزيتون".