أعلنت الرئاسة اللبنانية، اليوم الثلاثاء، أن الصيغة النهائية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل "مرضية للبنان، ولا سيما أنها تلبي المطالب اللبنانية التي كانت محور نقاش طويل خلال الأشهر الماضية، وتطلبت جهداً وساعات طويلة من المفاوضات الصعبة والمعقدة".
فيما يلي أبرز محطات المفاوضات الشاقة غير المباشرة بين الطرفين، بوساطة أميركية ورعاية أممية:
- بدأت المفاوضات غير المباشرة في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020 في الناقورة الجنوب اللبناني، بوساطة أميركية ورعاية الأمم المتحدة، حيث عقدت الجولة الأولى، وذلك على وقع خلافات لبنانية طاولت أعضاء الوفد اللبناني المفاوض وطريقة تعيينه.
- ركز الوفد التقني اللبناني في مفاوضاته، خلال الجولة الأولى، على أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً، كما نصّت عليه اتفاقية "بوليه نيوكومب" عام 1923، والممتد بحراً، استناداً إلى تقنية خط الوسط، من دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة، وذلك وفقاً لدراسة أعدّتها قيادة الجيش اللبناني، على أساس القانون الدولي.
- عُقدت الجولة الأولى من المفاوضات برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان، وبحضور الوفد الأميركي برئاسة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، قبل أن يتسلم السفير الأميركي جون ديروشر دور الوسيط في الملف.
- عُقدت الجولة الثانية من المفاوضات في 28 أكتوبر 2020 في مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة، بحضور الوسيط الأميركي ديروشر.
- عُقدت الجولة الثالثة من المفاوضات في 29 أكتوبر 2020 في مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة، بحضور الوسيط الأميركي جون ديروشر، وبرز حينها خلاف عندما رفع الوفد اللبناني سقف مطالبه، بحيث صارت المساحة المختلف عليها 1400 كيلومتر مربع بدلاً من 862، متمسكاً بالقوانين الدولية التي يجري المفاوضات على أساسها وقانون البحار.
- عُقدت الجولة الرابعة بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي برعاية أممية وحضور الوسيط الأميركي في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، على وقع كباش الخطوط، منها الخط 23 والخط 1، واتساع الهوّة في المواقف بين الجانبين.
- تمسّك لبنان في بداية المفاوضات بالاتفاقيات الدولية والقانون الدولي للبحار، بأن ينطلق الخط من رأس الناقورة، في حين حاول الجانب الإسرائيلي تغيير نقطة الانطلاق البحرية من رأس الناقورة شمالاً على بعد ثلاثين متراً لكسب مساحات في البحر، وكان يتوقع الاحتلال أن يرتكز النقاش على 860 كيلومتراً مربعاً، وما يسمّيه خط هوف، مع لحظ صخرة "تخليت" التي تعتبرها إسرائيل جزيرة، بينما هي صخرة غير مسكونة وغير قابلة للسكن ولا تنطبق عليها المادة 121 من اتفاقية البحار الصادرة عام 1982.
- استُبدلت جولة التفاوض الخامسة التي كانت مقرّرة في 2 ديسمبر/كانون الأول 2020 بلقاء ثنائي أميركي لبناني، قابله لقاء آخر أميركي إسرائيلي، وسط اتهامات إسرائيلية للبنان بتغيير موقفه 7 مرات، ما نفاه الجانب اللبناني، الذي أكد تمسّكه بحقوقه السيادية المعترف بها دولياً والخط 29 الأسلم قانوناً.
- في 4 مارس/آذار 2021، أودع الجيش وزارة الدفاع اللبنانية كتاباً يتضمن لوائح إحداثيات الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للمناطق البحرية اللبنانية، حيث تبين أن مساحة إضافية تعود إلى لبنان، مما يقضي بتعديل الإحداثيات التي تناولها المرسوم رقم 6433/2011.
- بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2021، وقّع وزير الأشغال اللبناني المرسوم رقم 6344 الذي ينقل خط التفاوض من 23 إلى 29، ويمكن للبنان المفاوضة على أساسه على كامل حقل قانا، ونسبة من حقل كاريش، بيد أن المرسوم لم يوقّع من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون، ودخل الملف ملعب الاتهامات والتجاذبات السياسية وصراع الصلاحيات في لبنان.
تزامن ذلك مع جولة للموفد الأميركي ديفيد هيل على المسؤولين اللبنانيين، وقد أبدى استعداداً أميركياً لتسهيل المفاوضات.
- أدت وساطة ديفيد هيل إلى استئناف المفاوضات بين لبنان وإسرائيل بعد توقف لستة أشهر، وقد عُقدت الجولة الخامسة في 4 مايو/أيار 2021، وأفضت إلى طلب الوسيط الأميركي أن يكون التفاوض محصوراً فقط بين الخط الإسرائيلي والخط اللبناني المودعين لدى الأمم المتحدة، أي ضمن مساحة 860 كيلومتراً مربعاً، وذلك خلافاً للطرح اللبناني ومبدأ التفاوض من دون شروط مسبقة.
- بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2021، أبلغ عون الوسيط الأميركي جون ديروشر رغبة لبنان في استمرار المفاوضات غير المباشرة في الناقورة، بهدف الوصول إلى تفاهم على نحو يحفظ حقوق الأطراف المعنية، بالاستناد إلى القوانين الدولية.
- في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021، جال الوسيط الأميركي الجديد عاموس هوكشتاين على المسؤولين اللبنانيين، بعد تكليفه الملف، خلفاً للسفير ديروشر، مع الإشارة إلى أن هوكشتاين وُلد في فلسطين المحتلة، وعمل لسنوات مستشاراً للرئيس الأميركي جو بايدن.
- في 22 أكتوبر 2021، هدّد الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله إسرائيل بالتصرف في حال وجد أن نفط وغاز لبنان في دائرة الخطر، ولو في منطقة متنازع عليها قبل حسمها.
- في فبراير/شباط 2022، استبق لبنان زيارة هوكشتاين إلى بيروت، وراسل الأمم المتحدة، في خطوة أولى منذ عام 2011، اعتُبرت بمثابة إعلان صريح بحدود لبنان البحرية انطلاقاً من الخط 29 وليس 23.
- في 9 فبراير 2022، عقد هوكشتاين جولة جديدة مع المسؤولين اللبنانيين حاملاً مقترحات ترتكز على الخط المتعرج، أي أن يكون حقل قانا كاملاً للبنان وضمن المياه اللبنانية وحقل كاريش بالكامل لإسرائيل.
تغيّر صادم في موقف لبنان
- في 12 فبراير خرج الرئيس اللبناني بتصريح صادم أعلن فيه أن النقطة 23 هي حدود لبنان البحرية، وأن تعديل المرسوم 6433 لم يعد وارداً. تصريح عون دفع برئيس الوفد اللبناني الذي أحيل إلى التقاعد العميد ياسين إلى كسر صمته، والإعلان أن لبنان تنازل مجاناً عن ثروته النفطية لصالح الاحتلال.
- في 6 يونيو 2022، حصل توافق في لبنان، على دعوة هوكشتاين إلى بيروت لبحث استكمال المفاوضات، وذلك على وقع وصول باخرة "اينرجيان باور" اليونانية إلى مشارف حقل كاريش المتنازع عليه بين الطرفين.
- في 9 يونيو 2022، حذر نصر الله إسرائيل من استخراج النفط من حقل كاريش، مؤكداً أنه يملك القدرة المادية والعسكرية والأمنية لمنعها.
- في 13 يونيو، قام هوكشتاين بجولة في بيروت تلبية للدعوة الرسمية، وجرى بحث عملية تحريك المفاوضات، وقدم لبنان جوابه على المقترح الأميركي، متمسكاً بحقل قانا كاملاً.
- في 2 يوليو/تموز 2022، أطلق "حزب الله" 3 مسيّرات غير مسلّحة باتجاه المنطقة المتنازع عليها عند حقل كاريش للقيام بمهام وصفها بالاستطلاعية، ونأى لبنان بمسؤولية الدولة عنها.
- في 13 يوليو، أرسى نصر الله معادلة "كاريش وما بعد بعد كاريش"، مؤكداً ألا استخراج للنفط قبل أن يحصل لبنان على حقه، محدداً مهلة زمنية فاصلة في سبتمبر، وهو التاريخ الذي كان مرتقباً أن يبدأ فيه "نشاط" كاريش قبل تأجيله في وقتٍ لاحق.
- في 31 يوليو، وصل الوسيط الأميركي إلى بيروت، وقد نشر الإعلام الحربي لـ"حزب الله"، بالتزامن مع مجيئه، مقطع فيديو يظهر إحداثيات منصات استخراج الغاز التابعة للعدو على سواحل فلسطين المحتلة، مرفقاً إياها برسالة "تحت المرمى... اللعب بالوقت غير مفيد".
- في 1 أغسطس/آب 2022، استعيض عن اللقاءات المنفصلة مع هوكشتاين باجتماعه مع الرؤساء الثلاث ميشال عون ونجيب ميقاتي ونبيه بري، وقد حمل مقترحاً جديداً، وأعرب عن تفاؤله بقرب التوصل إلى اتفاق.
- في 9 سبتمبر 2022، جال هوكشتاين من جديد على المسؤولين اللبنانيين في زيارة تزامنت مع إعلان الشركة اليونانية تأجيل أعمالها في حقل كاريش، وقد تسلّم هوكشتاين المقترح اللبناني المتمسك بحقل قانا، وحصته الكاملة منه، والخط 23، وعدم تقاسم الحقول والثروات مع الإسرائيليين، وضمان بدء التنقيب في مناطقه غير المتنازع عليها.
- في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2022، تسلّم المسؤولون اللبنانيون من السفيرة الأميركية دوروثي شيا مسودة العرض الأميركي النهائية.
- في 3 أكتوبر، عُقد لقاء للرؤساء الثلاثة، بعد اجتماع للجنة التقنية اللبنانية برئاسة عون، وضع بعده لبنان تعديلاته وملاحظاته على العرض الأميركي، رافضاً خط الطفافات الإسرائيلي، ومتمسكاً بكامل حصته في حقل قانا، على أن تحلّ إسرائيل المسائل المادية مع شركة توتال على صعيد التعويضات، وفصل الترسيم البري عن البحري، مع ضمانة فرنسية أميركية على بدء "توتال" أعمالها في الحقول اللبنانية فور إتمام الاتفاق.
- في 4 أكتوبر، عقدت السفيرة الأميركية لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين بحثت التعديلات اللبنانية قبل إرسالها إلى الوسيط، في حين سارعت وسائل إعلام الاحتلال إلى نشر تسريبات برفض التعديلات، علماً أن لبنان فضّل عدم التعليق عليها رسمياً، بانتظار الجواب الأميركي منها.
- منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء 11 أكتوبر، تسلّم لبنان الصيغة النهائية الأميركية التي اعتبرها الرئيس اللبناني في موقفه الأول مرضية، وتعطي حقوق لبنان كاملة، وتأخذ في عين الاعتبار مطالبه وملاحظاته.