من المرجح أن يصوت مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين القادم على الأغلب، على مشروع قرار يدين عمليات الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويطالب بوقفها على الفور بما فيها الخطوات الأخيرة لشرعنة بؤر استيطانية إضافية.
وحصلت مراسلة "العربي الجديد" على المسودة، التي يتم التفاوض حولها وصيغت بالاتفاق مع الجانب الفلسطيني ومن المقرر أن تقدمها الإمارات للمجلس.
وعُقدت، الخميس، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، جلسة مشاورات حول المسودة وسط توقعات بعقد جولات إضافية خلال الأيام القادمة وإدخال تعديلات عليها.
وفي أول رد فعل رسمي من وزارة الخارجية الأميركية حول المسودة، قال النائب الأول للناطق الرسمي باسم الخارجية الأميركية، فيدانيت باتيل، خلال مؤتمر صحافي دوري في واشنطن: "نرى أن تقديم مشروع القرار لا يساعد على خلق الظروف اللازمة لتحقيق تقدم على صعيد الظروف اللازمة للتفاوض حول حل الدولتين... نتشاور مع شركائنا في نيويورك (مجلس الأمن) حول الخطوات القادمة".
ورفض تأكيد أو نفي ما إذا كانت واشنطن ستستخدم الفيتو ضد المشروع. وذكر في الوقت ذاته أن إدارة بايدن أعربت عن "معارضتها بشدة للخطوات أحادية الجانب، التي أعلن عنها الأحد (في إشارة لشرعنة حكومة الاحتلال 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية)، التي تزيد من التوتر وتضر بالثقة بين الطرفين وآفاق حل الدولتين".
وبدا وكأن المسؤول الأميركي يساوي في تصريحاته بين الخطوات الإسرائيلية والفلسطينية، وإن كان بشكل غير مباشر، عندما يضع كلًّا منها تحت توصيف "الخطوات أحادية الجانب".
ومن المتوقع أن تطرأ تغييرات على المسودة المطروحة للتفاوض، لكنها عموما تشمل نفس النقاط التي وردت في قرارات سابقة تبناها المجلس حول الاستيطان بما فيها قراره رقم 2334 والذي تم تبنيه في ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، قبل أسابيع قليلة قبل انتهاء فترة حكم الرئيس باراك أوباما وتسليمه السلطة لإدارة دونالد ترامب.
ولم تستخدم في حينه الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، مما سمح بتبني القرار الذي حصل على تأييد جميع الدول الأعضاء (14) وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت. وما زال من غير الواضح، حتى اللحظة، أي استراتيجية ستتبع إدارة بايدن في ما يخص التصويت، وما إذا كانت ستستخدم الفيتو، أم ستمتنع عن التصويت وتسمح بتمرير القرار الذي يبدو بحسب ما رجحته مصادر دبلوماسية أنه قد يحصل على الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة لتبنيه (تسعة أصوات من أصل خمسة عشر)، شريطة ألا تستخدم أي من الدول الخمس دائمة العضوية الفيتو، وهو المرجح حاليا من الجانب الأميركي.
أبرز مضامين مشروع قرار مجلس الأمن لإدانة الاستيطان الإسرائيلي
إلى ذلك، فإن المسودة الحالية التي يتم التفاوض حولها تعيد التذكير في مستهلها بالقرارات السابقة التي تبناها مجلس الأمن الدولي حول الاستيطان والاحتلال وأبرزها القرار 242 للعام 1967 والذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلها في حربها في يونيو/حزيران للعام 1967، كما القرار 2334 المتعلق بالاستيطان وعدم شرعيته، إضافة إلى القرارين 476 (1980)، و478 (1980) حول القدس والإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب وغير الشرعية فيها، وعدد من القرارات الإضافية.
ومن أبرز ما جاء بالمسودة تأكيد مجلس الأمن "من جديد أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ليست له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل والدائم والشامل".
كما "يدين جميع محاولات الضم، بما في فيها القرارات والتدابير التي تتخذها إسرائيل المتعلقة بالمستوطنات، بما في ذلك البؤر الاستيطانية، ويدعو إلى التراجع الفوري عنها". كما "يكرر مطالبته إسرائيل بالتوقف بشكل فوري وعلى نحو كامل عن جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم جميع التزاماتها بموجب القانون الدولي، في هذا الصدد احتراما كاملا".
ويدعو إلى التمسك بالوضع التاريخي الراهن دون تغيير في الأماكن المقدسة في القدس "قولا وعملا"، وإلى الاحترام الكامل للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بالقدر القابل للتطبيق في القدس.
كما "يدعو كلا الطرفين إلى أن يتصرفا وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، والاتفاقات والالتزامات السابقة بينهما، والامتناع عن جميع الخطوات أحادية الجانب، والالتزام بالتهدئة وضبط النفس، والامتناع عن أعمال الاستفزاز والتحريض والخطابات الملهبة للمشاعر، بهدف تحقيق جملة أمور منها تهدئة الأمور على أرض الواقع، مما يفضي إلى إعادة بناء الثقة، والعمل على إظهار التزام حقيقي بحل الدولتين، وتهيئة الظروف اللازمة لتعزيز السلام".
كما تدعو المسودة "إلى الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية السكان المدنيين، ويكرر الحاجة إلى اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان سلامة ورفاه المدنيين الفلسطينيين وحمايتهم". هذا وتؤكد "على الحاجة إلى تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، دون تأخير، على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومرجعية مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وخريطة الطريق التي وضعتها المجموعة الرباعية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967".
هذا ويدعو المشروع كذلك الدول الأعضاء إلى "الوفاء بالتزاماتها ذات الصلة"، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقراراتها ذات الصلة. كما "يقرر بحث السبل والوسائل العملية الكفيلة بضمان التنفيذ الكامل لقراراته ذات الصلة".
وقد تحاول الولايات المتحدة الضغط على الدول الأعضاء في المجلس للامتناع عن ذلك، للحيلولة دون حصول الجانب الفلسطيني على الأصوات التسعة اللازمة للقرار، مما لا يضطرها لاستخدام الفيتو، في حال كانت تنوي ذلك.