قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، اليوم السبت، إن شعبه انتفض من جميع الاتجاهات للدفاع عن سيادة البلاد ووحدتها، في وقت تمضي الحياة بشكل طبيعي في العاصمة أديس أبابا، فيما أكدت الحكومة بشكل غير مباشر ما تم تداوله حول رفضها عرضا أميركيا لحل الأزمة.
وأكد أبي أحمد، في منشور له على "فيسبوك"، أن الشعب الإثيوبي سيدفع تضحيات كبيرة ستجعل من بلاده صخرة صامدة أمام الأعداء، لافتاً إلى أن لدى إثيوبيا ضعف عدد من أداروا ظهورهم لها من الأصدقاء.
ويأتي منشور أبي أحمد قبل يوم من التظاهرة التي دعت إليها الحكومة ضد متمردي "تيغراي"، ودعماً لقوات الدفاع الوطني. ويُنتظر أن يحتشد، غداً الأحد، الآلاف من العاصمة وضواحيها في ميدان "مسقل" وسط العاصمة.
ولفت الكاتب والصحافي الإثيوبي مناسي وندمو، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن حديث رئيس الوزراء الإثيوبي يدخل في سياق دعوة سكان أديس أبابا للخروج في التظاهرة التي سيتم تنظيمها غداً في العاصمة. وأضاف أن حديث أبي أحمد ربما هو أيضاً رسالة إلى الخارج، وردّ على المبادرات والبيانات التي تصدر هنا وهناك بشأن الوضع في إثيوبيا.
وشهدت ولاية أوروميا، أمس الجمعة، مسيرة حاشدة احتجاجية ضد "جبهة تحرير تيغراي" و"أونق شني"، وهي جماعة مسلحة منشقة عن "جبهة تحرير أورومو" المعارضة.
الحياة طبيعية في العاصمة أديس أبابا
أما في العاصمة أديس أبابا، فتمضي الحياة بشكل طبيعي، على الرغم من إعلان حالة الطوارئ من قبل مجلس الوزراء وموافقة البرلمان الإثيوبي عليها. وبذلك أصبحت حالة الطوارئ نافذة على أكثر من مائة وعشرة ملايين إثيوبي، وإحدى عشرة ولاية تتكون منها إثيوبيا.
وأعلنت الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ على مستوى البلاد الثلاثاء، وحثت سكان العاصمة على الدفاع عن مناطقهم. ووافق البرلمان، الخميس الماضي، على فرض الطوارئ في البلاد مدة 6 أشهر.
وقال المواطن الإثيوبي أقراوا أمين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الحياة كما تراها طبيعية، وكل المحال التجارية والمقاهي والمطاعم مفتوحة بشكل اعتيادي. وأضاف أن تهديدات "جبهة تحرير تيغراي"، المصنفة من قبل الحكومة إرهابية، "نسمعها من الإعلام وليس لها أي تأثير على الشارع الإثيوبي، لأننا نثق في قوات الدفاع الإثيوبية وجهودها للتصدي لهذه الجماعات الإرهابية".
وكان مجلس الأمن الدولي قد أعرب، مساء أمس الجمعة، عن قلقه من تفاقم القتال في إثيوبيا، داعياً الأطراف إلى البدء في مفاوضات من أجل تثبيت الاستقرار. كما دعا المجلس إلى إنهاء القتال في إثيوبيا وبدء محادثات من أجل وقف دائم لإطلاق النار، و"الكف عن خطاب الكراهية والتحريض على العنف والانقسامات".
إثيوبيا ترفض عرضاً أميركياً لحل الأزمة
قال مكتب الاتصال الحكومي في إثيوبيا إن الحكومة الإثيوبية تم اختيارها من خلال انتخابات حرة ونزيهة، مشدداً، في بيان، على أنه "لا يوجد تكافؤ بين حكومة منتخبة ديمقراطياً ومجموعة من الإرهابيين، لا يزالون يسببون العنف والدمار في جميع أنحاء البلاد"، في ما يبدو إشارة إلى "جبهة تحرير تيغراي" والجماعات المتحالفة معها التي تقود حرباً مع القوات الحكومية.
كما أشار البيان إلى أن "تأمين إثيوبيا والحفاظ على سلامتها مسؤولية الحكومة وجميع المواطنين، والحكومة لن تتنازل عن هذه المسؤولية، ويجب أن يقف شركاؤنا الدوليون إلى جانب الديمقراطية".
ويأتي البيان الإثيوبي ليؤكد بشكل غير مباشر الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام محلية عن أن السلطات في أديس أبابا رفضت مقترحات المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان لوقف العنف المندلع في البلاد، خلال زيارته إلى العاصمة.
واختتم فيلتمان زيارة إلى إثيوبيا استغرقت يومين، التقى خلالها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإثيوبية دميكي ميكونين، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي.
وذكر مصدر مطلع أن المبعوث الأميركي طلب من الجانب الإثيوبي ضرورة وقف إطلاق النار والعودة إلى ما قبل الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تاريخ إعلان رئيس الحكومة أبي أحمد حملة عسكرية ضد "جبهة تحرير تيغراي" ودخول قوات الجيش الإثيوبي إلى إقليم تيغراي. وحسب المصدر، فإن المقترح لم يلق تجاوباً من السلطات.
وفي تطور لافت قد يشير إلى وجود مخاوف من تدهور إضافي للوضع الأمني، قررت الولايات المتحدة سحب طاقمها الدبلوماسي غير الأساسي من إثيوبيا.
ودعت الخارجية الأميركية رعاياها الموجودين في إثيوبيا حاليا لمغادرة البلاد فوراً بالاستعانة برحلات الطيران المتوفرة، محذرة من أن سفارتها في أديس أبابا قد لا تكون قادرة على مساعدتهم في مغادرة البلاد في حال تعليق حركة الملاحة الجوية. وأوضحت أن "الوضع قد يستمر في التفاقم، ما يهدد بحدوث انقطاعات في سلاسل الإمداد والاتصالات واضطرابات في حركة السفر".