أحزاب تجدد مطالبتها بإطلاق حوار وطني في الجزائر وتحذيرات من "التسيير الأمني"

20 ديسمبر 2024
عبد المجيد تبون أثناء أداء اليمين الدستورية في الجزائر، 17 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دعت "حركة مجتمع السلم" إلى يقظة وطنية وإصلاحات سياسية ومؤسساتية لتعزيز الحريات ومعالجة الفجوات التنموية، معتبرة أن هذا النهج هو الأقدر على مواجهة التحديات.
- أكد يوسف أوشيش من جبهة القوى الاشتراكية على ضرورة تغيير المقاربات السياسية نحو انفتاح واحترام الحريات، مشدداً على أهمية الحوار وتقديم التنازلات للحفاظ على وحدة البلاد.
- أعلن الرئيس عبد المجيد تبون عن رغبته في فتح حوار وطني، لكن تأجيله أثار قلق القوى السياسية، ودعا محمد دويبي إلى الإسراع في إقامة حوار لتعزيز الوفاق الوطني.

لا تكف الأحزاب السياسية الكبرى في الجزائر، في الفترة الأخيرة، عن الإلحاح في الدعوة إلى حوار وطني وإقامة شراكة سياسية بين السلطة والقوى الوطنية، بهدف تصحيح الاختلالات السياسية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وتحصين الجبهة الداخلية وتجنب أي انزلاقات أو اضطرابات داخلية وتجنب التأثيرات المرتبطة بالتغييرات المتسارعة في المنطقة والعالم.

في أحدث هذه المطالبات السياسية، طالبت "حركة مجتمع السلم"، بمناسبة اجتماع مكتبها التنفيذي الوطني، أمس الخميس، بـ"يقظة وطنية عاجلة واستشراف مستوعب مبني على إصلاح سياسي ومؤسساتي قائم على شراكة سياسية واسعة، ترتكز على رؤية وطنية جامعة، تستهدف تكريس الحريات وتثبيت السكينة الاجتماعية ومعالجة الاختلالات الاقتصادية وتدارك الفجوات التنموية وإدماجاً واسعاً للشباب في مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية". واعتبرت، في بيان لها، أن هذا الخيار هو الأقدر "لمواجهة تأثيرات وتداعيات الصراع العالمي في المنطقة الإسلامية والعربية القائم على التمكين للأجندات المرتبطة بمشاريع الهيمنة ومخططات التفكيك والاستحواذ على الثروات، وكذا تجنب التقلبات الاقتصادية العالمية".

في السياق نفسه، أكد السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش خلال اجتماع استثنائي للمجلس الوطني للحزب، السبت الماضي، أنه يتعين على السلطة السياسية في الجزائر تغيير المقاربات القائمة باتجاه انفتاح سياسي واحترام الحريات العامة. وشدد أوشيش، في كلمة له، على ضرورة "تبني وتشجيع الحوار، والاستعداد الدائم لتقديم التنازلات وتشكيل التوافقات من أجل الحفاظ على البلاد، ولمواجهة محاولات تقويض سيادتنا وتهديد وحدتنا الترابية، في ظل التغيرات الجيوستراتيجية الكبرى التي يشهدها العالم".

وحذر أوشيش من استمرار ما وصفه بـ"التسيير الأمني لشؤون المجتمع، بحجة الحفاظ على النظام العام، والذي لن يؤدي إلا إلى إضعاف أسس المجتمع الجزائري وإلى تغذية مناخ الشك، والخوف والانقسام، إذ تعلمنا التجارب أن سياسات الغلق تولد التوترات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى أزمات اجتماعية وسياسية أكثر خطورة"، مشدداً على "ضرورة وضع حد للتسيير الأمني والأحادي لشؤون البلاد والانخراط في عملية إصلاحات كبرى قادرة على ضمان الديمقراطية السياسية، والتنمية الاقتصادية والازدهار الاجتماعي".

وتابع: "يجب تحديد مشروع وطني واضح وطموح وبإشراك جميع القوى الحية في البلاد فيه: السلطة، القوى السياسية، المجتمع المدني، القوى الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية"، مشيراً إلى أنه "يقع على عاتق السلطة مقاومة كل الإغراءات السلطوية من خلال وضع حد للتسيير الأمني لشؤون البلاد، كما يقع أيضا على المجتمع بأسره محاربة شياطين الانقسام والتفرقة".

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن في خطاب عقب أدائه اليمين الدستورية بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية في الجزائر، في السابع من سبتمبر/ أيلول الماضي، عن رغبته في "فتح حوار وطني مع كافة القوى الوطنية لإشراكها في صياغة الخطط المرتبطة بالنهج السياسي والاقتصادي للبلاد، والقيام باتصالات كثيفة واستشارات مع كل الطاقات الحية للبلد، والدخول في حوار وطني مفتوح لنخطط معا للمسيرة التي سننتهجها معاً"، لكنه قال في وقت لاحق إن موعد هذا الحوار قد يكون نهاية العام المقبل 2025، وهي الأجندة الزمنية التي لم تطمئن القوى السياسية في الجزائر كونها فترة بعيدة.

ضمن المنحى نفسه، دعا الأمين العام لحركة النهضة محمد دويبي في مؤتمر لإطارات الحركة، اليوم الجمعة، الرئيس الجزائري إلى "الإسراع، وفي أقرب الآجال، بإقامة حوار هادئ وهادف ومسؤول، تشارك فيه كل القوى الوطنية الحية والصادقة، يستهدف تصفير كل المشاكل والتوترات الداخلية، بالنظر إلى المتغيرات القائمة في محيط إقليم الجزائر والتي قد تمس استقرار البلاد وأمنها"، مضيفاً أن "الظرف والملابسات جد مناسبة لإقامة هذا الحوار الذي يحصن الجبهة الداخلية ويدفع إلى حركية سياسية وطنية واقتصادية وتعزز الحريات والعدالة".

تعليقاً على ذلك، قال النائب في البرلمان الجزائري عز الدين زحوف لـ"العربي الجديد" إن "القوى السياسية في الجزائر تعتقد الآن أن هناك حاجة ماسة لتعزيز الوفاق الوطني، على نحو يجنب البلاد أي انزلاقات أو مظاهر تمس الاستقرار الداخلي الذي تحتاجه البلاد". وربط ذلك "بسبب تحسس قلق ومخاوف جدية من تأثير عامل ارتباك السياسات الحكومية خاصة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وحالة التضييق من جهة، ومن جهة أخرى تعاظم الضغوط والإكراهات الخارجية المتصلة بالمتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة".