عبّرت أحزاب جزائرية وقوى سياسية عن مخاوف جدية من انفراد الحكومة بصياغة مسودة قانون البلدية والولاية الجديد، والذي يحدد صلاحيات المجالس المنتخبة في البلديات والولايات، وطالبت برفع هيمنة السلطة على مؤسسات الحكم المحلي وقراراتها على حساب المؤسسات المحلية المنتخبة.
وأصدرت "جبهة القوى الاشتراكية" المعارضة، الثلاثاء، تقريراً موسعاً عقب مؤتمر لكوادرها الأعضاء في المجالس المحلية المنتخبة، طالبت من خلاله الحكومة "بصياغة تشاركية قانون للجماعات المحلية، يضمن للمجالس المحلية، صلاحيات أوسع وتوضيح أكبر للاختصاصات، ورفع ثقل الوصاية الإدارية وهيمنتها وتكريس مبدأ لامركزية القرار، وتوفير ميزانيات ملائمة لاحتياجاتها و تكون مستقلة، والسماح للمجالس المحلية المنتخبة باستغلال أمثل لمواردها ، وفق رؤية محلية تؤخذ بعين الاعتبار خصوصية، احتياجات وتطلعات ساكنة كل منطقة، رفع كل العراقيل البيروقراطية التي تواجهها".
وأعلن الحزب تشكيل "لجنة حزبية لدراسة اختلالات ونقائص قانون البلدية والولاية الحالي وتقديم مقترحاته إلى الحكومة لتحسين التسيير المحلي وتوسيع صلاحيات المجالس المنتخبة وتحرير المبادرة المحلية".
ومنذ الاستقلال، تسيطر السلطة على مؤسسات الحكم المحلي المنتخبة من قبل الشعب، رؤساء البلديات والمجالس البلدية والولائية، والتي تتوافر على صلاحيات محدودة، في مقابل صلاحيات واسعة يتمتع بها رؤساء المقاطعات وحكام الولايات الذين يمثلون الإدارة والذين يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية، ما يعطي السلطة أدوات أكبر للتحكم في القرار وكل التوجهات التنموية في البلديات والولايات، فيسمح القانون الحالي لحاكم الولاية المعنين، إقالة رئيس البلدية وحل المجلس المنتخب من قبل الشعب.
من جهته عبر "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي يشارك في الحكومة ويدعم سياسات الرئيس عبد المجيد تبون، في بيانه الأخير عن رغبته في أن تبادر الحكومة إلى إجراء "استشارة سياسية موسعة بشان مسودة قانون البلدية والولاية الذي تجري صياغته"، وأكد أنه "يطالب الحكومة بتوسيع الاستشارة حول مشروع قانون البلدية والولاية"، إضافة إلى الاستعجال في استصداره، "بما يسهم حقيقةً في تحقيق التكامل بين مكونات الجماعات المحلية ودفع عجلة التنمية المحلية وتعزيز الإصلاحات السياسية".
غالباً، تتيح السلطة لمؤسسات الحكم المحلي، تسيير المدارس وقضايا السجل المدني وتسيير الشأن العام المحلي، لكنها تتحكم في الموازنات المرتبطة بمشاريع البنى التحتية والسكن وتوزيعه، وتحتكر إدارة العقار الصناعي والزراعي في البلديات، وتوزيع الصفقات والمشاريع الحيوية، وهو ما يبقي صرة مؤسسات الحكم المحلي، مهما كان انتماؤها السياسي والحزبي، تحت رحمة السلطة، وفشلت في السابق كل المحاولات السياسية التي قادتها الأحزاب الجزائرية لتحرير هذه المؤسسات من هذه الهيمنة.
وفي السياق، حذّرت "حركة مجتمع السلم" من أي انفراد بصياغة القوانين الناظمة لعمل الجماعات المحلية المنتخبة، وطالبت الحركة في اجتماع مجلس الشورى، السبت الماضي، بتوسيع الحوار والتشاور لدى صياغة هذه المسودة التي تصفها "بالحيوية".
وقال رئيس الكتلة النيابية للحركة أحمد صادوق لـ" العربي الجديد" إن "مراجعة قانون البلدية والولاية يجب أن تتضمن رفع الوصاية البيروقراطية عن المنتخبين والذهاب بشجاعة ومسؤولية إلى اللامركزية"، ويجب إعادة النظر في مستوى الوصاية لإزالة "الوصاية المفرط فيها التي تمارسها السلطات الآن على الهيئات المنتخبة، والتمكين الحقيقي للمنتخبين من تحمل المسؤولية أمام ناخبيهم، وإحداث مهام وصلاحيات المجالس المنتخبة في البلديات".