وصفت أحزاب تقدمية في الجزائر قاطعت الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت السبت الماضي، بأنها ضربة قاصمة للسلطة، بسبب العزوف الشعبي الكبير عن التصويت، ووصفت الأوضاع التي تعيشها البلاد، خاصة في مجال الحريات، بأنها أسوأ مما كانت عليه قبل اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط 2019.
وقال السكرتير الأول لـ"جبهة القوى الاشتراكية"، يوسف أوشيش، في ندوة سياسية نظمها الحزب، إن "الجزائريات والجزائريين، وفي غالبيتهم العظمى، أداروا ظهورهم لهذا الاقتراع، ووجّهوا بذلك ضربة قاسية للسلطة"، مضيفا "للأسف فإن السلطة، وعوضا عن الإنصات لصوت الشعب وصوت العقل، تركت نفسها لعاداتها التسلطية القديمة، مفضلة المرور عنوة، والنتيجة ماثلة أمامكم. الجزائر الجديدة الموعودة ها هي تبدو أسوأ من تلك التي عرفناها قبل الثورة الشعبية لـ 22 شباط، الأمر الذي يثير التساؤلات ويدعو إلى القلق لدى المواطنين ويحبط معنوياتهم".
واعتبر أن "منطق المرور بالقوة والرفض المطلق لكل حل سياسي، يستهدف فتح آفاق جديدة للبلاد، أدى ومن دون أدنى مفاجأة، إلى إخفاق جديد وإلى عزوف شعبي آخر خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتي عرفت مقاطعة قياسية. هذا الموقف الشعبي يترجم من دون غموض رفضه القاطع للنظام ولخارطة طريقه السياسية والمؤسساتية الأحادية، ويعبر بصراحة عن تطلع شعبي عميق لا يتزعزع نحو التغيير وإرساء دولة الحق والقانون".
وبرأي مسؤول القوى الاشتراكية، فإن الأزمة في الجزائر هي "أزمة سياسية في المقام الأول، وتتطلب بالتالي حلا سياسيا، وليس ترميما قانونيا ومؤسساتيا، بهدف الإبقاء أو استعادة الحكم الشمولي".
وأضاف "حذّرنا، في عدة مناسبات، من هذه التهديدات، ولم نكف عن تكرار أن الانتخابات إن لم تكن خطوة ضمن مسعى شامل وتوافقي، فلن تشكل حلا ولن تعمل إلا على تعميق الأزمة"، محذرا من أن استمرار السلطة في التشبث "بفرض واجهة مؤسساتية جديدة، ينبئُ في أحسن الأحوال بنقص فادح في التقدير، غيابا للرؤية، عمى سياسيا. أما في أسوأ الحالات فيشي بغياب لروح المسؤولية، وهو الأمر الذي ستكون له من دون أدنى شك عواقب وخيمة على البلاد وعلى استقرارها وانسجامها".
وطالبت "جبهة القوى الاشتراكية"، التي قاطعت الانتخابات، بحل سياسي شامل وديمقراطي، ووفاق وطني وحوار سياسي، يسمح للجزائر ببناء دولة شرعية وقوية، وبما "يسمح بقدوم مؤسسات شرعية ومستقرة وقادرة على تعبئة مجموع القوى الوطنية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وإفشال كل الاستراتيجيات التي تهدد كلا من سلامتنا الترابية وسيادتنا الوطنية".
ضربة كبيرة
وتتقاسم الجبهة هذا الموقف مع حزب العمال اليساري، الذي طالب بفتح نقاش سياسي حقيقي يتيح الفرصة للجزائريين لانتخاب مجلس تأسيسي.
واعتبرت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، أن نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات التشريعية "تُعد ضربة كبيرة للخيارات المفروضة من قبل السلطة".
وقالت حنون، في افتتاح اجتماع اللجنة المركزية للحزب، إن النتائج أظهرت أن "النظام يرتكز على أقلية جد هشة، ويفتقد للقاعدة الاجتماعية، فيما الأغلبية الغاضبة التي لديها أولويات أخرى اجتماعية وديمقراطية استخدمت الاقتراع لمعاقبة الحكومة".
وأكدت الزعيمة اليسارية التي قاطعت الانتخابات أن "أكبر رسالة جاء بها الاقتراع، هي تجديد موقف الأغلبية ورفضها لهذا الوضع بالذات وتمسّكها برحيل النظام"، وتساءلت عن شرعية الحكومة المقبلة بعد هذه الانتخابات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد. وجددت مطالبة الحزب بضرورة فتح نقاش سياسي حقيقي يسمح للجزائريين بانتخاب مجلس تأسيسي.