أصدر المرشح الرئاسي المحتمل في مصر، البرلماني السابق أحمد الطنطاوي، بياناً اليوم الاثنين، رداً على تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر "حكاية وطن"، المنعقد في العاصمة الإدارية الجديدة على مدى ثلاثة أيام، والتي قال فيها: "لو الجوع والحرمان ثمن البناء والتنمية، أوعوا تقولوا يا مصريين نأكل أحسن".
وقال الطنطاوي، في بيانه: "تابعت باستنكار شديد كلمة رئيس الجمهورية، التي ألقاها في مؤتمر احتفالي معتاد استخدم فيه الحكومة والجهاز الإداري في الدعاية الانتخابية له، على نحو ينتهك مبدأ حياد مؤسسات الدولة، وقواعد التنافس في النظم الديمقراطية. لكن ما جاء في الكلمة من مغالطات، ورؤى سياسية غريبة، بلغ من الخطورة شأناً أبعد من ذلك بكثير".
وأضاف الطنطاوي: "لقد تعمد رئيس الجمهورية أن يخلط على نحو واضح بين إطلاق الشائعات والأكاذيب من جهة، وتوجيه النقد السياسي للمسؤولين من جهة أخرى، منكراً حقيقة أن المعارضة على أساس وطني من أرقى أشكال الممارسة السياسية، وهي أيضاً من الحقوق الأساسية للمواطنين. ثم انتقل إلى شكواه التي لا يكف عنها من المصريين الذين لا يقدّرون إنجازاته بزعمه، من دون أن يسأل نفسه ولو مرة واحدة عن أسباب غياب التقدير ومعناه، وعن منهجه في صناعة القرار، وتحديد الأولويات، وإقصاء المواطنين من المشاركة السياسية، والاهتمام بالمظاهر وبالحجر على حساب البشر".
واستطرد: "أخطر ما جاء في الكلمة كان مطالبة رئيس الجمهورية المصريين باحتمال الجوع والحرمان، في سبيل التنمية والبناء والتقدم، باعتبارها تعبّر عن رؤيته للتنمية بوصفها مجرد تراكم للأبنية الشاهقة والمدن والقصور المشيدة في الصحارى، ولو كان ذلك كله على حساب الإنسان، وحقه في الحياة الكريمة، والتعليم والعمل والعلاج".
وزاد قائلاً: "هذه الرؤية غير الإنسانية تسكن عقل وقلب هذا النظام، وتفسر سياساته التي لم تعتبر الصحة والتعليم أولوية، وجردت المواطنين من أشكال الحماية الاجتماعية لتترك ثلثي المصريين يعيشون تحت وحول خط الفقر، بينما تتدهور أحوال معظم الثلث المتبقي على نحو خطير".
وأكمل المرشح الرئاسي المحتمل: "جذبت انتباهي على نحو خاص إشارة رئيس الجمهورية إلى التجربة الصينية، وما تعرض له الشعب الصيني من معاناة أدت إلى ملايين الضحايا. إن هذه الإشارة تؤكد قدر التشوه في تصورات الرئيس عن تجارب الدول الأخرى وماضيها وحاضرها، فالتنمية في الصين لم تتحقق إلا بتجاوز هذه الحقبة ومآسيها، وإقصاء المسؤولين الذين استفردوا بالحكم فيها، ولم تعن التنمية في الصين بقدر ما عنت خفض نسبة الفقر التي كانت قد وصلت إلى ثلث السكان تقريباً، لا دفع الشعب الصيني إلى مزيد من الفقر والجوع تحت حجة التنمية".
واستدرك بالقول: "إنني مؤمن بأن طريق التنمية يحتاج إلى تضحيات، لكن تلك التضحيات لا يمكن أن تكون بإهدار الحياة الكريمة للمواطنين، والتفريط في حقوقهم الأساسية. وإن هذه التضحيات يجب أن توزع بعدالة بين فئات المجتمع، وأن يكون من هم في السلطة أول من يتحملونها، لا أن يطالبوا الشعب بها من قصورهم الجديدة، وأثناء مظاهر من البذخ مستفزة".
وذكر المرشح الرئاسي المحتمل أن "التنمية الحقيقية والمستدامة هي التنمية التي يكون الإنسان وحقه في الحياة الكريمة محورها، فالتقدّم لا يمكن أن يصنعه الجوعى والمشردون، وإنما يصنعه شعب يلقى حقه في التعليم والعلاج والعيش الكريم. فلا كرامة لوطن من دون كرامة مواطنيه، ولا حرية لوطن من دون حرية مواطنيه، ولا تنمية إلا إذا كان الإنسان مبتدأها وغايتها".
وتابع: "بلغ السوء في هذا الحديث مبلغاً دفع الرئيس لأن يتفوه بعد ذلك بكلمات غير لائقة، تصور مصر كأنها دولة فاشلة وهشة يمكن لجماعة من اليائسين أو الخارجين على القانون أن يدمروها، وكأن الشعب المصري يمكن تخويفه وقمعه بترويج مثل تلك التصريحات المسيئة للوطن والمواطنين".
وختم الطنطاوي: "رئيس الجمهورية قال في هذا المهرجان الدعائي إن الانتخابات فرصة للتغيير، وعليه فإنني أطالبه بأن يتدخل فوراً لوقف الانتهاكات التي تقع ضد زملائي وشركائي بحملتي الانتخابية، وكل أنصاري ومؤيديّ، وعموم المصريين الحالمين بالتغيير السلمي الديمقراطي".
وذكر: "على رأس تلك الانتهاكات القبض على مئات من أعضاء حملتي الانتخابية بتهم سياسية، وحبس 82 منهم احتياطياً حتى هذه اللحظة، فضلاً عن منع عشرات الآلاف منهم من حقهم الدستوري في تحرير التوكيلات لي، وذلك باستخدام طرق غير قانونية وصلت في كثير من الأحيان إلى استخدام العنف البدني، وأعمال البلطجة، ومئات الحالات منها موثقة صوتاً وصورة".