تشهد الساحة الباكستانية حالة من الاحتقان السياسي، بعدما وجهت الحكومة الباكستانية تهما بالإرهاب لرئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان إثر تهديده بمقاضاة ضباط الشرطة والقضاة، وبعدما توقع أنصار خان أن الحكومة تمهد لاعتقاله.
ومع أن خان حصل على كفالة من المحكمة قبل الاعتقال لمدة ثلاثة أيام، هدد أنصاره بالقيام بكل ما أتيح لهم في حال اعتقال خان.
ومنحت محكمة إسلام أباد خان كفالة تحميه من اعتقال الشرطة مدة ثلاثة أيام، ولا يعرف إن كانت المحكمة ستمدد الفترة أم لا، بينما تقول الحكومة إن خيار اعتقاله وارد في أي وقت مثل أي مواطن عادي.
ويدور صراع في العلن بين حزب خان وبين التحالف الحاكم، إلا أن المؤسسة العسكرية تلعب دوراً كبيراً من وراء الكواليس؛ لذا يرى الكثيرون أن تهم الإرهاب الموجهة لخان لم تكن بسبب تهديده بمقاضاة ضباط الشرطة؛ إنما حول حديثه الحاد حول المؤسسة العسكرية.
وقال خان في خطاب له أمام اجتماع لأنصاره في مدينة راولبندي، مساء أمس: "إني أخاطب الآن المؤسسة العسكرية وأقول لها إن كل ما يحدث في البلاد يقال أنت وراءها. على سبيل المثال، تصدر لجنة الانتخابات كل القرارات ضد حزبي وعندما أسأل المسؤولين فيها يقولون لنا إن هناك ضغوطًا عليهم من الوراء، أي من الاستخبارات والمؤسسة العسكرية".
وأضاف: "عندما سألنا شرطة إسلام أباد حول ما تعرض له القيادي في الحزب شهباز من التعذيب في السجن، قالت إنها لا تعرف شيئا وكأنها تقول إن آخرين يقومون بكل ما يحدث"، وذلك في إشارة إلى الاستخبارات والمؤسسة العسكرية، مطالبا الجيش بإثبات حياديته في ما يدور في البلاد حالياً، ومحذراً في الوقت ذاته من وصول البلد إلى أزمة لا تحمد عقباها حال وقف الجيش إلى جانب "المؤامرات".
ووجهت شرطة إسلام أباد عقب الخطاب تهماً بالإرهاب لخان وسجلت ضده دعوى، وكان من المتوقع اعتقاله، حيث توجهت قوة من الشرطة صوب منزله، لكن حزبه طلب من أنصاره النزول إلى الشوارع.
أنصار خان في الشوارع.. وحزبه يؤكد أن اعتقاله خط أحمر
ووصل مئات من أنصار خان إلى منزله، كما خرجوا إلى الشوارع في مختلف المدن حتى صباح اليوم.
ومع أن المحكمة أصدرت الكفالة لخان لمدة ثلاثة أيام، إلا أن القيادي في حزب الرابطة الحاكم محسن شاه نواز أكد في تصريحات صحافية، احتمالية اعتقال خان في أي وقت لأنه هدد بمقاضاة القضاة ومسؤولين في الشرطة.
في المقابل، قال القيادي في حزب عمران خان علي زيدي في بيان، إن قضية اعتقال خان خط أحمر وإن البلاد لا تتحمل أي صراع، لافتاً إلى أن اعتقاله سيفجر صراعاً كبيراً، داعياً الحكومة إلى تجنب ذلك.
من جهته، قال المحلل السياسي علي محمد لـ"العربي الجديد": "يبدو أن الحكومة ومن ورائها المؤسسة العسكرية والاستخبارات كانت تريد أن تعرف رد فعل أنصار خان؛ لذا روجت في الليل أخباراً عن إمكانية اعتقاله، ولكن بعد وجود رد قوي من قبل أنصاره لا يتوقع أن يحدث ذلك، ولكن على خان أن يراجع سياسته في التعامل مع المؤسسة العسكرية والاستخبارات، إذ إن المواجهة معهما ليست في صالح خان وحزبه".
ومع أن الصراع الحالي قد بدأ عندما سحبت الثقة من حكومة خان في شهر إبريل/نيسان الماضي، إلا أن تصريحاً حاداً لأحد قياديي حزب خان وهو من المقربين له ويدعى شهباز كل بشأن الجيش والمؤسسة العسكرية جدد الصراع، ما أدى إلى اعتقال الرجل في التاسع من شهر أغسطس/آب الجاري، حينها تحدث خان عن أنه تعرض للضرب والتعذيب، ولكن الحكومة نفت ذلك.
في المحصلة، إن مواجهة خان للمؤسسة العسكرية والاستخبارات المتهمة سابقاً بتأييده ليست في صالح خان ولا تنفعه في سياسته في المستقبل، كما أن شعبية خان خاصة لدى جيل الشباب قد لا تسمح للجيش والمؤسسة العسكرية بأن تتعامل كما تريد مع خان وحزبه.
من هنا ستعود الأمور إلى طبيعتها ولكن المؤسسة العسكرية تسعى لأن تضغط قليلاً على خان وحزبه، خاصة وأنه حاول في الفترة الأخيرة من حكومته ضبط أمور الجيش، وبالتحديد المالية وما يتعلق بالميزانية. كما كانت قضية أفغانستان والعلاقات مع واشنطن من المواضيع الخلافية بين خان والمؤسسة العسكرية.