واصلت "هيئة تحرير الشام"، شمال غربي سورية، حملة اعتقالات بحق معارضين لها في ريف إدلب، وخاصة من حزب "التحرير" الذي يروّج لخطاب يدعو إلى إعادة "الخلافة الإسلامية".
وأكدت مصادر محلية أن قرية دير حسان بريف إدلب الشمالي تشهد توتراً بعد اعتقال الجهاز الأمني لـ"تحرير الشام"، الأحد، عدداً من منتسبي حزب "التحرير"، مشيرة إلى أن الجهاز المذكور اعتقل 18 شخصاً من دون مذكرات رسمية أو قانونية.
وأشارت المصادر إلى أن قرية دير حسان شهدت تظاهرات اعتراضاً على الحملة التي قام بها الجهاز الأمني المذكور، والذي تدخل لفض هذه التظاهرات، حيث كان يعتزم عدد من السكان إصدار بيان مصور لإدانة عمليات الاعتقال.
في المقابل، ذكرت مصادر في الهيئة أن الجهاز الأمني "نفذ حملة أمنية ضد شرذمة من المرجفين والمخذلين والعابثين بأمن المنطقة"، مؤكدة أن الاعتقال جرى بناء على أمر قضائي صادر عن النيابة الأمنية العامة التابعة لحكومة "الإنقاذ" التابعة للهيئة.
وبحسب ناشطين محليين، تعرضت إحدى سيارات الجهاز الأمني للهيئة لإطلاق نار في قرية دير حسان، ما أدى إلى مقتل أحد العناصر فيها.
وفي السياق، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عناصر من حزب "التحرير" أوقفوا، الأحد، في قرية دير حسان، سيارة بداخلها عنصران من الجهاز الأمني التابع لـ"هيئة تحرير الشام"، وأطلقوا النار عليهما بشكل مباشر، ما أسفر عن مقتل عنصر وإصابة الآخر بجروح خطيرة، مشيراً إلى أن عناصر هذا الحزب أحرقوا السيارة بعد ذلك.
وشملت حملة اعتقالات الهيئة مدينة إدلب وقرية دير حسان وبلدة كللي شمال إدلب، وجبل الزاوية وأريحا جنوب إدلب، بالإضافة إلى بلدة الأتارب وقرية السحارة غرب حلب ومناطق أخرى تحت سيطرة هذه الهيئة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تنفذ فيها "هيئة تحرير الشام"، سلطة الأمر الواقع في شمال غرب سورية، حملة اعتقالات بحق أعضاء في "حزب التحرير"، الذي يروّج لخطاب يدعو إلى "إحياء الخلافة الإسلامية" ويعرف بآراء متشددة. ولا يملك هذا الحزب أي تأثير في المشهدين الثوري والعسكري في الشمال السوري، ولا يملك تأثيراً على نحو 4 ملايين يقطنون في مناطق سيطرة الهيئة في إدلب أو الفصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي.
وتعود جذور حزب "التحرير" إلى منتصف القرن المنصرم، حيث ظهر في مدينة القدس، وظهر في سورية بشكل واضح في العام الثاني من الثورة السورية، بيد أنه لم يعمل على تشكيل فصيل مسلح يتبع له.
أسباب الحملة رغم التأثير المحدود
وحول دافع الهيئة للقيام بحملة الاعتقالات رغم التأثير المحدود لحزب "التحرير"، بيّن كاتب فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بالسلامة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ""هيئة تحرير الشام" تريد أولاً تثبيت سلطتها في الشمال الغربي السوري، وثانيا تريد الخروج من تصنيفها تنظيماً إرهابياً من خلال القيام بحملات ضد مجموعات وتنظيمات أكثر تطرفاً".
وتابع: "يريد أبو محمد الجولاني (زعيم الهيئة) إرسال رسائل للفاعلين في الملف السوري أنه قادر على إدارة ملفات الكيانات السوداء الموجودة في مناطق سيطرته". وبيّن الكاتب المقيم في ريف حلب أن "نشاط حزب التحرير ازداد في الآونة الأخيرة ضد (هيئة تحرير الشام)، وخاصة لجهة الهدوء على جبهات القتال ضد قوات النظام".
ولفت المصدر ذاته إلى أن هذه الاعتقالات "تهدف إلى إسكات كل الأصوات المخالفة والمعارضة"، مشيراً إلى أن "حملة الاعتقالات جاءت بعد أيام قليلة من فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على قيادي في الهيئة، وهو عمر الشيخ الملقب بأبو أحمد زكور".
ووفق بيان صدر مطلع الشهر الجاري، قالت وزارة الخزانة الأميركية إن الشيخ يشغل منصباً قيادياً في "هيئة تحرير الشام" بصفته عضواً في مجلس الشورى، وأميراً على قطاع حلب، والمشرف على المحفظة الاقتصادية للهيئة في الخارج وعلى أذرعها المالية.
وكانت واشنطن صنفت "جبهة النصرة" في عام 2012 ضمن لوائح الإرهاب. وحاولت الجبهة الخروج من دائرة هذا التصنيف من خلال الإعلان عن فك الارتباط بتنظيم "القاعدة" في عام 2016 وتغيير اسمها أكثر من مرة، إلا أن جهودها لم تفلح، حيث أكدت الإدارة الأميركية أن الجبهة لا تزال "كياناً إرهابياً".