أسبوع يفصل لجنة المسار الدستوري في ليبيا عن الجولة الثالثة من اجتماعاتها، وسط رهانات كبيرة في الانتظار، خصوصا أن المستشارة الأممية في ليبيا، ستيفاني وليامز، وصفت اجتماعات اللجنة الدستورية بـ"الفرصة الأخيرة لتحقيق توقعات الشعب الليبي وإحراز تقدم ملموس".
وشكلت اللجنة الدستورية بالمناصفة بين مجلسي النواب والدولة، من أجل إيجاد مسار يفضي إلى انتخابات مؤجلة منذ نهاية العام الماضي، من المنتظر أن تنهي كل الأجسام السياسية القديمة في ليبيا، إن أفلح الليبيون في إنجازها.
ورغم انتهاء أعضاء اللجنة من جولتين من مشاورات المسار الدستوري في القاهرة، وإعلان وليامز في نهاية الجولة الثانية عن توافق اللجنة على 137 مادة من مواد مشروع الدستور (يتكون مشروع الدستور من 197 مادة)، إلا أنه ينتظر أن تتواصل المشاورات حول ما تبقى من مواد في مشروع الدستور خلال الجولة الثالثة، التي ستنعقد يوم 11 يونيو/ حزيران الجاري وسط تحديات واختلافات لا تزال تحيط بهذا المسار.
ومن بين تلك التحديات طبيعة تشكيل اللجنة، إذ إن ممثلي الطرفين من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، جرى اختيارهم بناء على خريطتين متضاربتين، الأولى اعتمدها مجلس الدولة بناء على مبادرة وليامز، من أجل صياغة قاعدة دستورية للانتخابات، فيما اعتمد مجلس النواب خريطة تقوم أساسا على تعديل مواد مسودة الدستور، المقرة من الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عام 2017، وطرحها للاستفتاء.
وتعليقا على مستجدات المسار الدستوري، يقول عضو لجنة المسار الدستوري عن مجلس الدولة عبد القادر حويلي، لـ"العربي الجديد"، إن "مسار اللجنة أخد منحى معتدلاً بين الطريقين".
وقال إن مبادرة وليامز رفضت من قبل مجلس النواب، فيما رفضت خريطة النواب من مجلس الدولة، لهذا كان المسار هو صياغة وثيقة دستورية تقام على أساسها دورة انتخابية واحدة، وتسير بناء عليها المرحلة الانتقالية، حيث يترك أمر الاستفتاء على الدستور للسلطة التشريعية الجديدة.
وعلى النقيض من توضيح حويلي، قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال اجتماع سرت الثلاثاء الماضي، إن العمل جار على صياغة دستور جديد للبلاد، سيعرض على الشعب للاستفتاء عليه، وصولاً إلى انتخابات شاملة في أقرب وقت ممكن، وذلك نتيجةً لمشاورات اللجنة الدستورية. ويطرح هذا التباعد جملة أسئلة حول إمكانية وصول اللجنة الدستورية إلى اتفاق.
وينفي حويلي "وجود نصوص في الاتفاق السياسي تمنح مجلسي النواب والدولة سلطة طرح المسودة بعد تعديلها للاستفتاء"، ويضيف أن ذلك "لا يأتي إلا إذا صوتت هيئة الدستور على المسودة المعدلة من جديد قبل طرحها، وفي حال عدم موافقة الهيئة، تعتبر نصوص المسودة المعدلة قاعدة دستورية".
ويتوقع حويلي وصول اللجنة إلى اتفاق على باقي مواد مسودة الدستور، نافيا وجود أي ضغوط على عمل اللجنة، حتى من مصر، "الدولة المستضيفة اجتماعاتها".
وبحسب تصريحه، فإن الخلاف الأكبر بين طرفي اللجنة يكمن حول "شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة"، وكذلك "الأحكام الانتقالية" التي ستبين دور السلطات الحالية إلى حين الوصول إلى انتخابات.
وفي هذا الشأن، يطرح حويلي اقتراحا، رجح أن يحمله أعضاء اللجنة من طرفهم إلى اجتماعات القاهرة في حال وافق عليه مستشارو مجلس الدولة في اجتماعهم القادم قبل التوجه إلى القاهرة، ويقضي بـ"طرح استفتاء شعبي حول شروط الترشح".
ويستبعد حويلي مناقشة الصراع الحاصل بين حكومتي الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والمكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، ضمن عمل اللجنة، متوقعا أن التطرق إلى هذا الشأن قد يكون "بعد التوافق على الوثيقة الدستورية".
في الجهة المقابلة، قال عضو مجلس النواب خير الله التركاوي، لـ"العربي الجديد"، إن نسبة المواد المتفق عليها في مشروع الدستور "مسيسة ومبالغ بها"، وإن الخلاف بين المجلسين "أعمق من ذلك"، مرجحًا عدم الوصول إلى توافق بين طرفي اللجنة الدستورية من المجلسين.
وأوضح التركاوي أن "الإشكالية والعقبات كبيرة، إضافة إلى أجواء عدم الثقة، وخير دليل هو تغيب رؤساء المناصب السيادية عن الاجتماع الأخير الذي دعا إليه مجلس النواب في سرت الثلاثاء الماضي، هذا عدا عن تعرض أعضاء اللجنة لضغوطات خارجية بشكل غير مباشر".
وحول السيناريو المتوقع في حال استمر الخلاف، قال التركاوي: "هذا السيناريو لا يملكه الليبيون ولا حتى العرب"، في إشارة الى وجود نفوذ لعواصم كبرى في مسارات حل الأزمة الليبية.
وفيما أعلن مجلس الدولة عن اجتماع رئيسه خالد المشري بممثلي المجلس في اللجنة الدستورية، لبحث نتائج مشاوراتهم مع نظرائهم من ممثلي مجلس النواب، لم تدعُ رئاسة مجلس النواب إلى اجتماع مماثل حتى الآن، ليبقى قرار مجلس النواب بشأن المسار الدستوري حبيس كواليس ودهاليز عقيلة صالح وحلفائه في المجلس.