أفغانستان: 4 انفجارات تهزّ منطقة قريبة من موقع انعقاد اجتماع قبلي يشارك فيه زعيم "طالبان"
هزّت أربعة انفجارات منطقة كوتي سنكي القريبة من موقع انعقاد اجتماع رجال الدين والزعامات القبلية الأفغانية في أفغانستان، والذي يشارك فيه الزعيم الأعلى لحركة طالبان هبة الله أخوند زادة، في ظهور يُعتبر نادراً.
وأفاد مراسل "العربي الجديد"، اليوم الجمعة، بأن القوات التابعة لـ"طالبان" أغلقت الطرق المحيطة بمكان وقوع الانفجارات، ومنعت الوصول إليها، في وقت شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد في المنطقة.
وقال مصدر في وزارة الداخلية الأفغانية لـ"العربي الجديد"، إن الانفجارات وقعت نتيجة تفجير أسطوانات غاز.
وانضم الزعيم الأعلى لحركة طالبان هبة الله أخوند زادة، في وقت سابق اليوم الجمعة، إلى تجمع كبير للزعماء الدينيين على مستوى البلاد في كابول، بهدف مناقشة قضايا الوحدة الوطنية.
وقال أخوند زادة في كلمته خلال الاجتماع: "نريد السلام والأمن في ربوع العالم، ولن نشكل تهديداً لأمن أي دولة، ذلك لأن دين الإسلام دين السلام والأمن والاستقرار، وهو يعلّمنا الحفاظ على مال الناس، ولكن ما قبلنا ولن نقبل الوصاية من أي جهة".
وهنأ زعيم "طالبان" الشعب الأفغاني على ما وصفه بـ"إنهاء الاحتلال ونصرة الإسلام والمسلمين"، قائلاً إن الشعب الأفغاني قدّم في هذا الخصوص تضحيات كبيرة، مشيداً بدور الشعب الأفغاني في الدفاع عن سيادة الدولة، ومشيراً إلى أن مسلمي العالم خلال فترة مقاومة الاحتلال قاموا بتأييد "طالبان"، ونحن نشكرهم على ذلك.
وشدد زعيم "طالبان" على أن الصراع بين الحق والباطل مستمرّ، مضيفاً: "لن نتنازل عن ديننا وعن أصولنا الدينية والشرعية، ولن نساوم في هذا الشأن"، مؤكداً أن حكومة "طالبان" تطبّق الشريعة، وسيتم تنفيذ الحدود والقوانين الشرعية كلها، وستكون هناك ردود أفعال مختلفة وسيستمر ذلك، ولكن الأهم لنا هو تطبيق حكم الله.
وقال: "لن نقبل وصاية أحد، نحن اليوم نسيطر على هذه البلاد بعد أن قدم الشعب الأفغاني تضحيات كبيرة"، لافتاً إلى أن ما كان يخيفه قبل خروج القوات الأميركية من أفغانستان هو الحرب الأهلية بعد خروجها، و"لكن الحمد لله أنه لم يحدث ذلك".
وأوضح أن طوال عقدين ماضيين كان الهدف إخراج المحتل وليس قتل الأفغان، إذ إن قتل المسلمين جريمة كبيرة، "لذا لم يكن هدفنا قتل الأفغان لا في السابق ولا الآن، ولهذا أعلنّا العفو العام لكل المسؤولين في الحكومة السابقة"، وفق تأكيده.
وتابع أخوند زادة: "نحن نعمل من أجل العدالة وتطبيق الشرع في أفغانستان، لذا لن نقبل أي نوع من التفرقة في البلاد على أساس القوم والعصبية"، مشيرا إلى أن بلادنا بحاجة إلى وئام، لذا عفونا عن جميع من ارتكب الجرائم في السابق، ولكن لن نعطي فرصة العمل في الحكومة لمن ارتكب الجرائم.
وشدد على أنه بعد إخراج القوات الأميركية على يد "طالبان" والشعب الأفغاني، لن نقبل بمجيء أي قوة إلى أرض أفغانستان كمحتل، لافتاً إلى أن هناك حملة إعلامية ضد الحركة، ومحاولة لخرق الصف، غير أن تلك الحملة ستفشل كما فشلت الحملة العسكرية.
وطلب زعيم "طالبان" من جميع التجار وأصحاب الأموال أن يعملوا من أجل تحسين الحالة الاقتصادية.
وإذ طلب من جميع السياسيين خارج البلاد أن يعودوا إلى أفغانستان و"يعملوا معنا"، خاطب جيران بلاده، بالقول: "أقول لدول المنطقة ألا تخاف من حكومة طالبان، نحن كما نريد الأمن والسلام في بلادنا، هكذا نريده للآخرين".
وعندما كشفت الحركة عن حكومتها المؤقتة في سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة، احتفظ أخوند زادة الغامض بدور المرشد الأعلى الذي شغله منذ عام 2016، وهو أعلى سلطة في الحركة، لكنه نادراً ما يظهر علناً.
وانطلق في العاصمة الأفغانية كابول، أمس الخميس، اللقاء الذي يستمر ثلاثة أيام، والذي يضمّ رجال الدين والزعامات القبلية، بهدف تقييم أداء حكومة "طالبان" وتقديم المشورة لها. ويشارك في الاجتماع، وهو شبيه بالاجتماع التقليدي "لويا جيرغا"، ما يقرب من 3500 من علماء الدين ورموز القبائل، منهم ممثلون عن اللاجئين الأفغان في باكستان وإيران، ومن دول أخرى.
وفي وقت من الأوقات، كان يمكن سماع دوي إطلاق نار متواصل بالقرب من موقع التجمع، وقال متحدثون باسم "طالبان" إنه نتج عن إطلاق رجال الأمن النار على "موقع مريب"، وأضافوا أن الوضع تحت السيطرة.
وطالب واحد على الأقل من المشاركين بفتح المدارس الثانوية للبنات، ولكن لم يتضح مدى الدعم الذي يناله هذا الاقتراح، وفق "رويترز".
وألقى نائب زعيم "طالبان" والقائم بأعمال وزير الداخلية سراج الدين حقاني كلمة أمام الاجتماع اليوم، قائلاً إن العالم يطالب بحكومة شاملة وتعليم شامل، وإن هذه القضايا تحتاج إلى وقت، مشيراً إلى أن "هذا التجمّع يتعلق بالثقة والتفاعل. نحن هنا لنصنع مستقبلنا وفقاً للإسلام والمصالح الوطنية".
وتراجعت حركة طالبان عن إعلان سابق بأن جميع المدارس ستفتح في مارس/ آذار، مما تسبب في بكاء العديد من الفتيات اللواتي حضرن إلى مدارسهن الثانوية وأثار انتقادات من الحكومات الغربية التي تقوض عقوباتها الصارمة الاقتصاد الأفغاني بشدة.
وشدد المتحدث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد على احترام قرارات أولئك الذين حضروا الاجتماع، لكن الكلمة الأخيرة في تعليم الفتيات تعود إلى المرشد الأعلى، كما قال.
وقضى أخوند زادة، رجل الدين المتشدد الذي كان ابنه انتحارياً، معظم فترة زعامته في الظل، مما سمح لآخرين بأخذ زمام المبادرة في المفاوضات التي شهدت في نهاية المطاف رحيل الولايات المتحدة وحلفائها عن أفغانستان في أغسطس/ آب الماضي بعد حرب طاحنة على التشدد استمرت 20 عاماً.