لم يكف الأوساط الصهيونية المؤيدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي بالخارج طردها الأسير المقدسي المحامي صلاح حسن الحموري إلى فرنسا التي يحمل جنسيتها أواخر العام الماضي، وما سبق ذلك من اعتقالها له إدارياً والتجسس على هاتفه ومراقبته، بل أصبحت حتى مشاركته في فعاليات ثقافية مصدر حنق بالنسبة لهم، مع التشويش عليه بأي وسيلة كانت.
وذكرت في هذا الصدد وكالة "فرانس برس" أن مؤتمراً شارك فيه الحموري بإحدى جامعات باريس الثلاثاء الماضي أثار جدلاً، إثر مشاحنات تلت "احتجاج" عشرات الطلاب اليهود المنحازين للاحتلال على وجوده. ويظهر من مشاهد الحادث التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي اقتحام أنصار الاحتلال الإسرائيلي للقاعة التي كانت تحتضن مداخلة الحموري، وقيامهم بمنع المؤتمر من خلال الصراخ والتدافع أمام القاعة من أجل اقتحامها مرددين "اخرج"، بينما تلقى لكْمة شخص واحد على الأقل.
وقالت "فرانس برس" إن المشاركين في الفعالية، الذين تصدوا للمقتحمين، انتقدوا وجود "متطرفين" أتوا لفرض "رقابة" على "انتقاد السياسات الإسرائيلية"، بينما ندد المنحازون للاحتلال الإسرائيلي بما وصفوه بأنه "كراهية اليهود" و"معاداة السامية" و"داعمي الإرهاب الفلسطيني".
‼️ Des individus ont tenté d’interrompre le témoignage de Salah Hamouri ce soir à l’EHESS.
— Liberté pour Salah Hamouri (@LiberezSalah) April 18, 2023
Les personnes présentes leur ont demandé de partir et beaucoup sont très choquées par le trouble créé par ces censeurs. pic.twitter.com/3vmHQgwuEq
وسبق أن ألغت بلدية ليون في يناير/ كانون الثاني الماضي ندوة للحموري، متحججة بحرصها على "الوئام" في المدينة في مواجهة "توترات شديدة".
ونقلت "فرانس برس" عن رئيس "جمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية"، برتران هيلبرون، أسفه على "اصطفاف متزايد ومهم للدولة الفرنسية مع الحكومة الإسرائيلية"، مشيرا إلى أن الحموري قام في السابق "بجولة في كل مكان (في فرنسا) ولم يطرح ذلك أي مشكلة على الإطلاق".
ويندد الحموري بمضايقات من قبل داعمي الاحتلال الإسرائيلي الذين يرغبون في "إسكاته" وصولاً إلى "وزارة الداخلية" حتى.
وقال رئيس "اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا" سامويل لوجويو لوكالة "فرانس برس" إن مؤتمر صلاح الحموري يشكل "استيراداً بغيضاً للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ما يسمم حياة الطلاب اليهود في فرنسا"، مندداً بما وصفه بأنه "تطرف المعسكر المؤيد للفلسطينيين".
من جانبها، قالت النائبة من حزب "فرنسا الأبية" ارسيلا سودايسو، وهي أيضا نائبة رئيس مجموعة دراسة في البرلمان حول "معاداة السامية" إن هذا الاتهام "مضحك"، مؤكدة "هذه دائماً الحجة التي يستخدمونها".
وصلاح الحموري ناشط حقوقي ومحامٍ، متزوج من فرنسية وأب لطفلين، وهو أسير سابق تحرر ضمن الدفعة الثانية لصفقة "وفاء الأحرار" التي أبرمتها حركة "حماس" عام 2011، وتعرض بعدها لمضايقات كبيرة على يد سلطات الاحتلال، حيث مُنع من دخول الضفة الغربية، واعتُقِل إدارياً، وأُبعِد عن القدس، وسُحبت الهوية المقدسية منه، بالإضافة إلى إبعاد زوجته وطفله الوحيد عن فلسطين إلى فرنسا.
يُذكر أن الحموري كان قد أمضى في الاعتقال أكثر من 9 سنوات، على فترات متقطعة عدة، الأولى عام 2001 لمدة 5 أشهر، وفي عام 2004 حوّلته سلطات الاحتلال للاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر، ثم اعتُقل لمدة 7 سنوات عام 2005، وفي عام 2017 أعادت سلطات الاحتلال اعتقاله إدارياً لمدة 13 شهراً، كذلك منعته من دخول الضفة الغربية لمدة عامين.
وتعرض الحموري لحملة ممنهجة من قبل سلطات الاحتلال، بدءاً من اعتقاله الإداري والتعسفي والتجسس على هاتفه ومراقبته، ووصولاً إلى سحب إقامته المقدسية، إذ إنه خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، صدّق المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ووزير القضاء الإسرائيلي على قرار سحب هوية الحموري، وحرمانه الإقامة في القدس بحجّة "خرق الولاء" لدولة الاحتلال.
وكان الحموري قد قال في تصريح لـ"العربي الجديد" بعد ترحيله لفرنسا "صحيح أنني خرجت من الجبهة الأمامية في مقارعة الاحتلال بأرض الوطن، لكنني سأكون في موقع أستطيع فيه دعم نضال شعبي ومواجهة الاحتلال في ساحتي الخارجية، ساحة لا تقل أهمية عن ساحة الداخل، ولذا يجب العمل عليها والنهوض بها من أجل محاصرة الاحتلال في كل مكان".
وأضاف كذلك "أينما وجدنا سنكون مشروع مقاومة، بالنسبة لنا فلسطين هي قضية وليست جغرافيا، وفي النهاية أنا أعلم أن النفي هو جزء من استراتيجية الاحتلال، لكننا أيضاً كشعب فلسطيني نمتلك استراتيجية نضالية للضغط على الاحتلال من أجل انتزاع حقوق شعبنا الوطنية والتاريخية".
وسبق أن نددت الأمم المتحدة بقيام الاحتلال الإسرائيلي بطرد صلاح الحموري بعد اعتقاله إداريا منذ مارس/ آذار من دون توجيه اتهام رسمي إليه، واصفة الإجراء بأنه "جريمة حرب".
وقال المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة جيريمي لورنس إن "القانون الإنساني الدولي يمنع طرد الأشخاص المحميين من أرض محتلة ويحظر صراحة إكراه هؤلاء الأشخاص على إعلان الولاء لقوة الاحتلال".
وأضاف في بيان أرسل إلى وسائل الإعلام أن "طرد شخص محمي من أرض محتلة هو انتهاك خطير لشرعة جنيف الرابعة ويشكل جريمة حرب".