أوكرانيا تربط خروج قواتها من كورسك بـ"سلام عادل" وواشنطن تنفي المشاركة في التوغل

13 اغسطس 2024
قوات أوكرانية في منطقة سومي قرب الحدود الروسية، 13 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **التوغل الأوكراني في كورسك**: أعلنت أوكرانيا أنها لن تحتفظ بالأراضي الروسية التي استولت عليها في كورسك، وعرضت وقف الهجمات إذا وافقت موسكو على "سلام عادل". سيطرت كييف على نحو عشرين بلدة وقرية، مؤكدة أنها تسيطر على حوالي ألف كيلومتر مربع من الأراضي الروسية.

- **ردود الفعل الروسية والدولية**: أعلنت روسيا تصديها لهجمات جديدة في كورسك، ودمرت 14 طائرة مسيرة. نفت الولايات المتحدة مشاركتها في التخطيط للهجوم الأوكراني، وأشار رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي إلى دعم غربي للهجوم.

- **الوضع الإنساني والعسكري**: فرّ أكثر من 120 ألف شخص من كورسك، وأعلنت أوكرانيا قيوداً على تحركات المدنيين في سومي. كثفت روسيا هجماتها في شرق أوكرانيا، حيث شنت 52 هجوماً في بوكروفسك خلال 24 ساعة.

أعلنت أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، أنها لن تبقي الأراضي الروسية التي استولت عليها خلال عمليتها المفاجئة، عبر الحدود في منطقة كورسك تحت سيطرتها، وعرضت وقف الهجمات إذا وافقت موسكو على "سلام عادل"، فيما ذكر نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي مرحلة من مراحل التحضير أو التخطيط للتوغل الأوكراني داخل روسيا.

وباغتت كييف موسكو بإرسال آلاف القوات إلى كورسك بغرب روسيا في السادس من أغسطس/ آب الجاري، لتسيطر على نحو عشرين بلدة وقرية في أكبر هجوم لجيش أجنبي على الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية. وأعلنت روسيا، الثلاثاء، أنها تصدّت لهجمات جديدة في كورسك. وقد فرّ أكثر من 120 ألف شخص من المنطقة، وأفاد قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي، الاثنين، بأن قواته باتت تسيطر على حوالي ألف كيلومتر مربّع من الأراضي الروسية.

وسيطرت أوكرانيا حتى الاثنين على 800 كيلومتر مربّع على الأقل من الأراضي الروسية، وفق تحليل أجرته "فرانس برس" لبيانات "معهد دراسة الحرب" ومقره واشنطن. وأفاد الناطق باسم الخارجية الأوكرانية جورجي تيخي، الثلاثاء، بأن كييف غير مهتمة بـ"السيطرة" على أراض روسية، ودافع عن تحرّكات أوكرانيا باعتبارها "مشروعة تماماً". وقال للصحافيين إن "سرعة موافقة روسيا على سلام عادل.. ستعجل في وقف هجمات قوات الدفاع الأوكرانية على روسيا".

تزامناً، قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية اليوم إن هناك قيوداً على تحركات المدنيين بعمق 20 كيلومتراً داخل منطقة سومي في شمال شرق البلاد على الحدود مع روسيا. وأوضحت في بيان أن الإجراء ضروري بسبب احتدام القتال وتنشيط روسيا مجموعات في المنطقة بهدف التخريب والاستطلاع. وأضافت الهيئة أن الإجراء مؤقت، وأن سكان المنطقة المفروض عليهم القيود والتي لها حدود مع منطقة كورسك الروسية لا يزال بإمكانهم الوصول إلى منازلهم بإظهار ما يدل على قيامهم بتسجيل هوياتهم.

في المقابل، ذكرت وكالات أنباء روسية، اليوم، أن وحدات الدفاع الجوي الروسية دمرت 14 طائرة مسيّرة أطلقتها أوكرانيا خلال الليل، مستهدفة كورسك وفارونيش وبيلغورود. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع أن 12 طائرة مسيّرة دُمرت فوق منطقة كورسك الحدودية وواحدة فوق فارونيش وأخرى فوق بيلغورود. ولم ترد معلومات عن إجمالي عدد الطائرات المسيّرة التي أطلقتها أوكرانيا خلال الليل.

كما ذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها "أحبطت محاولات مجموعات متحركة تابعة للعدو على متن مركبات مدرعة، تحقيق اختراق في عمق الأراضي الروسية". وأعلن رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (إف إس بي) ألكسندر بورتنيكوف، في بيان، أن أوكرانيا نفّذت الهجوم "بدعم جماعي من الغرب".

"تهاون" روسي في كورسك

منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، سيطرت موسكو على مناطق في جنوب وشرق أوكرانيا فيما تعرضت المدن الأوكرانية لوابل من الضربات الصاروخية وبالمسيّرات. وكان الهجوم الأوكراني أكبر تحرّك عبر الحدود منذ الغزو وشكّل مفاجأة لروسيا. وقال جندي أوكراني شارك في الهجوم وعرّف عن نفسه باسم روجيك لفرانس برس من منطقة سومي: "لم يحموا الحدود. لم تكن لديهم غير ألغام مضادة للجنود مزروعة حول الأشجار على حافة الطريق، وبضعة ألغام نجحوا في إلقائها سريعاً على طول الطرق السريعة".

وقال عسكري أوكراني عرّف عن نفسه باسم فاراون (27 عاماً) في تصريحات مقتضبة لوكالة فرانس من أمام طريق في غابة يقود إلى الحدود من دون تقديم تفاصيل: "رأيت عدداً كبيراً من القتلى في الأيام الأولى. كان الأمر مروعاً في البداية، لكننا نعتاد على ذلك". وقال المحلل العسكري الأوكراني ميكولا بيليسكوف لفرانس برس: "طغى التهاون الروسي". وأضاف "افترضت روسيا أنها إن كانت تمسك بزمام المبادرة في مكان آخر، فلن تجرؤ أوكرانيا على القيام بما شهدناه"، في إشارة إلى شهور من التقدّم الروسي التدريجي على طول الحدود.

وأظهرت أرقام "معهد دراسة الحرب" أن القوات الروسية سيطرت على 1360 كيلومتراً مربّعاً من الأراضي الأوكرانية منذ مطلع عام 2024. وتعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"إخراج" القوات الأوكرانية. وقال بوتين في اجتماع بثه التلفزيون مع مسؤولين، الاثنين، إن "أحد أبرز أهداف العدو هو زرع الانقسام" داخل المجتمع الروسي "وتقويض وحدة المجتمع الروسي وتماسكه". واعتبر أن كييف تسعى إلى "تحسين موقفها التفاوضي" في أي محادثات مقبلة مع موسكو.

وأعلن حاكم المنطقة بالوكالة أليكسي سميرنوف في الاجتماع نفسه أن القوات الأوكرانية توغلت في المنطقة على عمق 12 كيلومتراً على الأقل، وباتت الجبهة حالياً تمتد على 40 كيلومتراً. وأقرّت روسيا في وقت سابق بأن القوات الأوكرانية دخلت إلى الأراضي الروسية لمسافة تصل إلى 30 كيلومتراً في بعض الأماكن.

وصرح مسؤول أمني أوكراني لفرانس برس نهاية الأسبوع بأن بلاده تسعى "إلى الضغط على مواقع العدو، وإلحاق أكبر قدر من الخسائر به، وزعزعة استقرار الوضع في روسيا، إذ إنهم غير قادرين على حماية حدودهم". وكشف المسؤول، الذي اشترط عدم كشف هويته، أن آلاف الجنود الأوكرانيين يشاركون في العملية.

روسيا تكثّف هجماتها شرقي أوكرانيا

في الأثناء، قالت السلطات العسكرية إن الجيش الروسي يكثف هجماته في شرق أوكرانيا، في الوقت الذي تحاول فيه قوات الكرملين وقف التوغل المفاجئ لقوات كييف في الأراضي الروسية. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، اليوم الثلاثاء، إن القوات الروسية شنّت 52 هجوماً خلال الـ 24 ساعة الماضية في منطقة بوكروفسك، وهي بلدة تقع في منطقة دونيتسك الأوكرانية بالقرب من خط المواجهة. وهذا يمثل ضعف عدد الهجمات اليومية هناك قبل أسبوع.

ويرى محللون أن الدافع وراء هجوم كورسك ربما كان رغبة أوكرانيا في تخفيف الضغط عن خط المواجهة، من خلال محاولة جر قوات الكرملين للدفاع عن كورسك وغيرها من المناطق الحدودية. وإذا كان الأمر كذلك، فإن الضغط المتزايد حول بوكروفسك يشير إلى أن موسكو لم تبتلع الطعم.

وقال مسؤولون روس إن نحو 121 ألف شخص جرى إجلاؤهم من كورسك أو فروا من المناطق المتضررة من القتال بمفردهم. وقال معهد دراسات الحرب إنه شاهد لقطات جغرافية تشير إلى أن القوات الأوكرانية تقدمت لمسافة تصل إلى 24 كيلومتراً من الحدود. وبدا أن وزارة الدفاع الروسية تدعم هذا الادعاء عندما قالت اليوم الثلاثاء إنها صدت هجوماً شنّته وحدات من "اللواء 82" للهجوم الجوي التابع للقوات المسلحة الأوكرانية باتجاه ماريينكا، التي تبعد المسافة نفسها تقريباً عن أوكرانيا.

وأظهر التلفزيون الروسي الرسمي، اليوم الثلاثاء، سكان المناطق الذين تم إجلاؤهم وهم يصطفون في طوابير في المباني وفي الشارع لتلقي الطعام والماء. وشوهد متطوعون يوزعون أكياس المساعدات، في حين كان مسؤولون من وزارة حالات الطوارئ في البلاد يقدمون المساعدة للنازحين.

وقال رجل مسن، يدعى ميخائيل، للتلفزيون الرسمي الروسي: "لا يوجد كهرباء، ولا اتصال، ولا ماء. لا يوجد شيء. الأمر كما لو أن الجميع طاروا إلى كوكب آخر، وتركوك وحدك. وتوقفت الطيور عن الغناء. تحلق المروحيات والطائرات فوق الفناء وتتطاير القذائف. ماذا يمكننا أن نفعل؟ لقد تركنا كل شيء خلفنا". وقال بوتين إن الدافع وراء توغل أوكرانيا الجريء في روسيا هو إثارة الاضطرابات، لكنه قال إن هذه الجهود ستفشل.

وقال المحلل في مؤسسة "كارنيغي"، دارا ماسيكوت، إن الاختراق الأوكراني كان خطوة ذكية، لأنه استغل الفجوات بين القيادات الروسية المختلفة في كورسك: حرس الحدود وقوات وزارة الدفاع والوحدات الشيشانية التي كانت تقاتل إلى جانب روسيا في الحرب. وأشار ماسيكوت في وقت متأخر أمس الاثنين إلى أن القيادة والسيطرة الروسية منقسمة في كورسك.

(فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس)