استمع إلى الملخص
- الهجوم يأتي في ظل تصاعد الأنشطة العسكرية الإيرانية في سورية، مع تحركات لتجنب الضربات الإسرائيلية، واستهداف مناطق قريبة من القوات الروسية والسورية.
- الغارة تعكس استراتيجية إسرائيل لمنع تموضع إيران العسكري في سورية، في سياق تكثيف عملياتها ضد الأهداف الإيرانية وحزب الله، مؤكدة المراقبة الإسرائيلية الدقيقة للساحة السورية.
شهدت بلدة حيان، ليل الأحد الاثنين، أول غارة إسرائيلية على ريف حلب الشمالي، في مؤشر واضح على أن الحرس الثوري الإيراني نقل نشاطه إلى مواقع لم تكن تحت المجهر الإسرائيلي سابقاً، من أجل تفادي الهجمات التي ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة، خصوصاً في وسط سورية. وقُتل وأُصيب العشرات من عناصر مليشيات إيرانية في ريف حلب الشمالي منتصف ليل الأحد ـ الاثنين، من جراء أول غارة إسرائيلية على ريف حلب الشمالي، والتي استهدفت بلدة حيان الواقعة على بعد عشرة كيلومترات شمال مدينة حلب. كما أفادت وكالة تسنيم الإيرانية، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، أمس، بمقتل مستشار من الحرس يُدعى سعيد أبيار جراء الهجمات.
من جهتها نقلت وكالة سانا الرسمية السورية عن مصدر عسكري تأكيده مقتل عدة أشخاص بالاستهداف الجوي الإسرائيلي الذي هاجم من اتجاه جنوب شرقي حلب مستهدفاً بعض المواقع في محيط المدينة حلب، وفق قوله.
وائل علوان: تحاول طهران تغيير تموضعها العسكري في سورية لتفادي الضربات الإسرائيلية
أول غارة إسرائيلية على ريف حلب الشمالي
وقال مصدر محلي لـ"العربي الجديد" إن أول غارة إسرائيلية على ريف حلب الشمالي استهدفت معملاً لصنع السجاد في بلدة حيان تستولي عليه المليشيات الإيرانية، مرجحاً أنه يستخدم لأغراض عسكرية.من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 16 من عناصر المليشيات الموالية لإيران من السوريين وغير السوريين، مشيراً إلى أن الاستهداف طاول "في ريف حلب الشمالي مصنعاً لصهر النحاس ومستودعاً للأسلحة تابعاً للمليشيات الموالية لإيران بين بلدتي حيان والطامورة". وأوضح أنه "تقع بالقرب من المواقع المستهدفة نقاط للقوات الروسية وحواجز عسكرية تابعة للفرقة الرابعة (تابعة لقوات النظام)"، مؤكداً أن "عدداً من العناصر مصاب بحالة حرجة، مما يرجح ارتفاع حصيلة القتلى". وهي المرة الأولى التي بلغ فيها القصف الإسرائيلي مناطق ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة قوات النظام والمليشيات الإيرانية في أجزاء منها، تحديداً بلدتي نبّل والزهراء، الواقعتين قرب مكان الاستهداف. وكشفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن "عدد القتلى ربما يتجاوز الـ30 في القصف، من بينهم عناصر محلية من بلدتي نبّل والزهراء". وسبق أن اتخذت المليشيات الإيرانية من عدة بلدات في ريف حلب الشمالي مثل حيان، التي سيطرت عليها قبل عدة سنوات، خطوط دفاع عن نبّل والزهراء.
وتعليقاً على أول غارة إسرائيلية على ريف حلب الشمالي، رأى الباحث في مركز "جسور" وائل علوان في حديث إلى "العربي الجديد"، أن "القصف الذي طاول بلدة حيان، شمالي حلب، دليل على المتابعة الحثيثة والمستمرة من قبل إسرائيل للوجود العسكري الإيراني في سورية". واعتبر أنه "كما يبدو تحاول طهران تغيير تموضعها العسكري في سورية لتفادي الضربات الإسرائيلية والتمويه، لكن تل أبيب ترصد هذه المحاولات". وتابع: "إسرائيل لا تستهدف بالضربات الوجود الإيراني بحد ذاته، ولكن تستهدف اجتماعات قيادية، تحديداً القادة المعنيين بالتشبيك بين سورية ولبنان والفصائل الفلسطينية، كذلك تستهدف عمليات شحن الأسلحة المتطورة التي ترى أنها ربما تشكل خطراً على أمنها القومي، ومن ثم فإن الهجوم على بلدة حيان يندرج ضمن هذا السياق".
من جانبه، أوضح الباحث العسكري ضياء قدور في حديث إلى "العربي الجديد"، أن "بلدة حيان خالية من السكان، بعد تهجير أهلها على يد المليشيات الإيرانية قبل سنوات"، مشيراً إلى أن لحزب الله وجوداً قوياً في البلدة. وتابع: "هذا العدد الكبير من القتلى والمصابين دليل على الحضور الإيراني الكبير في المنطقة، رغم أنها لا تُعتبر استراتيجية ولا تقع على طريق التهريب البري". وأوضح أنه "من وجهة نظر عسكرية، تُعتبر مناطق شمال سورية منطقة آمنة بعيدة نسبياً عن الغارات الإسرائيلية، فهي الأقل تعرضاً للهجمات بعد مناطق شرقي سورية". وفسّر قدور كلامه بالقول: "الطيران الإسرائيلي يضطر لإجراء مناورات عسكرية للالتفاف عبر الحدود الثلاثية العراقية السورية والأردنية حتى تصل صواريخه إلى هناك (شمالي سورية)، أو المخاطرة عبر شواطئ المتوسط بعد التأكد من أن الدفاعات الروسية في حميميم لن يتم تفعيلها".
رشيد حوراني: تهدف إسرائيل إلى عدم السماح لإيران ببناء قوة لها في سورية
هدف الضربات الإسرائيلية
أما الباحث العسكري رشيد حوراني، فرأى في حديث إلى "العربي الجديد"، أن إسرائيل "تهدف من وراء تلك الضربات إلى عدم السماح لإيران ببناء قوة لها في سورية تحقق لها التفوق على إسرائيل". وأشار إلى أن "إيران سيطرت على الكثير من البلدات في ريف حلب، في المعارك التي دارت بينها وبين فصائل المعارضة في العام 2017، من بينها بلدة حيان". وأوضح أن الحرس الثوري الإيراني "لجأ خلال الفترة الماضية إلى العمل على إعادة انتشار مليشياته للتخفيف من خسائرها على يد إسرائيل وضرباتها الجوية"، مضيفاً: "يبدو أنه كان يعتقد أن مناطق ريف حلب الشمالي آمنة لعناصره وعتاده". وقال حوراني إن "الخسائر البشرية الكبيرة بين قتيل وجريح تدل على أهمية الموقع ودوره في نشاط المليشيات في المنطقة"، مبيّناً أن "إسرائيل استهدفت موقعاً للوحدة 2250 التابعة لحزب الله في سورية المسؤولة عن نقل المعدات قبل أيام". ولفت إلى أن "هذه الاستهدافات المتتالية تدل على أن موقع حيان يُستخدم لتخزين السلاح، وتدل أيضاً على أن الساحة السورية واقعة تحت عين الرقيب الإسرائيلي بشكل دقيق".
واستهدفت إسرائيل خلال السنوات الماضية العديد من الأهداف الإيرانية في حلب ومحيطها الجنوبي الشرقي، تحديداً المطار الدولي الذي خرج عدة مرات عن الخدمة نتيجة القصف الإسرائيلي، فضلاً عن مصانع الدفاع في منطقة السفيرة، حيث مراكز تطوير أسلحة وإنتاج ذخيرة. كما كثفت إسرائيل في الآونة الأخيرة من عمليات استهداف مواقع وأهداف إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله، تحديداً في أرياف حمص، وسط سورية. وفي مطلع إبريل/نيسان الماضي، استهدفت غارة إسرائيلية القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، مما أدى لمقتل أبرز المستشارين العسكريين الإيرانيين، ودفع طهران للرد بضربات غير مسبوقة بالطيران المسيّر والصواريخ باتجاه إسرائيل. وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ مطلع العام الحالي 44 مرة قامت خلالها إسرائيل باستهداف الأراضي السورية، 32 منها جوية و12 برية، أسفرت عن إصابة وتدمير نحو 92 هدفاً بين ومستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات. وذكر في تقرير أن الضربات "تسببت بمقتل 160 من العسكريين فضلاً عن إصابة 69 (عسكرياً) بجراح متفاوتة".