- رئيس حكومة مجلس النواب ووزارة الداخلية يعلنان عن تحقيقات لكشف ملابسات الحادث، وسط تكثيف الجهود للعثور على الدرسي ونفي أنباء عن مقتله.
- تصريحات الدرسي الأخيرة التي انتقد فيها سيطرة أبناء حفتر على السلطة في شرق ليبيا تثير تكهنات حول أسباب اختفائه، مما يعيد مخاوف من تكرار حوادث الاختفاء في ظل الصراع السياسي.
لا يزال مصير عضو مجلس النواب الليبي إبراهيم الدرسي مجهولاً بعد يومين من اختفائه شرق بنغازي الخاضعة لسيطرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر شرقي ليبيا. واعتقل مجهولون إبراهيم الدرسي واقتادوه إلى جهة مجهولة بعد وصوله إلى منزله شرق بنغازي عائداً من احتفال أقامته قيادة اللواء حفتر، مساء الخميس الماضي، بمناسبة مرور عشر سنوات على حروبه في بنغازي. وعثر أقرباء الدرسي على آثار عبث بمنزله وسيارته الخاصة.
وبعد تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي نبأ اختفاء الدرسي، سارع رئيس حكومة مجلس النواب أسامة حماد إلى كتابة تدوينة على حسابه في منصة إكس، فجر أمس السبت، معلناً فيها متابعته الحادث بـ"قلق"، ذاكراً أنه أصدر أوامره "الفورية لجميع الأجهزة بتكثيف جهودها حتى العثور عليه، ليعود سالماً إلى أسرته قريباً"، فضلاً عن فتح تحقيق لـ"معرفة ملابسات الواقعة ومن يقف وراءها".
ومن جانبها، أفادت وزارة الداخلية في حكومة مجلس النواب تلقيها بلاغاً عن اختفاء الدرسي بعد تعرّض منزله للسرقة، في وقت متأخر من ليل الخميس الماضي. ونفت الوزارة، في بيان لها، مقتل الدرسي، مؤكدة أنها كلّفت مدير أمن بنغازي وجهاز الأمن الداخلي والمباحث الجنائية بتحقيق شامل في الحادثة للوقوف على ملابساتها.
وفي الوقت الذي طالب فيه مجلس النواب والبعثة الأممية، مساء أمس السبت، حكومة بنغازي والنائب العام ببذل جهودهما للبحث عن الدرسي وضمان عودته سالماً، إلا أنّ الحكومة لم تعلن عن أي جديد بشأن مصير النائب. كما لم تعلن كذلك أي جهة أمنية في بنغازي عن مسؤوليتها عن حادث اعتقال الدرسي، فيما لزمت قيادة حفتر الصمت التام حيال الحادثة، على الرغم من مطالبة قبيلة الدرسي، في بيان لها مساء أمس السبت، حفتر "التدخل بشكل شخصي، للإشراف على مجريات التحقيق".
وتداولت صفحات على منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر تعرّض سيارة النائب إبراهيم الدرسي للعبث، مع وجود قطرات دم ومسحوق رُشّ وسط السيارة بكثافة للتعمية على جهود التحقيق للوصول إلى آثار بصمات مختطفيه.
شاهد
— هنـا_العاصمة (@aleasima_17) May 18, 2024
سيارة النائب أبراهيم الدرسي بعد أختطافه وهيا عليها أثار دماء #العاصمة pic.twitter.com/thQuTkY9EM
وأثار شكل وطريقة اختفاء الدرسي التي بينتها الفيديوهات المتداولة شكوكاً حول علاقة اختفائه بتصريحات له قبل أيام لقناة فضائية محلية ضمن حديثه عن ملف الإعمار في مدينتي بنغازي ودرنة، انتقد خلالها ما وصفها سيطرة "شريحة" على السلطة في شرق ليبيا، مقابل تهميش بقية أبناء شرق البلاد، في إشارة إلى أبناء حفتر الذين يديرون ملف الإعمار في المدينتين.
وعلى الرغم من ظهور الدرسي مجدداً قبل ثلاثة أيام في تصريحات أخرى غيّر فيها من لهجة انتقاده إلى الثناء على جهود أبناء حفتر في ملف الإعمار في بنغازي ودرنة، إلا أنّ العديد من النشطاء تساءلوا، عبر منصات التواصل الاجتماعي، عن أسباب صمت قيادة حفتر عن التعليق على الحادث. وتحفّظ المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق عن التصريح لـ"العربي الجديد" بشأن الجديد في قضية البحث عن الدرسي والكشف عن مصيره.
حادثة إبراهيم الدرسي تذكّر بسهام سرقيوة
ووصف الناشط الحقوقي عقيلة الأطرش تعامل السلطات في شرق ليبيا بـ"المرتبك"، مشيراً إلى أنّ وزارة الداخلية وصفت ما حدث للدرسي بالاختفاء، وفي الوقت نفسه نفت مقتله، متسائلاً: "كيف تيّقنت الوزارة من عدم مقتله، إلا أن يكون معنى الاختفاء بأنه مؤقت ولدى جهة ما تعلمها".
وأضاف الأطرش، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ اختفاء الدرسي حدث تزامناً "مع جاهزية أمنية عالية لتأمين احتفال الكرامة الذي حضره حفتر وأبناؤه وعقيلة صالح وسط عرض عسكري، فالوضع المثالي أن يكون الدرسي وكل من شارك في الاحتفال في بيئة مؤمنة بشكل كبير، ما يزيد من حجم التساؤلات حول حقيقة من اعتقل الدرسي واقتاده إلى جهة مجهولة".
وتابع الأطرش حديثه بالقول: "الحدث وقع على بعد مسافة قليلة من مكان استعرض فيه ما يوصف بالجيش قوته التي من المفترض أن تؤمن البلاد، فضلاً عن كبار المسؤولين كالنواب"، مضيفاً: "لا نريد أن نفترض مصيراً سيئاً للدرسي، لكن من دون شك فاستمرار غموض مصيره سيفتح الباب بشكل أوسع أمام الأسئلة، وسيذكرنا بمصير النائبة سهام سرقيوة".
وفي يوليو/ تموز 2017، اعتقلت مجموعة مسلحة في بنغازي النائبة سهام سرقيوة، بعد لحظات من وصولها إلى بيتها إثر ظهور إعلامي انتقدت فيه عدوان مليشيات حفتر على العاصمة، ومنذ ذلك اليوم لا يزال مصيرها مغيّباً.