إجلاء مدنيين لأول مرة من مصنع آزوفستال في ماريوبول الأوكرانية

01 مايو 2022
إجلاء المدنيين بالتنسيق بين أوكرانيا وروسيا واللجنة الدولية للصليب الأحمر (Getty)
+ الخط -

أُجلي عشرات المدنيين، اليوم الأحد، من مدينة ماريوبول جنوب شرقي أوكرانيا، حيث كانوا عالقين في مجمع آزوفستال الصناعي، مع جنود أوكرانيين لا يزالون يقاومون تحت القصف الروسي.

وأكدت الأمم المتحدة أنّ هذه العملية التي بدأت، أمس السبت، وتُجرى بالتنسيق بين أوكرانيا وروسيا واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مستمرة.

وكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في تغريدة، أنّ "عملية إجلاء المدنيين من آزوفستال بدأت. مجموعة أولى تضمّ نحو مhئة شخص تتوجه إلى الأراضي التي تسيطر عليها (أوكرانيا). غداً سنستقبلهم في زابوريجيا" غرب ماريوبول.

من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أنّه "بفضل مبادرة قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تم إنقاذ، من أراضي مصنع آزوفستال في ماريوبول، ثمانين مدنياً، بينهم نساء وأطفال كانوا محتجزين من جانب قوميين أوكرانيين (...) وتم إجلاؤهم نحو بلدة بيزيمينوي في جمهورية دونيتسك الشعبية (الخاضعة لسيطرة الروس)، حيث حصلوا على مسكن وطعام والرعاية الطبية اللازمة".

وأضافت الوزارة أنّ "المدنيين (...) الذين رغبوا في التوجه الى المناطق التي يسيطر عليها نظام كييف تم تسليمهم لممثلين للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر".

في حافلات كُتب عليه حرف Z 

وفي تسجيل مصور نشرته وزارة الدفاع الروسية تظهر قافلة سيارات وحافلات تسير في الظلام تحمل حرف Z (زد) الذي أصبح رمزاً للقوات المسلحة الروسية في هذا النزاع.

وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ينس ليركه، في رسالة، اليوم الأحد، إنّ "الأمم المتحدة تؤكد أن عملية الإجلاء مستمرة في مجمع آزوفستال للصلب بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وأطراف النزاع"، موضحاً أنه لا يمكنه الإدلاء بأي تفاصيل أخرى لأسباب أمنية.

منذ اندلاع الحرب، في 24 فبراير/ شباط، تمكن آلاف المدنيين من مغادرة ماريوبول؛ المدينة الساحلية التي كانت تعدّ قبل النزاع نصف مليون نسمة، وباتت الآن تخضع لسيطرة الروس، بعدما تعرّضت على مدى أسابيع لعمليات قصف دمّرتها في شكل شبه كامل، وأسفرت عن 20 ألف قتيل على الأقل، بحسب السلطات الأوكرانية.

بعد محاولات عديدة باءت بالفشل رغم الدعوات التي أطلقها مسؤولون أجانب والبابا فرنسيس، هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها مدنيون عالقون في مجمع آزوفستال، آخر جيب للمقاومة الأوكرانية المحاصرة بالقنابل الروسية، من الخروج.

البابا يجدد النداء 

جدد البابا فرنسيس خلال صلاة التبشير الملائكي في الفاتيكان، الأحد، نداءه لفتح ممرات إنسانية بهدف إجلاء المدنيين من مدينة ماريوبول الأوكرانية التي "تعرضت للقصف بوحشيّة ودُمِّرَت".

وتُظهر صور حديثة لشركة "ماكسار تكنولوجيز" التقطت بالأقمار الاصطناعية في 29 إبريل/ نيسان أن كافة مباني المجمّع الصناعي الضخم دُمّرت جراء القصف، إذ يختبئ الجنود الأوكرانيون والمدنيون في العديد من قاعات العرض تحت الأرض والتي تعود إلى الحقبة السوفييتية، وقد تعرّضت، بحسب كييف، للقصف بقنابل خارقة قوية جداً.

صور بالأقمار الاصطناعية تظهر الدمار في آزوفستال (ماكسار تكنولوجيز/Getty)
صور بالأقمار الاصطناعية تظهر الدمار في آزوفستال (ماكسار تكنولوجيز/ Getty)

وأشار سيرغي فولينسكي، قائد الكتيبة 36 من قوات البحرية الأوكرانية التي تتحصّن في آزوفستال، الخميس، إلى أن قنبلةً روسية دمّرت مستشفى ميدانياً تحت الأرض أُقيم في الموقع.

وقال لموقع Levy Bereg الأوكراني إنّ "كل البنى التحتية الصحية وغرفة العمليات دُمّرت. قُتل عدد كبير من رجالنا. وأُصيب عدد كبير من الجرحى بجروح جديدة. الوضع يصبح حرجاً أكثر". وكان قد أشار في اليوم السابق إلى وجود 600 جندي جريح ونحو مائة مدني.

وكانت ممثلة الأمم المتحدة في أوكرانيا أوسنات لوبراني قد أعلنت، الخميس، أنها ستتوجه إلى جنوب البلاد للتحضير لمحاولة إجلاء.

يتصدّى الجيش الأوكراني لتقدم بطيء للقوات الروسية المتفوقة عددياً على خصمها الأوكراني والمسلحة بشكل أفضل، في شرق البلاد، بعدما أفشل تقدّمها حول كييف في بداية النزاع.

الصورة
 قنبلةً روسية دمّرت مستشفى ميدانياً
قنبلة روسية دمّرت مستشفى ميدانياً (Getty)

وشهدت أوكرانيا، في نهاية الأسبوع، زيارة غير معلنة لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي التقت زيلينسكي.

وقال الوفد الأميركي الذي توجه بعد كييف إلى جنوب شرق بولندا ووارسو، في بيان، إنه زار "كييف لتوجيه رسالة مدوية لا لبس فيها إلى العالم بأسره مفادها أن الولايات المتحدة تقف بجانب أوكرانيا".

وجاءت زيارة وفد الكونغرس بعد أسبوع على زيارة إلى كييف قام بها وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان أنتوني بلينكن ولويد أوستن. وخلال زيارتهما أعلن المسؤولان العودة التدريجية للوجود الدبلوماسي الأميركي إلى أوكرانيا ومساعدة إضافية مباشرة وغير مباشرة تزيد عن 700 مليون دولار.

ولا تكفّ أوكرانيا عن تكرار حاجتها الملحّة للأسلحة الثقيلة، لا سيما إلى مدرّعات ومدافع هاوتزر طويلة المدى وعدتها الدول الغربية بتزويدها بها.

الوضع صعب في الشرق

قال مسؤول عسكري أوكراني كبير، مساء السبت، إنه أبلغ رئيس أركان الجيش الأميركي مارك مايلي "بالوضع الصعب في شرق بلادنا". وأشار إلى أنّ الحديث تناول خصوصاً "منطقتي إيزيوم وسييفيرودونيتسك حيث ركز العدو معظم جهوده وقواته الأكثر استعداداً للقتال"، في إشارة إلى المدينتين الواقعتين تقريباً في محور خاركيف ولوغانسك.

وحذر زيلينسكي، أمس السبت، من أنّ الروس "بنوا تحصينات في منطقة خاركيف، محاولين زيادة الضغط في دونباس".

وتتعرض المناطق الواقعة في شمال شرق خاركيف، ثاني مدن البلاد التي كان عدد سكانها نحو 1,5 مليون نسمة قبل الحرب، لقصف بصواريخ روسية يومياً، ما يتسبب في مقتل مدنيين.

في الشرق الأوكراني تحديداً، يسعى الجيش الروسي إلى محاصرة القوات الأوكرانية من الشمال والجنوب، من أجل إحكام سيطرته على دونباس.

في الجنوب، أكدت وزارة الدفاع الروسية أنها دمّرت من خلال استهداف مطار أوديسا "مخزن أسلحة وذخائر استحصلت عليها من الولايات المتحدة ودول أوروبية" بالإضافة إلى المدرج.

وكان قد تحدث حاكم المنطقة مكسيم مارتشنكو عن ضربة صاروخية على مطار هذه المدينة الساحلية التي تعدّ مليون نسمة.

عملية تخريبية

من جانبها، استهدفت القوات الأوكرانية الأراضي الروسية.

فبعد سلسلة تفجيرات استهدفت بنى تحتية روسية نُسبت إلى جنود أوكرانيين تسللوا عبر الحدود، تحدث حاكم منطقة بيلغورود الروسية عن حريق السبت في منشأة عسكرية.

وفي وقت سابق الأحد، أورد حاكم منطقة كورسك الحدودية أيضاً على "تيليغرام" أنّ قسماً من سكة حديد تستخدم للشحن انهار على مستوى جسر من دون سقوط ضحايا، معتبراً أنها "كانت عملية تخريبية".

لكن ميزان القوى ما زال يميل لمصلحة الروس، حتى إنه "أعلى بخمس مرات على صعيد العتاد" وفق إيرينا تيريهوفيتش، السرجنت في اللواء الأوكراني 123.

لذلك فإن الدعم الغربي قد يغير قواعد اللعبة، ولا سيما مع الولايات المتحدة مع طلب الرئيس جو بايدن من الكونغرس هذا الأسبوع الموافقة على حزمة تبلغ 33 مليار دولار لتقديم مزيد من المساعدات العسكرية لكييف.

(فرانس برس)