إرهاب الدولة المنظّم ضد لبنان

20 سبتمبر 2024
نقل جرحى في بيروت، 17 سبتمبر 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان**: الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، بما في ذلك تفجيرات إرهاب الدولة، لا يجب أن تثير شماتة، خاصة عندما يكون الضحايا من المدنيين والأطفال. الفرح بموت العرب يعكس انحداراً أخلاقياً.

- **النفاق والتحلل الأخلاقي**: من العار أن يدافع تيار عربي عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي نكاية بحركة حماس. هذا الموقف لا يليق بأي مثقف أو إنسان عادي، بينما الإسرائيليون موحدون على الدم الفلسطيني والعربي.

- **إرهاب الدولة المنظم وتواطؤ العالم**: جرائم الحرب الإسرائيلية ورفضها للقانون الدولي تقدم نموذجاً للإرهاب المنظم. سكوت العالمين العربي والغربي على هذا الإرهاب يجعله خطراً على السلم العالمي.

لا ينبغي أن تثير مشاهد الاعتداء على سيادة لبنان واللبنانيين، بتفجيرات إرهاب الدولة المنظّم من تل أبيب، شماتة، من دون تفريق بين مدني ومسلح. فالتشفي المرضي بمقتل وجرح الأطفال، بعمر فاطمة جعفر (8 سنوات)، وبما يُذكّر بمشاهد أطفال سورية وفلسطين واليمن والسودان، وغيرهم، مؤلم حين يكون بلسان عربي. نعم، ثمّة ألف ملاحظة على نهج حزب الله في سورية وفي لبنان نفسه، وعلى استفزاز سياسات طهران في المنطقة مشاعر ملايين العرب. لكن، كيف يُمكن أن يفرح البعض لموت وجرح عرب آخرين لا يراهم الاحتلال الإسرائيلي عبر تاريخه، من مذابح النكبة إلى مدرسة بحر البقر وصبرا وشاتيلا وقانا، وبقية القائمة، سوى "إرهابيين"؟

من العار، مواصلة تيار عربي بعد عام من الحرب على قطاع غزة، الدفاع عن جرائم الاحتلال نكاية بحركة حماس، وهو ما لم يفعله حتى يهود أوروبيون وأميركيون، من رافضي إرهاب الاحتلال المنظم. بل وبفجور في الخصومة، لم يتردد بعضهم بعد استهداف لبنان في تحميل الضحية مسؤولية قتلها، وبما لا يليق إطلاقاً لا بـ"مثقف" يدعي أنه ثائر ضد الاستبداد، ولا بإنسان عادي.

بالتأكيد، إن تعبيراتهم تلك كانت ستكون مختلفة لو جرى استهداف أطفال ومدنيين في المجتمع الإسرائيلي. الشاهد على ذلك هو حفلة نفاق وتحلل أخلاقي وإنساني بلغة الضاد، كصهاينة الغرب، باعتبار بداية ونهاية التاريخ هي في "السابع من أكتوبر". ذلك إلى جانب ترديد أكاذيب الاحتلال التي تهرب منها الصحافة الغربية. فهؤلاء، مثل فاشيي الاحتلال الكاهانيين التوسعيين، لا يعنيهم عشرات آلاف الضحايا والأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم نساء وأطفال، واستمرار الاحتلال لـ75 عاماً، وتهويد القدس ونشر سرطان الاستيطان والتأسيس الواضح لكيان الأبرتهايد.

من المثير للانتباه أنه في مقابل هذا الانبطاح والانحدار الأخلاقي، لم نشهد طيلة عام من جرائم الحرب في غزة، نشوء تيار إسرائيلي يشبههم في موقفه من الضحايا الإسرائيليين. بل نراهم موحدين على الدم الفلسطيني والعربي. أما على المستوى الرسمي العربي، تحت مظلة تبرير قلّة الحيلة، فالحال لا يشبه نفسه، إذ يسارعون إلى شجب وإدانة "الإرهاب" واستهداف "أمن المواطن الإسرائيلي". فأمام الحالة العربية تُرتكب جرائم الحرب ويُجوَّع قطاع غزة، ويخطط لتهجيره. وأمامها ينفذ الاحتلال مجدداً عمليات إرهابية وترهيباً لدولة "شقيقة" ذات سيادة. ولكأن الحالة العربية الرسمية قيمتها صفرية أمام حلفائها في واشنطن والغرب، فتُظهر عجزاً مزوراً، لتبرير سكونها وعدم ضغطها لوقف ما يجري. تخيلوا مواقف أوروبا لو أن مالطا الصغيرة تعرّضت لما تعرّض له لبنان.

جرائم الحرب ورفض واستهتار الاحتلال الإسرائيلي بالقانون الدولي وبقرارات الأمم المتحدة الداعية لإنهاء الاحتلال، تقدّم مع الأفعال الإجرامية الإرهابية برعاية رسمية ما يسمى حالة استلهام للمواقف وللأدوات، عند الدول والكيانات خارج الدولة والأفراد. فتفجير أجهزة اتصالات، وبتفاخر في تل أبيب وتغطية أميركية، يعني أن طائرات مدنية وغيرها من أماكن ووسائل حسّاسة يمكن أن تصبح أهدافاً سهلة، باستلهام تفجيرها على طريقة دولة الإرهاب المنظم. ومن يدري كم من استهداف أُلصق بالعرب وكانت تل أبيب خلفه.

سكوت العالمين العربي والغربي على إرهاب الدولة المنظّم، والممارس من أجهزة أمنية، بما في ذلك الموساد، وباستخدام أراضٍ عربية وغربية، وبتغطية جوازات سفر أوروبية وكندية وأميركية وأسترالية وإسكندنافية، وغيرها، تجعله إرهاباً منفلتاً وخطراً على السلم العالمي. في نهاية المطاف، لو كان العرب الرسميون جادين حقاً في درء ما تسبّبه جرائم الاحتلال من احتقان في الشارع، وانفجاره المحتمل، لرفعوا صوتهم أمام حلفائهم الغربيين، بل لسمحوا لشوارعهم أن تعبّر عن نفسها، وليقولوا لهم: "كفى يعني كفى". لكنهم بشكل عجيب وغير مفهوم، يصرون على الظهور عاجزين حتى عن إدراك معاني الأمن القومي لدولهم، المحاذية لفلسطين والبعيدة عنها، فالكل مستهدف.