تتجه تل أبيب، التي تعتقد أنّ مفاوضات فيينا ستفضي، على الأرجح، إلى إحياء العمل بالاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية، إلى استغلال الموقف من أجل الضغط على الولايات المتحدة لإلزامها بتقديم ضمانات تكتيكية ومساعدات عسكرية وتقنية كبيرة لها.
ونقل الصحافي بن كاسبيت، في تقرير نشرته النسخة الإسرائيلية لموقع "المونيتور" عن مصدر أمني إسرائيلي كبير، قوله إن الولايات المتحدة تعهدت بالفعل لإسرائيل "بتحسين تفوقها النوعي، ووعدت باستخدام كل الوسائل المتاحة لها، في محاولة إحباط أي توجه إيراني لإحداث اختراق على صعيد القدرات النووية".
وأضاف المصدر أن المواقف التي عبّرت عنها الولايات المتحدة خلال زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، لتل أبيب أخيراً، تشير إلى أن الأميركيين معنيون بإنهاء الانشغال بالملف النووي الإيراني والتفرغ لمواجهة الصين والتحديات التي يشكلها فيروس كورونا.
وأبرز المصدر، الذي لم يكشف الموقع اسمه، أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا ترى في تطوير إيران أسلحة نووية خطراً وجودياً، كما تراه إسرائيل، إلا أنها في المقابل تدرك "الكارثة" التي ستلحق بالنظام الإقليمي والدولي في حال تمكُّن طهران من ذلك، وهو ما جعل الرؤساء الأميركيين يكررون التزام عدم السماح لإيران من حيازة هذه القدرات.
وأوضح المصدر ذاته أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أطلعت الأميركيين على مخطط لمواجهة إقدام إيران مستقبلاً على استغلال العوائد المالية التي ستحصل عليها بعد رفع العقوبات في تمويل "الأنشطة الإرهابية".
وأشار كاسبيت إلى أن إسرائيل تنطلق من افتراض مفاده بأن مفاوضات فيينا ستسفر حتماً عن اتفاق بين إيران والقوى العظمى على العودة إلى الاتفاق الأصلي الذي وُقِّع في 2015، وهو الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة، في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وأضاف أن تل أبيب تأمل أن تنجح إدارة الرئيس الحالي جو بايدن في تحقيق إنجاز في المفاوضات يسمح للقيادة الإسرائيلية بتسويقه لجمهورها الداخلي.
وأشار إلى أن إسرائيل معنية بأن تتمكن الولايات المتحدة من إدخال تعديلات على اتفاق 2015، ولا سيما تأجيل موعد انتهاء العمل به، الذي تحدد في عام 2030، وهو ما تراه تل أبيب "أكبر عيب" في الاتفاق الأصلي، على اعتبار أنه يمنح الفرصة لطهران لإنتاج السلاح النووي في عام 2031.
وحسب كاسبيت، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، معنيّ بتسويق الاتفاق داخلياً بسبب الحملة التي يشنها عليه سلفه زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو الذي يتهمه بالتواطؤ مع الاتفاق المتبلور، والذي يشبهه باتفاقية ميونخ التي وقعتها دول الحلفاء مع ألمانيا النازية في 1938، والتي سمحت لألمانيا بالتوسع في أوروبا.
وأعاد إلى الأذهان حقيقة أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أهارون حليفا، قد أبلغ اجتماعاً للمجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن أخيراً أنه يفضل أن تسفر مفاوضات فيينا عن اتفاق بين إيران والقوى العظمى على أن تفشل، من منطلق أن التوصل إلى الاتفاق يسمح لإسرائيل بالاستعداد لمواجهة المشروع النووي مستقبلاً.
ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تفضل وضع أنشطة إيران النووية تحت إشراف دولي واضح بدلاً من أن تمنح القوى العظمى إيران الفرصة بتطوير مشروعها النووي إذا فشلت مفاوضات فيينا.
واستدرك كاسبيت بالقول إن التقييم بأن الاتفاق بين إيران والقوى العظمى "حتمي"، يمكن أن يتغير في المستقبل من منطلق أن الأمور حول طاولة البحث في فيينا ما زالت "فوضوية ولا تخضع للتنبؤات، ولا يمكن التحكم بنتائجها".