تسعى الحكومة الإسرائيلية لتمرير سلسلة من مشاريع القوانين التي تقلّص سلطة القضاء وتمنح سلطة غير مسبوقة للسياسيين، في ما يُعرف بالتعديلات القضائية.
ويواجَه هذا المسعى بمعارضة شديدة من قطاعات إسرائيلية واسعة، تمّ التعبير عنها في تظاهرات نُظمت على مدى 27 أسبوعاً، وما زالت مستمرة.
وتقول الحكومة إن مشاريع القوانين من شأنها الموازنة بين صلاحيات النظام، أي السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية. أما المعارضة، فتقول إن من شأن إقرار هذه القوانين تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية.
وقد جرت عدة محاولات للتقريب ما بين المعارضة والحكومة بشأن مشاريع القوانين، ولكنها باءت بالفشل.
في ما يلي نصوص مشروعات القوانين التي قادت إلى احتجاجات واسعة في إسرائيل، من دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى تراجع الحكومة عنها، وفق ما نشرته "الأناضول":
التفاف الكنيست على المحكمة العليا
أحد أهم التعديلات ما يُعرف إعلامياً بـ"فقرة التغلب"، الاسم الذي يطلق على مشروع "قانون أساس الأحكام (القضاء) تعديل رقم 4، الرقابة القضائية في ما يخص سريان قانون".
وينص مشروع القانون على "السماح للمحكمة العليا بإلغاء أي قانون، بشرط انعقادها بتركيبة كاملة للنظر في الموضوع، واتخاذها القرار بأغلبية أربعة أخماس أعضاء التركيبة".
كما ينص على "السماح للكنيست باستثناء قوانين من الرقابة القضائية، عن طريق استخدام فقرة التغلب أو شطب/إلغاء، كما أن صلاحية إلغاء قانون، وتقييد فترة سريانه أو تأجيله مؤقتاً، ستكون حصرية للمحكمة العليا".
ويشرح الكنيست التعديل بأنه ستكون المحكمة العليا "مخولة باستخدام صلاحياتها فقط عند استيفاء شروط متراكمة، وهي: النظر بالموضوع من خلال تركيبة كاملة لقضاة المحكمة العليا، واتخاذ القرار بأغلبية أربعة أخماس قضاتها".
وتقول جمعية "حقوق المواطن في إسرائيل": "في الوضع القائم اليوم، فإن المحكمة العليا مخولة بصلاحية إلغاء قانون سنّه الكنيست إذا كان غير دستوري ـ أي، إذا كان يتناقض مع قوانين الأساس الخاصة بحقوق الإنسان (وتحديداً قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته)".
وأضافت: "معنى هذا التعديل أنه سيكون بإمكان الكنيست الالتفاف على صلاحية المحكمة بشأن إلغاء القوانين، أو إلغاء هذه الصلاحية تماماً، بحيث سيصبح بإمكان الكنيست أن يقرر مسبقاً أن شأناً معيناً لن يكون خاضعاً للرقابة القضائية، أو أنّه بإمكان الكنيست إعادة سن قانون بأثر رجعي إذا قررت المحكمة العليا إلغاءه لأنه غير دستوري، بالرغم من كونه غير دستوري ويمس بحقوق الإنسان".
وقد تمت المصادقة على مشروع القانون بالقراءة الأولى وينبغي المصادقة عليه بقراءتين ثانية وثالثة.
منع استخدام "حجة المعقولية"
هو مشروع قانون تعديل للقانون الأساسي: السلطة القضائية، والذي من شأنه أن يمنع المحاكم الإسرائيلية، بما فيها المحكمة العليا، من تطبيق ما يعرف باسم "معيار المعقولية" على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخبون.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، الإثنين: "يسمح شرط المعقولية حالياً للمحاكم، بما في ذلك المحكمة العليا، بإلغاء قرار السلطات المنتخبة، إلى الحد الذي يتبين أنه غير معقول". وأضافت: "معيار المعقولية هو جزء من آلية الضوابط والتوازنات، وهو أداة مهمة تستخدمها المحكمة لحماية حقوق الجمهور ضد القرارات التعسفية للحكومة وسلطات الدولة".
وتابعت: "إذا تأثرت قرارات المسؤول المنتخب باعتبارات خارجية أو تمييزية أو تعسفية، أو إذا لم تؤخذ معلومات مهمة في الاعتبار، فيمكن استبعاد مثل هذه القرارات على أساس أنها غير معقولة".
وقد تمّت المصادقة على مشروع القانون بالقراءة الأولى وينبغي المصادقة عليه بقراءتين ثانية وثالثة.
تدخل في تعيين قضاة المحكمة العليا
يهدف تعديل مشروع قانون الأحكام (رقم 3)، إلى منح الحكومة اليد العليا في تعيين قضاة المحكمة العليا، بعد أن كانت تعينهم لجنة تضم قضاة ونواباً ومحامين نقابيين، تحت إشراف وزير العدل.
وينصّ المشروع على "تغيير تركيبة لجنة انتخاب القضاة، لتضم 9 أعضاء، هم: ممثل عن السلطة القضائية وهو رئيس المحكمة العليا، واثنين من القضاة المتقاعدين الذين سيعينهم وزير القضاء، بموافقة من رئيس المحكمة العليا".
وتضم اللجنة أيضاً "ممثلين للسلطة التنفيذية، وهم: وزير القضاء، ووزيرين ستحدّد الحكومة هويتهما، وثلاثة ممثلين عن السلطة التشريعية من الكنيست، بينهم رئيس لجنة الدستور ونائبان آخران، أحدهما من الائتلاف والآخر من المعارضة".
كما ينصّ الاقتراح على "ترؤس وزير القضاء للجنة، وتحديد النصاب القانوني لجلساتها بخمسة أعضاء، واتخاذها قراراتها بأغلبية آراء المشاركين في التصويت، ما دام قانون الأساس لم يحدّد أي تعليمات أخرى بهذا الموضوع".
ويحدّد مشروع القانون أنه "لن يطلب من كلّ من يملك سلطة إصدار الأحكام (القضاء)، بشكل مباشر أو غير مباشر بالتشكيك بشأن سريان قانون أساس، وأي قرار يتخذ بمثل هذه المسائل لن يكون سارياً أو صالحاً".
تعيين المستشارين
ويتضمن مشروع التعديلات القضائية بنداً بشأن تعيين المستشارين القانونيين في الوزارات، ليكون تعيينهم مباشرة من قبل الحكومة، على أن يكونوا خاضعين للوزراء، بدلاً من تبعيتهم للمستشارة القضائية للحكومة.
وتترأس المستشارة القانونية للحكومة الجهاز القانوني للسلطة التنفيذية والخدمة القانونية العامة، وتتولى مهام عدة، بينها رئاسة النيابة العامة، وتمثيل الدولة في المحاكم، وتقديم الاستشارات القانونية للحكومة والجهات التابعة لها.
وبند تعيين المستشارين جزء من اتفاقية تشكيل الحكومة بين حزبي "الليكود" و"الصهيونية الدينية"، الذي نصّ على أن المديرين العامين للوزارات سيعينون أو يعزلون المستشارين القانونيين وفقاً لتقدير المدير العام المعيّن سياسياً للوزير.
منع مراجعة القوانين الأساس
هو مشروع قانون يمنع المحكمة العليا من ممارسة المراجعة القضائية للقوانين الأساس، والتي لا يزال من الممكن تمريرها بأغلبية 61 من أعضاء الكنيست.
وقال موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإخباري الإسرائيلي: "يأتي مشروع القانون هذا لمنع المحكمة العليا من مراجعة أي قانون أساس من قوانين أساس الدولة الشبه دستورية، بما في ذلك هذه التغييرات ذاتها على قوانين الأساس".
وأضاف: "ينص مشروع القانون على أنه حتى في حال عدم إضافة فقرة التغلب إلى قانون معين، لن تتمكن المحكمة العليا من مراجعة هذا القانون ما لم يتعارض بشكل مباشر مع قانون أساس، وإذا قامت بمراجعته، فلن يكون بإمكانها إلغاؤه إلا بإجماع قضاة المحكمة الخمسة عشر".
وقد تمت المصادقة على مشروع القانون بالقراءة الأولى وينبغي المصادقة عليه بقراءتين ثانية وثالثة.
مشروع قانون درعي 2
مشروع قانون قدّمه حزب "شاس" اليميني برئاسة أرييه درعي، ويمنع المحكمة العليا من التدخل في التعيينات الوزارية أو منعها.
وسيمهّد هذا القانون الطريق أمام درعي للعودة إلى مجلس الوزراء، على الرغم من حكم المحكمة العليا في يناير/كانون الثاني 2023 بأنه غير مؤهل لشغل منصب وزير.
وقبل أداء الحكومة اليمين الدستورية في نهاية العام الماضي، أقر الائتلاف تعديلاً على القانون الأساسي: تسمح الحكومة لدرعي بالعمل كوزير بغض النظر عن إدانته بالاحتيال الضريبي، والذي تتم الإشارة إليه باسم قانون درعي.
ومع ذلك، فقد ألغت المحكمة العليا تعيين درعي على أساس عدم معقولية وسقوط الحق، بما أن درعي اقترح أنه سيترك السياسة كجزء من صفقة إقرار بالذنب.
ويهدف مشروع القانون إلى تمهيد الطريق أمام درعي لدخول مجلس الوزراء من جديد، ويشار إليه باسم درعي 2.
وقد تمت المصادقة على مشروع القانون بالقراءة الأولى وينبغي المصادقة عليه بقراءتين ثانية وثالثة.
قانون لحماية نتنياهو
وتتضمن المشروعات التي يسعى الكنيست لتمريرها ما يطلق عليه "قانون عجز رئيس الوزراء"، الذي جرى التصويت عليه بالفعل في الكنيست وأصبح قانوناً نافذاً.
ويقترح مشروع القانون أنه "لا يمكن الإعلان عن عدم قدرة رئيس الوزراء على شغل منصبه إلا بسبب عدم الكفاءة الجسدية أو العقلية".
ووفق المشروع، فإن "سلطة إعلان عدم قدرة رئيس الوزراء على شغل منصبه ونهاية العجز ستُمارَس فقط من خلال إعلان للكنيست من قبل رئيس الوزراء، أو إعلان من الحكومة تم تمريره من قبل ثلاثة أرباع أعضائها".
وينصّ على أنه "إذا كان على رئيس الوزراء إبلاغ رئيس الكنيست بأنه يعترض على إعلان الحكومة، فسيحدّد رئيس الكنيست جلسة خاصة، ولن يتم تفعيل عجز رئيس الوزراء ما لم تتم الموافقة عليه بأغلبية 90 عضواً" من إجمالي 120.
وطبقاً لمشروع القانون، فإن "المحكمة، بما في ذلك المحكمة العليا، لن تستمع إلى طلب إعلان أو الموافقة على عجز رئيس الوزراء، وأي حكم أو أمر صادر عن محكمة بهذا المعنى سوف يخلو من السلطة ويعتبر باطلاً".
ويرى مراقبون أن هذه المادة تسعى لحماية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتحصينه، بسبب الاتهامات بالفساد التي يواجهها، والتي قد تفضي إلى سجنه في حال أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية الاتهامات الموجهة ضده.
تقسيم دور النائب العام
وتطرح الحكومة، من خلال مشروع قانون، تقسيم المسؤوليات الحالية للنائب العام إلى ثلاث وظائف جديدة: مستشار قانوني للحكومة، ومدع عام لتمثيل الحكومة في القضايا الجنائية، وممثل قانوني لتمثيل الحكومة في القضايا المدنية.
(الأناضول)