بعد عزوف الناخبين عن التصويت في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، بات المشهد الانتخابي في الجزائر يشهد ظاهرة جديدة تتعلق بالعزوف عن الترشح، إذ باتت بعض البلديات دون قوائم للمرشحين، فيما وجدت قائمة وحيدة تنافس نفسها في بلديات أخرى، وأفضت معالجة ملفات المرشحين، التي تنتهي الأحد المقبل، إلى إسقاط عدد كبير من المرشحين من قوائم الأحزاب، خاصة باستخدام المادة الـ 184 من القانون الانتخابي.
وتعلن السلطة المستقلة للانتخابات القوائم المرشحة مبدئياً، يوم الأحد المقبل، مع منح فترة أسبوع لتقديم طعون بالنسبة إلى القوائم والمرشحين الذين أقصتهم سلطة الانتخابات لسبب أو لآخر، لدى المحاكم الإدارية الابتدائية، ثم أمام المحكمة الإدارية للاستئناف، قبل الإعلان النهائي للقوائم التي ستخوض انتخابات 27 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وقبلها تنشيط الحملة الانتخابية التي ستبدأ في الثالث من نوفمبر المقبل.
وكشفت أولى المعلومات عن تبليغ سلطة الانتخابات لعدد كبير من القوائم والمرشحين رفض ترشحهم، بعد التدقيق في الملفات وصحائف السوابق العدلية ولائحة توقيعات الناخبين، وكذا التحقيقات التي أجرتها المصالح الأمنية المختصة عن الناخبين، خاصة تحت طائلة المادة الـ 184 من القانون العضوي للانتخابات المتعلقة "بصلة المرشح بأوساط المال والأعمال المشبوهة وتأثيره بطريقة مباشرة وغير مباشرة على الاختيار الحر للناخبين وحسن سير العملية الانتخابية" في السابق.
وأقدمت سلطة الانتخابات على رفض عدد من القوائم في بعض البلديات والولايات، بعضها تتبع أحزاباً قوية، كذلك رُفض ترشّح عدد من رؤساء البلديات وأعضاء في المجالس البلدية والولائية الحالية، ورجال أعمال ترشحوا في قوائم جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم والبناء الوطني وجبهة المستقبل، حيث أُقصي في ولاية المسيلة 52 مرشحاً ينتمون إلى هذه الأحزاب، كذلك أسقطت سلطة الانتخابات عدداً من المرشحين، بحجة انتمائهم سابقاً في التسعينيات إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، وطاول الإقصاء ناشطين في الحراك الشعبي، شملتهم شبهة التحريض على مقاطعة الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في ديسمبر/كانون الأول 2019.
ارتفع عدد البلديات التي لن تجرى فيها انتخابات المجالس البلدية حتى الآن إلى ما يقارب العشر بلديات
وفي السياق، انضمت بلديات في عدة ولايات في الجزائر إلى لائحة البلديات التي باتت دون قوائم مرشحة للانتخابات المحلية التي ستجري في 27 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بعد الفحص الأولي للجان الانتخابية لقوائم المرشحين، وارتفع عدد البلديات التي لن تجرى فيها انتخابات المجالس البلدية حتى الآن إلى ما يقارب عشر بلديات، بعد الكشف عن عدم وجود أية قائمة مرشحة في بلديات تادمايت وآث محمود، وآث بوحامد وعين الحمام بولاية تيزي وزو.
إضافة إلى هذه البلديات، كانت لجنة الانتخابات في ولاية بجاية، شرقي البلاد، قد أعلنت انها لم تتسلم أية قائمة في أربع بلديات في الولاية، وهي أقبو وتوجة وفرعون ومسيسنة. وإضافة إلى هذه البلديات، فإن عدداً آخر من البلديات تسلمت فيها سلطة الانتخابات قائمة وحيدة، على غرار بلدية الأبيار في العاصمة الجزائرية، وعين تقورايت بولاية تيبازة، وبلدية تابلاط بولاية المدية، وبلدية تيقلعت والماين بولاية برج بوعريريج، وهي بلديات مرشحة هي الأخرى لأن تصبح في حالة البلديات دون قوائم، إذا رفضت السلطة القائمة ستصبح دون قوائم.
وتطرح في الوقت الحالي مشكلة قانونية لكون أن قانون الانتخابات الجديد الصادر في مارس/آذار الماضي، لم ينص على إمكانية وجود حالة كتلك، وتطرح في السياق فرضية إمكانية الإبقاء على المجالس البلدية الحالية لتسيير البلديات التي لم تجرِ فيها الانتخابات لعدم تقدم قوائم مرشحين، لكن الأكثر ترجيحاً أن تلجأ السلطات العليا والهيئة المستقلة للانتخابات إلى تطبيق المادة الـ 51 من القانون البلدي، التي تنص على أنه، في حالة ظروف استثنائية تعوق إجراء الانتخابات البلدية، وبعد تقرير الوزير المكلف الداخلية الذي يعرض على مجلس الوزراء، يعين الوالي متصرفاً لتسيير الشؤون البلدية، ويمارس المتصرف تحت سلطة الوالي السلطات المخولة بموجب التشريع والتنظيم للمجلس الشعبي البلدي، وتنتهي مهام المتصرف بقوة القانون بمجرد تنصيب المجلس الجديد، كما تنظم انتخابات (جزئية) للمجلس الشعبي البلدي (في البلديات المعنية) بمجرد توفير الظروف المناسبة".