في سياق الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ أكثر من شهرين، خرج العديد من المواطنين الإيرانيين، منتصف ليلة الإثنين-الثلاثاء، إلى الشوارع في عدة مدن إيرانية للاحتفال بفوز المنتخب الوطني الأميركي على منتخب بلادهم في مونديال قطر 2022.
واجتاحت فيديوهات عديدة، خلال الساعات الماضية، مواقع التواصل الاجتماعي، وتظهر احتفالات في شوارع العديد من المدن الإيرانية، بما فيها العاصمة الإيرانية طهران ومدن كبرى أخرى، مثل أصفهان ومشهد ومدن كردية غربي البلاد.
احتفالات في إيران بخسارة المنتخب الوطني أمام المنتخب الأمريكي في مونديال قطر 2022
— euronews عــربي (@euronewsar) November 30, 2022
للمزيد: https://t.co/URpC6OofEW#كأس_العالم_2022 #إيران #أمريكا pic.twitter.com/624MPycmXe
وتنوعت الاحتفالات بخسارة المنتخب الإيراني بين إطلاق أبواق السيارات في الشوارع وإطلاق هتافات من المباني السكنية في تلك المدن، فضلاً عن تجمعات ليلية تخللها الرقص والغناء.
وبحسب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، قُتل مواطن بنيران قوات الأمن خلال الاحتفالات في مدينة بندر أنزلي في محافظة جيلان، شمالي البلاد.
وأكد قائد شرطة المدينة، العقيد جعفر جفانمرد، مقتل هذا المواطن، وقال إنه "بعد نهاية مباراة منتخبي إيران والولايات المتحدة خرج "مثيرو الشغب" إلى الشارع، وتم العثور على جثمان مواطن (30 عاماً) قتل بإطلاق النيران من سلاح صيد"، حسب قوله.
وتأتي هذه الاحتفالات كنوع من أشكال التعبير عن الاحتجاج في إيران التي تربطها علاقات "عداء" مع الولايات المتحدة، حيث قُطعت العلاقات بين البلدين في عام 1980 على خلفية سيطرة الثوار الإيرانيين على السفارة الأميركية واعتقال الدبلوماسيين الأميركيين رهائن.
وتتهم السلطات الإيرانية واشنطن ودولا أوروبية وإقليمية بـ"تدبير" الاحتجاجات في البلاد، معتبرة أنها "فتنة ومؤامرة" لـ"تقويض أمنها وتقدمها"، حسب تصريحات المسؤولين الإيرانيين في مقدمتهم المرشد الإيراني علي خامنئي.
| احتفالات الايرانيين بعد خروج ايران من بطولة كأس العالم . . وذلك بسبب احتجاجهم على الحكومة الايرانية 🇮🇷 ..| pic.twitter.com/3QI2RwVmVz
— | الحوت الازرق | (@ALHILAL_60) November 29, 2022
وواجه المنتخب الإيراني حملة انتقادات حادة من محتجين إيرانيين والمعارضة الإيرانية في الخارج، لمشاركته في مونديال قطر وعدم مقاطعته تضامناً مع المحتجين وأسر الضحايا، مما شكل ضغطاً نفسياً على اللاعبين الإيرانيين الذين تجنبوا أداء النشيد الوطني في مباراتهم الأولى في المونديال مع المنتخب البريطاني، قبل أن يؤدوه لاحقاً في المباريات مع المنتخبين الويلزي والأميركي وسط إشاعات بتعرّضهم لضغوط.
وجاءت الاحتفالات الاحتجاجية خلال الساعات الماضية بخسارة المنتخب الإيراني، فيما شهدت الشوارع الإيرانية خلال الأيام الأخيرة، هدوءاً نسبياً مع استمرار الاحتجاجات الطلابية والاعتقالات. كما أفرجت السلطات الإيرانية، خلال الأيام الأخيرة، عن شخصيات رياضية وسينمائية بكفالات مالية مع استدعاء آخرين. وباتت إيران تشهد في الأيام الماضية، إضرابات عمالية في مصانع كبرى وأصحاب الشاحنات.
واليوم الأربعاء، أعلن المركز الإعلامي القضائي الإيراني عن بدء محاكمة المتهمين بقتل المواطن روح الله عجميان من عناصر "الباسيج"، التابعة للحرس الثوري، في مدينة كرج بالقرب طهران، مشيراً إلى أن المتهمين الـ15 يواجهون تهمة "الإفساد في الأرض من خلال ارتكاب جرائم ضد أمن البلاد ومهاجمة قوات الشرطة والباسيج والتواطؤ ضد الأمن القومي". علما بأن من يتعرض لهذه التهمة غالباً ما يواجه حكماً بالإعدام.
وأطلقت وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، احتجاجات واسعة في البلاد، ما زالت مستمرة، على الرغم من تراجعها خلال الأيام الماضية نتيجة حملة القمع الواسعة التي تعرّض لها المحتجون، حسب مؤسسات حقوقية دولية.
ولم تعلن إيران بعد حصيلة القتلى والجرحى والمعتقلين، لكن مؤسسات حقوقية دولية تتحدث عن أكثر من 400 قتيل واعتقال نحو 20 ألف شخص. والأحد الماضي، أفاد موقع "هرانا" الإخباري التابع للنشطاء الإيرانيين في مجال حقوق الإنسان بأن حصيلة القتلى بلغت 450 قتيلاً والمعتقلين أكثر من 18 ألف شخص، من بينهم 566 طالبا جامعيا. وأشار الموقع إلى أن 156 مدينة إيرانية شهدت احتجاجات منذ 17 من سبتمبر/أيلول الماضي.
كما أشارت مواقع إيرانية شبه رسمية إلى مقتل أكثر من 50 من قوات الأمن والحرس والشرطة خلال الاحتجاجات، وأعلن جهاز الاستخبارات في محافظة سيستان وبلوشستان، الأربعاء، مقتل أحد عناصره.
وثائق "بلك ريوارد"
ونشرت، اليوم الأربعاء، مجموعة "بلك ريوارد"، التي قرصنت أخيرا وكالة "فارس" للأنباء التابعة للحرس الثوري، صفحات من نشرة داخلية سرية للوكالة مرسلة إلى القائد العام للحرس الجنرال حسين سلامي، حصلت عليها خلال عملية الاختراق.
وتشير النشرة المسربة إلى نتائج استطلاع للرأي أجرته وزارة الداخلية الإيرانية في أنحاء البلاد، أكدت نتائجه أن 84 في المائة من الإيرانيين يرون أن الاحتجاجات في الشوارع ستدفع السلطات لخفض المشكلات، وأن 70 في المائة منهم لا يرغبون في المشاركة في المسيرات الداعمة للنظام والثورة.
كما عبر 51 في المائة عن رفضهم للحجاب الإلزامي، وأعلن 56 في المائة استيائهم من أداء قوات الشرطة.
ورد في الأوراق المسربة من "فارس" أيضا أن الأجهزة الأمنية والعسكرية أوصت باعتقال كبير علماء السنة في إيران وخطيب صلاة الجمعة في مدينة زاهدان، عاصمة إقليم سيستان وبلوشستان، المولوي عبد الحميد إسماعيل زهي، وأن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي رفض اعتقاله خشية أن يستدعي ذلك نزول السنة إلى الشوارع، مطالبا بتقزيم نفوذه بالتدرج والنيل من سمعته.
ومن بين التسريبات تصريحات لرئيس البرلمان الإيراني الأسبق غلامعلي حداد عادل، رأى فيها أن قوات "الباسيج" تعاني من "الضعف وعدم القدرة على التحشيد".