أكدت الخارجية الإيرانية أن طهران تتابع "عن كثب وبدقة" تطورات الانتخابات الأميركية، لكنها قالت في الوقت ذاته إن "ذلك لا يعني أننا نرغب بفوز مرشح محدّد في هذه الانتخابات".
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، اليوم الاثنين، إن بلاده تقرر بناءً على تطورات السياسات الأميركية، قائلاً إنه "يجب أن يتم تحقيق الحقوق الإيرانية، وأن يتداركوا أخطاءهم، فجرائمهم لن تمحى من الذاكرة الإيرانية".
وأعلن خطيب زادة عن استعداد الدبلوماسيين الإيرانيين لحضور طاولة المفاوضات مع واشنطن، لكنه ربطها بتراجع الأخيرة عن أخطائها.
واعتبر أن حديث ترامب حول أن المفاوضات مع إيران ستكون أصعب بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، هي "مزاعم للاستهلاك الداخلي الانتخابي"، قائلاً إنه "ما لم تصل أميركا إلى قناعة بأن سياساتها ضد إيران فاشلة، فلن يختلف الوضع".
وأكد المتحدث الإيراني، وفق ما أوردته وكالة "إرنا"، أن فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب أو المرشح الديمقراطي جو بايدن، "لا يهم بالنسبة لإيران"، غير أنه في الوقت عينه، قال إن "ترامب ارتكب جرائم لم يقترفها بايدن"، في تلميح إلى أنه المفضل بالنسبة لإيران.
وكان ترامب قد تبنّى بعد توليه الرئاسة الأميركية، خلال يناير/كانون الثاني 2017، سياسة مختلفة عن سلفه الديمقراطي باراك أوباما تجاه طهران، لينسحب من الاتفاق النووي معها يوم الثامن من مايو/أيار 2018، وفرض بعد ذلك عقوبات غير مسبوقة على إيران، طاولت مفاصل اقتصادها ووضعتها أمام أزمة اقتصادية، وذلك في إطار استراتيجية "الضغط الأقصى"، كانت لها فصول تصعيدية غير مسبوقة كادت أن تشعل مواجهة عسكرية بين الطرفين أحياناً، خصوصاً بعد إسقاط إيران طائرة مسيّرة أميركية عملاقة في الخليج في 20 يونيو/حزيران العام الماضي، حيث قال ترامب حينها إنه أمر بشن هجمات على إيران، لكنه تراجع عن ذلك قائلاً إن "الردّ غير مناسب على إسقاط طائرة غير مأهولة يمكن أن يؤدي إلى مقتل 150 إيرانياً"، فضلا عن قيام واشنطن باغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني الجنرال قاسم سليماني، مطلع العام الحالي في ضربة جوية بالقرب من مطار بغداد الدولي، حيث ردّت السلطات الإيرانية على ذلك بقصف قواعد أميركية في العراق.
الحظر التسليحي
وعلى صعيد آخر، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن انتهاء الحظر التسليحي على بلاده أمس الأحد "كان انتصاراً كبيراً لمقاومة الشعب الإيراني"، قائلاً إن هذا الحظر الأممي انتهى بعد 13 عاماً، مشيراً إلى أن ذلك "أحد إنجازات الاتفاق النووي وليس كلها".
ورداً على تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حول فرض عقوبات على أي دولة تنتهك الحظر التسليحي على إيران، قال خطيب زادة إن هذه التصريحات تؤكد أن "بومبيو أيضاً لا يؤمن بأن العقوبات الأميركية الأحادية ناجحة".
وأكد أن إيران خلال السنوات الخمس الماضية بعد التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015، وقبل رفع الحظر التسليحي، "لم تغير قيد أنملة سياساتها الدفاعية وسياساتها الصاروخية وأهدافها الإقليمية".
وقال خطيب زادة إنه بحسب وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، فإن إيران "تنتج 90 في المائة من حاجاتها الدفاعية محلياً، ولسنا كأميركا التي تبحث عن بيع أسلحتها القاتلة لإبادة المدنيين في اليمن".
الهجوم الإلكتروني
وفي معرض ردّه على سؤال بشأن الهجمات الإلكترونية على مؤسسات إيرانية خلال الأسبوع الماضي، قال خطيب زادة إن "عشرات الهجمات الإلكترونية واسعة النطاق تُشنّ يومياً على المؤسسات والأجهزة والمنظومات الإيرانية"، مشيراً إلى "آلاف الهجمات الصغيرة والمتوسطة".
ووجه أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة ودول أخرى لم يسمّها، وقال إن "بعض الدول بمحورية الولايات المتحدة قد أطلقت حربا سيبرانية على إيران، لكننا لسنا عاجزين".
وكانت وزارة الاتصالات الإيرانية قد أعلنت، الأربعاء، عن تعرض مؤسسات حكومية لهجمات إلكترونية، حيث كشف مركز "ماهر" لإدارة الإسناد والتنسيق في الأحداث الإلكترونية، التابع للوزارة، عن تعرض "مؤسستين حكوميتين لحادث هجوم إلكتروني هام" من دون تسمية هذه المؤسسات، وحجم الخسائر التي لحقت بهما.
وفي السياق نفسه، كشف مسؤول أمن المعلومات في منظمة تكنولوجيا المعلومات، التابعة لوزارة الاتصالات، أبوالقاسم صادقي، عن أن الهجمات "استهدفت البنية التحتية لكننا تصدينا لها بنجاح".
انتفاء التهديد العسكري
وعلى صعيد آخر، قال قائد منظمة الدفاع المدني الإيرانية العميد غلام رضا جلالي، اليوم الاثنين، حسب وكالة "إيسنا" للأنباء، إن بلاده "تحولت إلى قوة إقليمية حققت الردع، ما أدى إلى انتفاء التهديد العسكري ضدنا".
واستشهد في هذا السياق، بعدم ردّ الولايات المتحدة الأميركية على قيام الحرس الثوري الإيراني بهجمات صاروخية على قاعدة "عين الأسد" الأميركية في العراق، يوم الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، رداً على اغتيال قائد "فيلق القدس" السابق الجنرال قاسم سليماني في ضربة جوية أميركية بالقرب من مطار بغداد يوم الثالث من الشهر نفسه.