تنذر الشروط الأميركية والشروط الإيرانية المضادة بشأن الملف النووي الإيراني، بأن البلدين لا يزالان بعيدين عن أي اتفاق بينهما، إذ إن طهران تتمسك بعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات قبل العودة إلى تنفيذ كامل التزاماتها بموجبه. كما أنها ترفض بحث أي مواضيع جديدة، في الوقت الذي تعمل فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على بحث كيفية موافقة إيران على ملحق للاتفاق، يطيل من أمد القيود الصارمة على أنشطتها النووية، ويغطي برنامجها الصاروخي أيضاً.
وردّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي مولوود جاووش أوغلو في إسطنبول أمس الجمعة، على إعلان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أخيراً، أن واشنطن ستنضم مجدداً إلى الاتفاق النووي الموقع في عام 2015 إذا طبقت طهران تعهداتها في الاتفاق، بأن هذا الشرط ليس منطقياً. وقال إن "التطلعات التي يبديها أعضاء الإدارة الأميركية الجديدة، والادعاء بأن على إيران أن تعود إلى الاتفاق النووي، ليس منطقياً ولن يتحقق أبداً. المنطق هو أن من ترك الاتفاق يتعين أن يعود إليه، ونحن داخل الاتفاق سنتخذ الإجراءات اللازمة في ذلك الوقت". وأضاف "أميركا هي البلد الذي خرج من الاتفاق النووي وتخلّى عن التزاماته، ومن واجبها اليوم أن تعود للاتفاق وتنفذ تعهداتها. فإذا خطت هذه الخطوة وعاد ذلك بالنفع على إيران، فإن طهران ستنفذ التزاماتها بشكل كامل". وأشار إلى أن "المواضيع التي لم تدرج في الاتفاق النووي، تم الاتفاق مسبقاً على عدم إدراجها"، مضيفاً أن "تلك المواضيع لا يمكن اليوم أن تدرج فيه أيضاً".
واعظي: ملف المفاوضات حول الاتفاق النووي قد أغلق
وبينما ربط ظريف عودة إيران إلى تنفيذ الالتزامات النووية، التي أوقفتها خلال العامين الأخيرين، بـ"تنفيذ الإدارة الأميركية جميع تعهداتها" في إشارة إلى رفع العقوبات الذي يشكل مطلب طهران الأساسي، أكد مدير مكتب الرئيس الإيراني محمود واعظي، في تصريح منفصل، أن "ملف المفاوضات حول الاتفاق النووي قد أغلق ولن نتفاوض عليه مرة أخرى". وأكد أن بلاده "لن تغير موقفها في ما يتعلق بالاتفاق النووي". وقال إن "إدارة (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب أيضاً سعت إلى فتح ملف الاتفاق النووي، وبالنسبة لنا لا فرق بين هذه الإدارة (السابقة) وإدارة بايدن. فنحن لن نغير موقفنا"، في إشارة إلى رفض إعادة التفاوض حول الاتفاق النووي، بما يشمل قضايا أخرى مثل برنامج إيران الصاروخي وسياساتها الإقليمية، كما تطالب بذلك الولايات المتحدة وأوروبا. وقال واعظي "إننا لم نخرج من الاتفاق النووي حتى نعود إليه، ونعود إلى تعهداتنا بموجب الاتفاق عندما نتأكد أن أوروبا وأميركا تنفذان التزاماتهما".
وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة "يو أس إيه توداي" الأميركية عن المندوب الإيراني في الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، تحذيره إدارة بايدن من أن "نافذة الفرص" تغلق من أجل عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي. وقال "لقد قلنا مراراً وتكراراً إنه إذا قررت الولايات المتحدة العودة إلى التزاماتها الدولية، ورفع جميع العقوبات غير القانونية المفروضة على إيران، سنعود إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، التي ستفيد جميع الأطراف". وأوضح أن طهران لن تطرد المفتشين النوويين الدوليين، لكنه سيتم وقف الوصول الإضافي إلى مواقعها النووية التي وفّرتها على أساس طوعي.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، أمس الجمعة، أن "بايدن يعتبر أنه في حال امتثال إيران للاتفاق النووي سيشكل ذلك فرصة يمكن البناء عليها". وأكدت أن "أي خطوة باتجاه إيران والاتفاق النووي ستكون بالتنسيق مع شركائنا وحلفائنا". واعتبرت أنه "يجب تعزيز القيود النووية على إيران ومعالجة الصواريخ الباليستية الإيرانية وأنشطة طهران في المنطقة".
كما دخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خط الأزمة النووية. وفي جلسة حوار خاصة مع ممثلي وسائل إعلام أجنبية، قال ماكرون، أمس الجمعة، إن التفاوض مع إيران سيكون متشدداً جداً وسيُطلب منها ضمّ شركائنا في المنطقة إلى الاتفاق النووي، ومن ضمنهم السعودية. وأضاف يجب عدم ارتكاب خطأ عام 2015 عندما استبعد الاتفاق النووي القوى الإقليمية. وحذر من أن الوقت المتبقي لمنع إيران من تطوير سلاح نووي محدود للغاية.
تعيين مالي مبعوثاً بالشأن الإيراني خبر سيئ لإسرائيل
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أمس الأول، أن فريق الأمن القومي لبايدن يتوقع طريقاً طويلاً لتحقيق أحد وعوده الرئيسية في السياسة الخارجية: إقناع إيران بالعودة إلى التزاماتها بالاتفاق النووي لعام 2015، ثم الضغط من أجل التوصل إلى ملحق للاتفاق يضع حدوداً أكثر صرامة. وقال مسؤولون في إدارة بايدن إن أحد أهداف الملحق سيكون إطالة أمد القيود الصارمة على الأنشطة النووية الإيرانية، التي من المقرر تخفيفها مع مرور الوقت وفقاً لبنود اتفاق 2015. وتشمل هذه التدابير الحد من كمية اليورانيوم التي يمكن لإيران تخزينها، وتخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67 في المائة، وعدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لطهران تشغيلها. والهدف الآخر من الملحق سيكون تغطية موضوع البرنامج الصاروخي الإيراني. وأشارت الصحيفة إلى أن ملحق الاتفاق قد يجبر إدارة بايدن على القيام ببعض المناورات الدبلوماسية المعقدة. أولاً، سيتعين عليها إزالة العقوبات النووية إذا عادت إيران إلى حدود اتفاق 2015. لكن بعد ذلك، ستحتاج للبحث عن أشكال جديدة من النفوذ- إما التهديد بفرض عقوبات جديدة أو إعادة فرض عقوبات قديمة أو عرض حوافز اقتصادية أكبر- لإقناع طهران بالموافقة على قيود أكثر صرامة.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، لوكالة "رويترز"، أمس الجمعة، إن إدارة بايدن عينت، أمس الأول، روبرت مالي، مبعوثاً خاصاً بالشأن الإيراني. وكان مالي عضواً رئيسياً في فريق الرئيس الأسبق باراك أوباما في التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران والقوى العالمية. وكانت صحيفة "جيروزاليم بوست" قد نقلت في وقت سابق عن إسرائيليين ارتبطوا بعلاقات عمل بمالي، وهو يهودي مصري الأبوين، قولهم إن تعيينه "يمثل خبراً سيئاً" لإسرائيل. ونقلت عن مصادر أميركية قولها إن لمالي سجلاً حافلاً وطويلاً في التعاطف مع النظام الإيراني وهو معادٍ لإسرائيل. وأضافت أن مالي يرتبط بعلاقات قوية مع الإيرانيين، وهو ما مكّنه من توظيفها في الإفراج عن المواطن الأميركي من أصول صينية أكسيان يانغ، الذي اعتقلته طهران في عهد إدارة أوباما.