نفت الخارجية الإيرانية، اليوم الجمعة، صحة تقارير أميركية عن تواصلها مع فريق الرئيس الأميركي الفائز جو بايدن بشأن الاتفاق النووي، مندّدة في الوقت ذاته بالبيان الصادر عن الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) الشريكة في الاتفاق تجاه خطواتها النووية، ومعتبرة أن هذا الموقف الأوروبي "غير مسؤول".
وتعليقاً على تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، حول تواصل نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع فريق بايدن، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة في بيان، أن التقرير "ملفق"، متهماً الصحيفة بـ"تلفيق أنباء صفراء".
وقال خطيب زادة للتلفزيون الإيراني إن "هذه الوسائل الإعلامية ستنشر من الآن أخباراً مزورة كهذه أكثر من ذي قبل"، مؤكداً أنه "لم يحصل أي تواصل مباشر أو غير مباشر" مع فريق بايدن.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قد نشرت مطلع الأسبوع تقريراً أوردت فيه، نقلاً عن مصادر دبلوماسية أميركية، أن عراقجي حاول بعد الانتخابات الأميركية التواصل مع فريق بايدن عبر "وسطاء"، لنقل رسالة إليه مفادها أن الولايات المتحدة الأميركية "عليها العودة إلى الاتفاق النووي قبل أي تفاوض".
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصادرها القول إن "إيران لا ترغب في وقف تخصيب اليورانيوم أو تخفيض مستوى احتياطاتها من اليورانيوم"، مشيرة إلى أنها "ستعود إلى تعهداتها حينما ستعود واشنطن إلى التزاماتها" المنصوص عليه في الاتفاق النووي.
التنديد بالموقف الأوروبي
وعلى صعيد آخر، رداً على بيان الدول الأوروبية الثلاث الشريكة في الاتفاق النووي، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، حول التعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ندّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهذا البيان، معتبراً أنه "غير مسؤول"، ودعا الدول الثلاث إلى الالتزام بتعهداتها تجاه الاتفاق النووي وتنفيذ قرارات اللجنة المشتركة المنبثقة عن الاتفاق "بدلاً من الإسقاطات السياسية".
وأكد خطيب زادة أن الأنشطة النووية الإيرانية "سلمية"، معتبراً أنها "في إطار القوانين الدولية ومشروعة بالكامل، ويتم القيام بها بناء على حقوق الدول الذاتية التي لا تتجزأ"، مؤكداً أن الخطوات الخمس التي اتخذتها طهران خلال العامين الأخيرين لخفض تعهداتها النووية "جاءت وفق البندين 26 و36 للاتفاق النووي".
وأضاف أن إيران "أكدت مراراً أنها ستعود عن هذه الخطوات بحال قيام بقية أطراف الاتفاق النووي بتنفيذه الكامل".
وكانت طهران قد اتخذت الخطوات الخمس لوقف تعهدات نووية، خلال العامين الماضيين رداً على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وما تبعه من العقوبات الأميركية "التاريخية" و"مماطلات" الأطراف الأوروبية في تنفيذ "تعهداتها الـ11" لتمكين إيران من جني ثمار الاتفاق النووي الاقتصادية. وبموجب هذه الإجراءات، أنهت إيران العمل بجميع "القيود العملياتية" المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
وفي بيان، أرسلتها الترويكا الأوروبية إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس، انتقدت ما اعتبرته مواصلة طهران انتهاك الاتفاق النووي والتزاماتها المنصوص عليها، مشيرة إلى أن ذلك جاء "رغم الجهود الإيجابية للدول الداعمة للاتفاق النووي".
ودعت الدول الثلاث إيران إلى العودة إلى تنفيذ كامل تعهداتها النووية لإنقاذ الاتفاق النووي، معربة في الوقت نفسه عن أسفها من الانسحاب الأميركي منه، ومعتبرة أنها بذلت جهوداً لمواجهة العقوبات الأميركية من خلال تأسيس آلية "إنستكس" المالية لمواصلة التجارة مع إيران، علماً بأنها آلية تأسست خلال يناير/كانون الثاني 2019 لهذا الغرض، لكنها أخفقت في إجراء معاملات مالية وبنكية مع إيران بسبب الضغوط الأميركية.
وأعربت الأطراف الأوروبية في بيانها عن قلقها من قيام طهران بالتخصيب بدرجة نقاء أكثر من 3.67 وزيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب، فضلاً عن تركيب أجهزة الطرد المركزي المتطورة، داعية إياها إلى العودة إلى القيود التي ينص عليها الاتفاق النووي في هذه المجالات.
وطالبت الترويكا الأوروبية إيران، بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ما يتعلق بأسئلتها حول موقعين مشتبهين، قام مفتشو الوكالة خلال سبتمبر/أيلول الماضي بتفتيشهما، لكن الوكالة الدولية تشير إلى العثور على آثار لليورانيوم، مطالبة طهران بالشفافية حول ذلك.
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد وزعت، يوم 11 الشهر الجاري، أحدث تقرير سري بشأن الأنشطة الإيرانية النووية بين الدول الأعضاء في الوكالة، أطلعت عليه وسائل إعلام غربية، أشارت فيه إلى ارتفاع كبير للمخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب، وتركيب طهران أجهزة طرد مركزي متطورة جديدة تحت الأرض، فضلاً عن حديثها حول "عدم مصداقية" المعلومات التي قدمتها الحكومة الإيرانية بشأن موقع مشتبه به.
وأكد التقرير الأممي أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تجاوز في الوقت الراهن الحدّ المسموح به في الاتفاق النووي المبرم، 12 ضعفاً، ليصل "إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب 2442.9 كيلوغراما".
ومن جهة أخرى، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن المعلومات التي وفرتها إيران حول موقع مشتبه به "تفتقر للصدقية"، مطالبة إياها بتقديم توضيحات جديدة.
كما أشارت إلى أن إيران قامت بـ"بتركيب وتوصيل سلسلة من أجهزة الطرد المركزي من طراز "آي.آر-2 ام"، لكنها لم تغذ السلسلة بغاز سادس فلوريد اليورانيوم، وهو المادة الأولية لأجهزة الطرد المركزي.