أفاد المركز الإعلامي التابع للسلطة القضائية الإيرانية بوفاة 4 آخرين من مصابي المواجهات والحريق في سجن "إيفين" شمالي طهران، ليرتفع العدد الإجمالي للقتلى إلى 8 أشخاص، في حين أعلن الحرس الثوري الإيراني بدء مناورات برية بالقرب من الحدود مع أذربيجان.
وأضاف المركز الإعلامي للجهاز القضائي الإيراني أنّ جميع القتلى الثمانية "كانوا من السجناء المحكومين على ذمة جرائم السرقة"، مشيراً إلى أنّ 6 من المصابين مازالوا يرقدون في المستشفى لتلقي العلاج و"حالتهم الصحية بدأت تتعافى".
وشهد سجن "إيفين" شمالي طهران، ليلة السبت/ الأحد، ليلة صعبة ومرعبة للسجناء وذويهم، كما رواها بعض السجناء في اتصالات مع أهاليهم بحسب وسائل إعلام إيرانية.
ورافقت حوادث "إيفين" منذ بداية انتشار الأنباء حولها روايات متضاربة، وسط تساؤلات وغموض حول ما جرى في أشهر سجن إيراني يضم سجناء سياسيين وأمنيين، وبعض معتقلي الاحتجاجات الأخيرة، وسجناء أجانب.
ولاحقاً، أعلنت السلطة القضائية الإيرانية عن حوادث "إيفين"، وقالت إنّ اشتباكات قد وقعت بين السجناء في قسمي 7 و8، وهو ما أدى إلى إشعال حريق في مخزن للملابس وورشة الخياطة، كما انتشرت مقاطع مصورة خلال الساعات الأولى لهذه الحوادث، أظهرت دخاناً يتصاعد، وسط سماع دوي انفجارات وإطلاق نار.
في هذا السياق، ذكرت وكالة "فارس" الإيرانية في البداية بأن الانفجارات جاءت نتيجة ألغام تفجرت بعد محاولة سجناء الفرار من السجن، غير أن السلطات الإيرانية نفت لاحقاً هذه الرواية.
إلى ذلك، تحدث التلفزيون الإيراني عن مخطط مسبق لدى بعض السجناء بالهروب من السجن المحصن أمنياً وشديد الحراسة، خصوصاً مع قول وكالات أنباء شبه رسمية إنّ الاشتباكات كانت "مصطنعة"، لكن نشطاء ووسائل إعلام إيرانية أخرى شككوا في صحة هذه الروايات.
كما اتهم رئيس السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين إيجئي، اليوم الإثنين، من سمّاهم بـ"العدو" بالوقوف وراء حوادث سجن "إيفين"، إذ قال إنّ "ما حصل في سجن إيفين جريمة ارتكبها عناصر العدو".
مضيفاً أنّ "عددا قليلا قاموا بإضرام النار في ورشة عمل أنشئت لأجل منح سجناء فرصة عمل ومساعدة أُسرهم"، فضلاً عن إحراق صالة اجتماعات.
من جهته، تحدث النائب عن مدينة تبريز في البرلمان الإيراني أحمد علي رضا بيغي، عن أن "الحريق في سجن "إيفين" حسب ما تم إعلامه، مرتبط بالاحتجاجات التي اندلعت في القسم 209".
وأضاف بيغي في مقابلة مع موقع "شبكة شرق" الإعلامي، أن لجنة الشؤون الداخلية البرلمانية تقدمت بطلب منذ أكثر من أسبوعين لتفقد المعتقلات والسجون التي تضم معتقلي الاحتجاجات الأخيرة، معرباً عن "قلقه" من عدم تجاوب السلطات المعنية مع هذا الطلب بعد.
وبحسب مواقع إيرانية، فإن القسم 209 الأمني تشرف عليه وزارة الاستخبارات.
مناورات عسكرية
على صعيد آخر، بدأت القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، اليوم الإثنين، مناورات عسكرية ضخمة في منطقة "أرس" العامة، على امتداد محافظتي أذربيجان الشرقية وأردبيل بالقرب من الحدود مع جمهورية أذربيجان.
وجاءت المناورات وسط تحذيرات وتهديدات إيرانية مستمرة من أي إجراء أذربيجاني يقوّض أو ينهي حدود إيران على طول 38 كيلومتراً مع دولة أرمينيا.
وفي تصريحات، قال قائد السلاح البري للحرس، العميد محمد باكبور، إنّ القوات الإيرانية ستجري تمرينات وعمليات الإنزال الجوي، والهجوم الليلي المباغت، وكذا عمليات قتالية للمروحيات والمسيرات القتالية والمفخخفة، بالإضافة إلى إنشاء الجسر على نهر "أرس"، والاستيلاء على طرق مواصلات ومرتفعات.
وأضاف باكبور أن رسالة هذه المناورات لدول الجوار "هي رسالة السلام والصداقة وإرساء الأمن المستدام"، مؤكداً أنّ "رسالتها للأعداء هي جهوزية القوات البرية للحرس الثوري إلى جانب بقية القوات المسلحة الإيرانية، في الدفاع عن حدود البلاد والرد الحازم على أي تهديد"، وفق وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية.
وهذه هي المناورات الثالثة التي تجريها القوات الإيرانية منذ اندلاع حرب كاراباخ عام 2020 بين أذربيجان وأرمينيا، التي استعادت فيها أذربيجان جزءا من أراضي هذه المنطقة من أرمينيا.
يشار إلى أن إيران تراقب بقلق شديد التطورات الحدودية في منطقة كاراباخ بين جمهوريتي أذربيجان وأرمينيا لتداعياتها المحتملة الكبيرة على حدودها مع البلدين، وموقعها الجيوسياسي في القوقاز الجنوبي، وذلك وسط مخاوف إيرانية من مساع أذربيجانية وتركية للربط البري بين أراضي نخجوان وأذربيجان على ضفتي الحدود الإيرانية الأرمينية، لوصول تركيا إلى آسيا الوسطى، مما سيمحو حدود إيران وأرمينيا بطول 38 كيومترا، والتي تكتسب أهمية كبيرة لطهران، ليس فقط لكونها تربطها بأرمينيا، بل لأنها أيضا أحد الممرات المهمة لوصول إيران إلى أوروبا ودول أخرى، فضلا عن أن إزالتها ستصب في مصلحة تركيا، وتقلل من نفوذ طهران الجيوسياسي في القوقاز.
وفي سياق مخاوفها من أي تغييرات قد تطرأ على حدودها مع أرمينيا، تبدي إيران حساسية شديدة تجاه ما تعتبره محاولات لقطع طرق المواصلات بينها وبين أرمينيا. فبعد إغلاق باكو طريق "غوريس ـ غابان" بين أرمينيا وإيران، خلال العام الماضي، ومنع الشاحنات الإيرانية من عبور هذا الطريق، واعتقال سائقين إيرانيين، سيرت إيران قواتها العسكرية إلى الحدود مع أذربيجان، وأجرت مناورات على هذه الحدود، وسط تحذيرات من أنها لن تسمح بتغيير الحدود مع أرمينيا.
وبعد ذلك، هدأ التوتر بين إيران وأذربيجان، وتبادل مسؤولو البلدين الزيارات والاتصالات بعد شهور من حشد عسكري وسجال كلامي ومناورات مضادة.
وحصل ذلك فيما كانت إيران، التي تربطها علاقات جيدة ومتينة مع أرمينيا، ترحب باستعادة أذربيجان أراضي لها في منطقة كاراباخ المتنازع عليها مع يريفان.
وفي يوليو/تموز الماضي، خلال استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في طهران، حذر المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي من السعي لإغلاق الحدود الإيرانية الأرمينية، قائلاً إن "كانت هناك سياسة لإغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا، فالجمهورية الإسلامية الإيرانية سترفض ذلك، لأن هذه الحدود هي طريق التواصل على مدى آلاف السنين".