أثار إيقاف القيادي في "حركة النهضة" نور الدين البحيري، اليوم الجمعة، جدلًا سياسيًا في تونس، إذ يرى كثيرون أن هذه الخطوة تأتي "في سياق محاولة تغيير عنوان المعركة بعد أن أصبحت بين القوى الديمقراطية وبين الانقلاب".
وكانت "حركة النهضة" قد استنكرت، بشدة، إيقاف البحيري واقتياده إلى جهة غير معلومة، فيما أكدت تعنيف زوجته المحامية سعيدة العكريمي التي كانت برفقته.
وقالت الحركة في بيان إن هذه السابقة "تنبئ بدخول البلاد في نفق الاستبداد وتصفية الخصوم السياسيين خارج إطار القانون من طرف منظومة الانقلاب، بعد فشلها في إدارة شؤون الحكم وعجزها عن تحقيق وعودها الزائفة".
وأكد رئيس فرع تونس للمحامين محمد الهادفي أنه تم وضع القيادي في "حركة النهضة" نور الدين البحيري تحت الإقامة الجبرية بجهة مدنية غير معلومة، بحسب تأكيد وزيرة العدل.
ودعا الهادفي، في تصريح لإذاعة "شمس" الخاصة، إلى "ضرورة توضيح أسباب الإيقاف والكشف عن مكان نور الدين البحيري"، مستنكرا بشدة إيقافه.
وأكد القيادي في "حركة النهضة" محمد القوماني، لـ"العربي الجديد"، أن الحركة ستجتمع لتدارس هذه المستجدات واتخاذ المواقف اللازمة، مشيرًا إلى أنه "كان يمكن توجيه دعوة قضائية للتحقيق مع البحيري أو أي شخص، وهي عملية عادية، لأن المساءلة أمر طبيعي، برغم أننا متأكدون من أنه ليس هناك ما يستدعي إيقاف البحيري".
وشدد القوماني على أن "عملية إيقاف البحيري هي عملية اختطاف، لأنها تمت على خلاف الصيغ القانونية، ومن جهات مجهولة"، مشيرًا إلى أن "هذا تحول خطير في مسار ممارسات سلطة الانقلاب، وستكون له آثار سيئة على وضع البلاد في هذا الظرف المحتقن على جميع الصعد".
وأضاف القوماني: "أعتبره منعرجا خطيرا في إدارة الأزمة السياسية، لأن الأبواب مغلقة أمام سلطة الانقلاب في مواجهة المعارضة المتنامية التي قد يعتبر البحيري أحد عناوينها".
من جهته، اعتبر أحمد الغيلوفي، من مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، أن "إيقاف البحيري يأتي في سياق محاولة تغيير عنوان المعركة بعد أن أصبحت بين القوى الديمقراطية وبين الانقلاب، إذ إن الانقلاب يريد خلق استقطاب حاد بينه وبين "حركة النهضة" ليسترجع منطق بن علي (لستَ معي إذن أنت مع النهضة)"، بحسب قوله.
وقال الغيلوفي، في تدوينة على صفحته عبر "فسيبوك"، إن إيقاف البحيري "محاولة لاستعادة الاتحاد (اتحاد الشغل) وتهديده في ذات الوقت، إضافة لمحاولة استعادة التيار والمنظومة القديمة. كونوا معي لقد بدأت حربي معها (النهضة)".
وأشار الغيلوفي إلى أن هناك أيضا إعادة "مغازلة للإمارات والسعودية" بإيقاف البحيري، وأضاف أنها "محاولة للتغطية على قانون المالية الكارثي وإرباك التحشيد ليوم 14 يناير/ كانون الثاني، ومنع ظهور جبهة واسعة ضد الانقلاب".
بدوره، اعتبر الكاتب زهير إسماعيل أن سعيّد يسعى "إلى تغيير عنوان المعركة من انقلاب/ شارع ديمقراطي، إلى سعيّد/ نهضة".
وأضاف على صفحته عبر "فيسبوك" أن هناك "شارعا ديمقراطيا يترسّخ وتجمعت حوله أوسع القوى الوطنية المدافعة عن الدستور والديمقراطية بأفق جبهة سياسية، وهي محاولة لتغيير عنوان المعركة في الوقت بدل الضائع في استباق لموعد 14 يناير/ كانون الثاني الحاسم. انقلاب يتخبّط".
"مواطنون ضد الانقلاب": اختطاف البحيري انتهاك فظيع للقانون
واعتبر البيان أن "استهداف القضاء وتهديده وإخفاء الناس قسريا واختلاق الاستقطاب الثنائي، تعد دليل حيرة وعجز وشكلا من التغطية على فشل الانقلاب السياسي والاقتصادي الذريع الذي تجلى في قانون المالية وتداعياته الاجتماعية".
وشددت المبادرة على أن "هذه الممارسات تزيدنا يقينا بأنّ ما حدث منذ 25 يوليو/ تموز هو انقلاب فج على الديمقراطية، لن يزيدنا إلاّ إصرارا على مواصلة مقاومة هذا الانقلاب البغيض واستعادة المسار الديمقراطي".
رئاسة البرلمان التونسي: محاكمة النواب لن تغطي الفشل الذريع في معالجة مشاكل البلاد
وشدد البيان على أن "هذا التوجه الخطير لن يزيد الأحرار إلا تمسكا بالحرية والعدالة والديمقراطية، وهم مستعدون للتضحية من أجل استرداد هذه القيم التي ضحت من أجلها الأجيال المتعاقبة".