"وعدت بأنني لن أهرب إلى أي مكان، وسأقول الحقيقة بصوت عالٍ طالما يتسنى ذلك، وعندما يتم اعتقالي، سأتلقى هذه الضربة بشرف"، هذا ما كتبه المعارض الروسي، النائب المحلي في حيّ كراسنوسيلسكي بالعاصمة الروسية، إيليا ياشين، على صفحته على "فيسبوك" قبيل إصدار المحكمة أمس الأربعاء، قراراً بحبسه بتهمة نشر أخبار "كاذبة" عن استخدام القوات المسلحة الروسية.
ويواجه ياشين البالغ من العمر 39 عاماً، السجن لمدة قد تصل إلى عشر سنوات في حال إدانته بموجب بند "دي" من الجزء 2 من المادة 207.3 من القانون الجنائي الروسي والخاصة بنشر أخبار "كاذبة" حول استخدام قوات الجيش الروسي، لدوافع "العداوة أو الكراهية السياسية أو الأيديولوجية أو العنصرية أو القومية أو الدينية".
وفي هذا الإطار، يلفت عضو المجلس الإقليمي لحزب "يابلوكو" (تفاحة) الليبرالي المعارض في موسكو، أليكسي كرابوخين، إلى أن ياشين ظل واحداً من آخر المعارضين الروس المعروفين الذين واصلو معارضة العملية العسكرية في أوكرانيا من داخل البلاد، متوقعاً صدور حكم بإدانته في ظل رفض السلطات الروسية لأي رأي يتعارض مع الرواية الرسمية للأحداث.
ويقول كرابوخين في حديث لـ"العربي الجديد": "يشكل حبس ياشين حلقة جديدة من الضغط على المعارضة وتكميم أفواه من يقولون الحقيقة أو يعبرون عن آرائهم على الأقل. ظل ياشين واحداً من المعارضين المعروفين القلائل الرافضين لما نضطر إلى أن نسميه العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، ممن ظلوا داخل روسيا وواصلوا التعبير عن مواقفهم".
ويتوقع أن يصدر القضاء حكماً بإدانة ياشين، مضيفاً: "أتوقع أن يصدر بحق ياشين حكم بالسجن النافذ، ربما لفترة قصيرة نسبياً مع إمكانية الإفراج المبكر، في ظل التوجه السائد لعدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين في المرحلة الراهنة لمنع أي رأي عام بديل والحفاظ على دعم السكان للعملية العسكرية الخاصة حتى إذا كان وهمياً وناجماً عن منع الأصوات المعارضة لها".
ومع ذلك، يتوقع كرابوخين أن يواصل ياشين إيصال وجهة نظره إلى الرأي العام الروسي عبر محاميه حتى من خلف القضبان على غرار المعارض المعتقل، مؤسس "صندوق مكافحة الفساد"، أليكسي نافالني، الذي لم يتوقف عن تحديث حساباته على شبكات التواصل الاجتماعي.
وبحسب محامي ياشين، فاديم بروخوروف، فإن القضية الجنائية بحق موكله رفعت في 12 يوليو/تموز الحالي، بذريعة حديثه عن واقعة مدينة بوتشا الأوكرانية التي يُشتبه في ارتكاب القوات الروسية مجزرة فيها، في مقطع فيديو على قناته على "يوتيوب".
وكانت محكمة حي باسماني في موسكو قد قررت أمس، حبس ياشين حتى 12 سبتمبر/أيلول المقبل، بينما كان دفاعه يطالب بأن يكون الإجراء الاحترازي بحقه هو الإقامة الجبرية أو أي إجراء آخر لا يترتب عليه الحبس.
ومع ذلك، يبدو أن قرار حبسه لم يشكل مفاجأة لياشين نفسه الذي أكد في حوار مع المدون الروسي الأشهر على "يوتيوب" والهارب حالياً، يوري دود، في إسطنبول، أخيراً، أنه يستعد لاحتمال اعتقاله، بما في ذلك من طريق علاج الأسنان نظراً لسوء الخدمات الطبية في الإصلاحيات.
وعلى مدى عقد مضى، عرف ياشين بانتقاداته اللاذعة للسلطة الحاكمة في روسيا وعلاقته الوطيدة بالمعارض المغتال، بوريس نيمستوف، الذي قتل على بعد أمتار من الكرملين في نهاية فبراير/شباط 2015. كذلك عبّر ياشين عن مواقفه المعارضة بجرأة بالغة سواء عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو تعليقاته لوسائل الإعلام الروسية والأجنبية، بما فيها "العربي الجديد".