- القاهرة تسعى للسيطرة على تدفق المساعدات ومواجهة ظاهرة العصابات في غزة، في ظل تحجيم دور الشرطة والأجهزة الأمنية الفلسطينية.
- المشروع الأمريكي لإنشاء ممر مائي بين قبرص وغزة يثير تساؤلات حول مستقبل النفوذ المصري والفلسطيني، مع تشكيك الخبراء في إمكانية تغيير الوضع القائم بسبب قوة المقاومة الفلسطينية.
كشفت مصادر مصرية، لـ"العربي الجديد"، عن وجود اتصالات وتحركات تجريها القاهرة، مع عشائر في قطاع غزة بهدف "قطع الطريق على أي محاولات إسرائيلية تسعى للتنسيق المنفرد معها (العشائر)، بشأن أمور تنظيمية مستقبلية محتملة في القطاع".
وأوضحت أن القاهرة "تحاول الإمساك بكل الخيوط المرتبطة بقطاع غزة، للسيطرة على محاولات تقليل حجم تأثيرها، بعد مشروع الميناء الأميركي المزمع تنفيذه على ساحل غزة، بحجة إيصال المساعدات".
وقال مصدر مصري إن هناك "اتصالات تجريها القاهرة مع العشائر الفلسطينية الكبرى في قطاع غزة، للبحث في آليات تنسيق عملية تدفق المساعدات والمواد الإغاثية، ومواجهة ظاهرة العصابات، والتي بدأت تنشط في ظل تحجيم دور الشرطة والأجهزة الأمنية الفلسطينية هناك".
دور كبير للعشائر في قطاع غزة
وأوضح أن أهمية الاتصالات مع عشائر في قطاع غزة يكمن في أن "المجتمع الفلسطيني، عشائري وقبلي بالأساس، وتلعب فيه العائلات دوراً كبيراً، إذ تعتبر وسيلة سريعة ومجدية لتجاوز أزمة تعثر تدفق المساعدات، في ظل إصرار إسرائيل على خلق فوضى، لإلقاء المسؤولية على الفلسطينيين في أزمة المساعدات".
وتقول وكالات الإغاثة، إن الشاحنات الداخلة إلى القطاع، لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، وإن إسرائيل تعيقها بسبب عمليات التفتيش المرهقة، وحصارها المطبق على القطاع.
الاتصالات المصرية شملت أيضاً تنسيقاً واتصالات مع التيار الإصلاحي لحركة "فتح"
وإلى جانب التواصل مع أوساط عشائر في قطاع غزة قال المصدر المصري، إن "الاتصالات المصرية على صعيد تسهيل عملية وصول المساعدات للنازحين في مناطق الجنوب، شملت أيضاً تنسيقاً واتصالات مع التيار الإصلاحي لحركة فتح، والذي يتزعمه محمد دحلان".
وأضاف أن التيار "يمتلك مساحات حركة واسعة في القطاع وتحديداً في رفح، من خلال صلاته بالعائلات الكبرى هناك، وكذلك تنسيقه مع ممثلي حركة حماس، وتمتعه بحرّية".
ولفت المصدر إلى أنه "رغم امتعاض القاهرة من خطوة الميناء البحري الذي دفعت به الإدارة الأميركية لإدخال المساعدات بما يقلل من الدور المصري في هذا الإطار، خصوصاً مع القيود المفروضة من جانب الحكومة الإسرائيلية على معبر رفح البري، إلا أنها تعمل في الوقت ذاته على تعزيز نفوذها من خلال الوجود ميدانياً عبر التنسيق مع المكونات المحلية، ممثلة في العائلات".
خطة لإرساء سلطة جديدة في قطاع غزة
من جانبه، يرى نائب رئيس "المركز العربي للدراسات السياسية"، مختار الغباشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الخطة الأميركية لفصل غزة عن امتدادها العربي، من خلال الممر المائي، وإحلال سلطة جديدة في القطاع، مسألة مستحيلة"، في تصوره. ويوضح أنه "لا يمكن تجاهل قدرة وقوة وسلطة وسيطرة المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة".
ويقول الغباشي إن "الممر المائي الأميركي الواصل بين ميناء لارنكا في قبرص وبين مدينة غزة، عليه علامات استفهام وأسئلة كثيرة جداً، أتصور أن تكشف عنها الأيام المقبلة".
ويضيف أنه "في النهاية، نحن أمام مقاومة حقيقية، خلقت فعلاً على أرض الواقع الفلسطيني، وعلى نطاق الدولة، والنطاق الإقليمي"، لافتاً إلى أنه "صحيح أن هناك دماراً وهلاكاً مروعين، فعلتهما إسرائيل داخل القطاع، وهما خارج نطاق الإنسانية، وهناك كيان يفعل ما لم يفعله بشر، لكن المقاومة موجودة وفاعلة وقدرة إسرائيل على فصلها عن قطاع غزة ضعيفة، رغم دعم الولايات المتحدة الأميركية لها".
الغباشي: المشكلة الحقيقية هي المدد غير المحدود الأميركي والغربي لإسرائيل
وبتصوره فإن "المشكلة الحقيقية، هي في واقع المدد غير المحدود من قبل الإدارة الأميركية والعالم الغربي لإسرائيل، والضعف -بلا حدود- من قبل العالم العربي والإسلامي".
بدوره يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي إن "الولايات المتحدة وتقف خلفها معظم الدول الأوروبية، تدفع باتجاه التطبيع الآن أساساً، و(الرئيس الأميركي جو) بايدن يريد أن يحقق حالة اختراق في هذا الملف"، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أنه "لن يتحقق ذلك إلا بتهدئة الأوضاع وتوصيل المساعدات".
أهداف الممر المائي لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة
ويتابع: "بدأوا بمسرحية المساعدات من خلال الإنزال الجوي، ولكنها لم تكن ذات قيمة أو تأثير، ثم كان البديل الآخر وهو الممر بين قبرص وغزة، والهدف منه متعدد الأبعاد، أهمها فصل ووقف حركة المعابر تماماً لمنع أي اختراقات أو تسلل، ليكون هناك بدائل".
وثانيها، وفق عبد الشافي، "الهيمنة على المساعدات والتحكم في ما يدخل تحت إشراف إسرائيلي أميركي كامل، وبالتالي لا يكون هناك أي اختراق لهذه المساعدات". وثالثاً "تأكيد فكرة (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو، لأن معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن أن فكرة الممر كانت ابتداءً من جانبه".
عبد الشافي: يتحكم الاحتلال الآن في المداخل البرية والبحرية وحتى الجوية لقطاع غزة
وبالتالي أصبح الاحتلال "يتحكم الآن في المداخل البرية والبحرية وحتى الجوية، إذ كانت عمليات الإنزال الجوي بتنسيق مع الجانب الصهيوني، وبالتالي تحقيق الأهداف الجزئية من هذه الخطة (الممر) وارد".
ويوضح عبد الشافي أن "تحقيق تلك الأهداف من المنظور الأميركي وارد، ومن المنظور الإسرائيلي تحقق بعضها، ولكن من المنظور الفلسطيني، فهي محدودة الجدوى".
ويعزو ذلك إلى أن "ما سيتم نقله من المساعدات لا يقارن بما يمكن نقله عبر معبر رفح البري، والحديث عن إنشاء رصيف (بحري) مؤقت يستغرق وقتاً لا يقل عن عدة أسابيع، ومن ثم إطالة أمد الصراع واستمرار العدوان الإسرائيلي الممنهج على القطاع، ومزيد من الخسائر والأضرار في البنية التحتية والقدرات البشرية".