اتفاق بين بغداد وأربيل على تطبيع الأوضاع في بلدة سنجار: إبعاد مسلحي "العمال الكردستاني"
أعلنت الحكومة العراقية التوصل إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان على تطبيع الأوضاع في بلدة سنجار (المتنازع عليها بين الحكومتين) ذات الغالبية الأيزيدية، مبينة أنّ الاتفاق ينهي سطوة الجماعات المسلحة بالبلدة، ويعيد الاستقرار فيها.
ووصل وفد رفيع من حكومة إقليم كردستان، اليوم الجمعة، برئاسة وزير داخليتها ريبر أحمد، إلى العاصمة بغداد، لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق تطبيع الأوضاع في بلدة سنجار المتنازع عليها.
ويتلخّص الاتفاق بأن تدير بغداد الملف الأمني في سنجار بالتنسيق مع أربيل، بينما تتولّى مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الجانب الخدمي بالمدينة، على أن تتم إعادة سكان المدينة من العرب والكرد والمكونات الأخرى من دون استثناء وإبعاد الجماعات الدخيلة منها.
وعلم "العربي الجديد" أنّ الاتفاق يتضمّن إبعاد مسلحي حزب "العمال الكردستاني" من سنجار وضواحيها ونشر القوات العراقية من خلال الجيش والشرطة الاتحادية، لكن حتى الآن لم تتضح طريقة إبعاد مسلحي الحزب، رغم أن مصادر محلية في سنجار قالت، لـ"العربي الجديد"، إنّ الأرجح هو انسحاب مسلحي "الكردستاني" بشكل طوعي بدون مشاكل، وقد تكون جبال قنديل وجهتهم الرئيسة.
وأصدر مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بيانًا أعلن فيه أنّ الأخير "عقد اجتماعاً مع مسؤولين في الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، بشأن الاتفاق على إعادة الاستقرار وتطبيع الأوضاع في بلدة سنجار بمحافظة نينوى، بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت"، مبيناً أنه "أكد إتمام الاتفاق على الملفات الإدارية والأمنية في سنجار، والذي من شأنه أن يسرع ويسهل من عودة النازحين إلى القضاء".
وأوضح الكاظمي أنّ "الاتفاق جرى في أجواء من التفاهم الأخوي في إطار الدولة الاتحادية، وأنه سيأخذ صدى طيباً على المستوى المحلي والدولي، وسيكون بداية لحل مشاكل جميع المناطق المتنوّعة إثنياً ودينياً في العراق"، مبيناً أن "القانون كفيل ببناء أساس لدولة قوية تسودها المواطنة، وترعى التنوع الديني والإثني، وهو مبدأ لن نتخلى عنه، إذ يرتبط بمستقبل العراق ووحدته".
وأضاف أن "التأخر في إعادة الاستقرار إلى سنجار كان على حساب الأهالي الذين عانوا بالأمس من (داعش)، ويعانون اليوم من نقص الخدمات"، متعهداً بأن "تبذل الأجهزة الحكومية قصارى جهدها لأجل المضي قدماً في البحث عن المختطفات والمختطفين الأيزيديين".
رئيس مجلس الوزراء @MAKadhimi يؤكد ان الحكومة الاتحادية وبالتنسيق مع حكومة الاقليم ستؤدي دورها الأساس في سبيل تطبيق الاتفاق بشكله الصحيح، لضمان نجاحه، وذلك بالتعاون مع أهالي سنجار أولاً. pic.twitter.com/UtPQxbtBMd
— المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) October 9, 2020
وأكد أن "الحكومة وبالتنسيق مع حكومة الإقليم ستؤدي دورها الأساس في سبيل تطبيق الاتفاق بشكله الصحيح، لضمان نجاحه، وذلك بالتعاون مع أهالي سنجار أولاً"، مشيراً إلى "حرص الحكومة وجديتها في أن تكون سنجار خالية من الجماعات المسلحة، سواء المحلية منها أو الوافدة من خارج الحدود، وأن الأمن في غرب نينوى يقع ضمن صلاحيات الحكومة الاتحادية".
وشدد على "رفض العراق استخدام أراضيه من قبل جماعات مسلحة للاعتداء على جيرانه، سواء تركيا أو إيران وباقي جيراننا"، معبراً عن "شكره لبعثة الأمم المتحدة في العراق لدعمها جهود الحكومة فيما يخص ملف عودة جميع النازحين وإعادة الاستقرار إلى مناطقه، كما شكر وفد حكومة الإقليم الذي ساعد في التوصل إلى هذا الاتفاق، كما ثمّن جهود المسؤولين الحكوميين الذين بذلوا جهدهم في سبيل تحقيق هذا الاتفاق وإنصاف أهلنا الأيزيديين".
وتضمّن اتفاق إعادة الاستقرار في سنجار نقاطاً إدارية وأمنية وخدمية عديدة، على أن يتم الاتفاق بشأن الجانب الإداري مع حكومة كردستان ومحافظة نينوى، مع الأخذ بعين الاعتبار مطالب أهالي البلدة، وإدخال كل ما هو أمني ضمن نطاق وصلاحيات الحكومة الاتحادية بالتنسيق مع حكومة الإقليم، أما الجانب الخدمي فسيكون من مسؤولية لجنة مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ومحافظة نينوى.
المتحدث باسم رئيس الوزراء، أحمد ملا طلال أكد، في تغريدة له، أن "الاتفاق ينهي سطوة الجماعات الدخيلة، ويمهد لإعادة إعمار المدينة وعودة أهاليها المنكوبين بالكامل، وبالتنسيق مع حكومة أقليم كردستان"، مبينا أن "ما فشل به الآخرون نجحت فيه هذه الحكومة عن طريق زرع الثقة المتبادلة، وتقديم حسن النوايا، واستناداً إلى إرادةٍ سياسيةٍ صلبة، نحو إعادة الأمن والإستقرار والإعمار إلى سنجار، وعودةِ كامل أهلها المنكوبين إلى ديارهم".
السيد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي@MAKadhimi رعى اليوم إتفاقًا تأريخيًا يعزز سلطة الحكومة الاتحادية في سنجار وفق الدستور، على المستويين الإداري والأمني، وينهي سطوة الجماعات الدخيلة، ويمهد لإعادة إعمار المدينة وعودة أهاليها المنكوبين بالكامل، وبالتنسيق مع حكومة أقليم كردستان.
— احمد ملا طلال (@AhmadMullaTalal) October 9, 2020
من جهته، أكد رئيس الوفد الكردي، وزير الداخلية في الإقليم، ريبر أحمد، للصحافيين عقب اجتماع الوفد مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، أنه "بحضور الأمم المتحدة وممثلي الإقليم وبغداد تم التوصل إلى اتفاق لتطبيع الأوضاع الأمنية والعسكرية والإدارية في سنجار".
وأوضح أن "بغداد وأربيل تسعيان إلى عودة الأوضاع إلى طبيعتها في سنجار، وأن يعود النازحون إلى ديارهم".
أما ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينين بلاسخارت، فعبرت عن ترحيبها بالتوصل إلى هذا الاتفاق، وأكدت، في بيان، أنه "يوم تاريخي لسنجار بعد المجازر التي عاشها أبناؤها على يد عصابات (داعش)، والمصاعب التي عانوا منها بعد طرده"، معتبرة أنها "بداية حقيقية لعودة النازحين إلى مناطقهم، والأمم المتحدة مستعدة لدعم الاستقرار في هذه المنطقة".
Today’s agreement between the Federal and the Kurdish Regional governments is a first and important step in the right direction. High time to reach out to the people of #Sinjar and to make them feel that they are, indeed, part of the broader community. pic.twitter.com/sjqfgA3ydp
— Jeanine Hennis (@JeanineHennis) October 9, 2020
بدورها، هنّأت الولايات المتحدة الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان على الاتفاق، وذكرت سفارتها ببغداد، في بيان: "نتطلع إلى تنفيذ الاتفاق بالكامل، ونأمل أن يؤدي هذا الاتفاق إلى أمن واستقرار دائم للشعب العراقي في شمال العراق".
وتقع سنجار غربي محافظة نينوى، وتسكنها غالبية من الأيزيديين، وأقلية من التركمان.
وكان تنظيم "داعش" الإرهابي قد اجتاح المدينة في يونيو/ حزيران 2014، فيما تم تحريرها من قبل قوات البشمركة الكردية بدعم من "التحالف الدولي" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، ومن ثمّ استعادتها الحكومة من البشمركة عام 2017.
وعلى الرغم من خروج "العمال الكردستاني" في وقت سابق من داخل مدينة سنجار إلى قرى ومناطق محيطة بها، إلا أن مليشيات يطلق عليها اسم "وحدات حماية سنجار"، والتي قام الحزب الكردي بإنشائها من السكان الأكراد الأيزيديين في المنطقة، تعتبر ذراعه داخل المدينة، وتقوم برفع صور زعيم الحزب عبد الله أوجلان في مقراتها داخلها.