قال مصدر قيادي في حركة حماس إنهم تلقّوا عدداً من الرسائل التطمينية من جانب القاهرة، في أعقاب لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينت، باتخاذ خطوات عملية وسريعة، على صعيد إعادة إعمار غزة، وتحسين الأوضاع المعيشية، في مقابل حفاظ فصائل المقاومة على حالة الهدوء وخفض التوتر، بشكل يسمح بدخول المعدات والفرق الهندسية، والشروع في بدء عمليات البناء.
وأكد المصدر القيادي أن "حماس" لم تتلق أية مؤشرات من جانب مصر بشأن الحركة على معبر رفح، سواء للأفراد أو البضائع، مقللاً من أهمية ما يُثار بشأن اتفاقات بين القاهرة وتل أبيب متعلقة بتشديد الاجراءات على دخول البضائع إلى غزة، عبر معبر رفح. وأوضح أنّ "المقاومة تعرف جيداً كيف تبني قدراتها وتطور ترسانتها العسكرية بعيداً عن المعبر، كما يحلو للجانب الإسرائيلي أن يروّج دائماً لضرب العلاقة بين مصر وقطاع غزة". ولفت إلى أن "هناك اتفاقيات وتنسيقا مشتركا بين حماس ومصر بشأن تأمين الشريط الحدودي، إذا كان الجانب الإسرائيلي لا يعلم ذلك".
حماس لن تتراجع في ملف تبادل الأسرى مع إسرائيل
وشدد المصدر على أن "غزة لا تستجدي حريتها وقادرة على انتزاعها، ولكن في النهاية المقاومة وفصائلها تراعي وساطات الأطراف العربية والدولية، التي أخذت على عاتقها التوصل إلى حل". ولفت إلى أنه "حين نتأكد من عدم جدية الموقف الإسرائيلي، فوقتها سيكون القطاع في حل من أي شروط خاصة بالتهدئة لا يلتزم بها الاحتلال، في وقت يريدون إجبارنا على حفظها".
وحول صفقة تبادل الأسرى مع الجانب الإسرائيلي، قال القيادي إن "حماس لن تتراجع قيد أنملة في هذا الملف، ومتمسكة بكل ما فيه من تفصيل، وربما تكون المرونة المتاحة فيه متعلقة بالجانب الشكلي في كيفية التنفيذ". وأكد أنه "كلما يمرّ الوقت، يزيد من صعوبة الموقف على الجانب الإسرائيلي وليس على حماس أو المقاومة، كما أعلنا بإدخال شرط جديد للصفقة بتضمين أسرى الحرية الستة لقائمة الأسرى الذين سنطلب تحريرهم". وكشف القيادي في الحركة أن "الجانب المصري أبلغنا أنه سيكون هناك اجتماع جديد بشأن الحديث عن عملية التبادل، من دون أن يقدم تفاصيل بشأن آخر ما طرأ"، مستدركاً "ربما يكون هناك متغيرات جديدة، ووقتها سنطلع عليها ثم نقدم ردنا".
في موازاة ذلك، كشفت مصادر مصرية خاصة عن تطورات وصفتها بالحاسمة على صعيد ملف التهدئة بين إسرائيل وقطاع غزة، قائلة إن "الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى مصر على رأس وفد، تم تشكيله بعناية فائقة، ساهمت في تحريك بعض الأمور التي كانت عالقة بشأن مواصلة مفاوضات التهدئة مع الفلسطينيين بشكل فعال". وبحسب المصادر، فإن الأيام القليلة المقبلة ستشهد خطوات جديدة من أجل تحريك ملف صفقة تبادل الأسرى، في ظل موقف جديد نسبياً من جانب الحكومة الإسرائيلية، لافتة إلى أن الفترة الماضية شهدت لقاءات متعددة بين المسؤولين في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، والمسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية.
وأوضحت المصادر أنه "على سبيل المثال فيما يخص ربط البدء في إعادة إعمار غزة، بتسليم حماس للأسرى المتواجدين لديها أولاً، فهذا الملف تحرك كثيراً، وتولدت رؤية جديدة لدى الحكومة الإسرائيلية، التي تسعى إلى تحقيق نجاحات على الأرض في ظل هشاشة الائتلاف الحكومي الحالي". وتابعت: "كذلك الجزئية الخاصة بعدم إطلاق سراح من تصفهم إسرائيل بالملطخة أيديهم بالدماء، هذه أيضاً حدث فيها اختراق جيد"، لافتة إلى أنه "خلال لقاء سبق زيارة بينت، أطلعت المخابرات المصرية رئيس الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حولتا، على آخر ما تداولته مع حركة حماس بشأن التهدئة في قطاع غزة، وهي المداولات التي حملها حولتا مجدداً إلى المجلس الحكومي المصغر، وأطلعهم عليها بدوره".
مصادر مصرية: حدث اختراق جيد في الجزئية الخاصة بعدم إطلاق سراح من تصفهم إسرائيل بالملطخة أيديهم بالدماء
وكشفت المصادر عن رد "حماس" بشأن الرفض الإسرائيلي لإطلاق سراح من تصفهم تل أبيب بالملطخة أيديهم بالدماء، قائلة إن "المسؤولين في حماس قالوا إن الأسيرين الجندي أورون شاؤول والضابط هدار غولدن، تم أسرهما من داخل حدود الأراضي المحررة في معركة عسكرية، قاما خلالها بالطبع بقتل فلسطينيين، فبهذا المنطق نقول إننا لن نسلمهما". وأشارت إلى أن الزيارة الأخيرة لبينت إلى شرم الشيخ ولقاء السيسي، ربما تكون أسفرت عن تعهدات مصرية، بضبط الوضع الأمني على الحدود، ومنع تسرب الأسلحة والذخائر إلى القطاع، وكذلك تشديد الرقابة المصرية على معبر رفح، بحيث يتم منع إدخال المواد التي من شأنها مساعدة الحركة على إعادة بناء قوتها. وأوضحت أنه "تم التوافق فيما يخص تلك الجزئية بالتحديد على آلية تنسيق بين مصر والاحتلال الإسرائيلي، يتم بموجبها مراجعة عمل المعبر والمواد التي تدخل من خلاله إلى القطاع، بشكل يحافظ على عدم تعاظم قوة حماس". وكشفت أن الآلية التي تم التوافق على خطوطها العريضة، خلال زيارة بينت لشرم الشيخ أخيراً، بحيث يتم استكمال تصورها بالكامل بشكل لاحق، ستؤدي إلى زيادة التنسيق الأمني بين الجانبين بشأن ملاحقة العناصر المتطرفة في المناطق الحدودية، وبحث زيادة أعداد القوات المصرية المتواجدة في سيناء.
في غضون ذلك، وصل وفد هندسي مصري إلى غزة عبر معبر رفح البري، بهدف التنسيق مع عدد من الجهات في القطاع بشأن مجموعة من الترتيبات الخاصة ببدء عمليات بناء بعض المرافق، ضمن المبادرة المصرية لإعادة إعمار القطاع التي أعلنتها القاهرة في وقت سابق. وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، قال، مساء الخميس الماضي، إن "المرحلة الأولى من إعادة إعمار قطاع غزة، الذي تعرّض لأضرار جسيمة بعد الهجوم الإسرائيلي في مايو/أيار الماضي، شارفت على الانتهاء". وأوضح أن "العملية تضمنت إزالة الأنقاض، والحطام الناتج عن الدمار الناجم عن القصف الجوي لغزة" من جانب إسرائيل. وأضاف: "هناك جهد يبذل لاكتشاف أفق سياسي يفتح نافذة جديدة للسلام بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، إلى جانب إعادة الإعمار التي تقودها مصر".
ستؤدي الآلية التي تم التوافق على خطوطها العريضة إلى زيادة التنسيق الأمني بين إسرائيل ومصر
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه بينت إن ملف إعمار غزة غير مرتبط بإعادة الأسرى الإسرائيليين من القطاع، لافتاً، في تصريحات إعلامية أخيراً، إلى أنه "يجب الفصل بين هذين الملفين، ويجب التعامل مع قطاع غزة بحكمة". وفي موضوع الأسرى، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية إنه لن يتم الإفراج عن أسرى فلسطينيين "لطخت أيديهم بالدم"، لكن ستتضمن أي صفقة قادمة مع "حماس" أسرى أمنيين.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد عرض، الأحد الماضي، خطّته القائمة على "الاقتصاد مقابل الأمن". وقال، خلال مؤتمر هرتسليا، إن "الخطّة ستُنفّذ بمشاركة السلطة الفلسطينية، مقابل تعهّد حركة حماس بالحفاظ على الهدوء لمدّة طويلة". وتنقسم خطّة لبيد إلى مرحلتين، تتمثل الأولى في إعادة إعمار القطاع، وتأهيل البنية التحتية من كهرباء وغاز ومياه وخدمات صحية وشبكة طرق، ومكافحة تعاظم القوة العسكرية لحركة حماس. فيما المرحلة الثانية، بعيدة المدى، تتضمّن إنشاء شواطئ وجزر اصطناعية، ومناطق صناعية، ومشاريع اقتصادية، وإقامة ميناء لغزة. وأشار لبيد إلى أن مقترحه يهدف إلى "خلق الاستقرار والهدوء على جانبَي الحدود، أمنياً وسياسياً ومدنياً واقتصادياً، غير أن ذلك لا يعني التفاوض مع حركة حماس، لأن إسرائيل لا يمكن أن تمنح جوائز لمنظّمة إرهابية، وتساهم في إضعاف السلطة الفلسطينية"، التي أكد أنها تعمل معهم بانتظام، متعهّداً تسليمها الإدارة الاقتصادية والمدنية لغزة. ولفت إلى أن جولات القتال المتكررّة في القطاع أدّت إلى تآكل قدرة الجيش، وأضرّت بصورة إسرائيل دولياً، الأمر الذي يستلزم تغيير السياسة الإسرائيلية تجاه غزة.