اتهامات لـ"الاتحاد الديمقراطي" بالتفرد في قرار الأكراد السوريين

21 سبتمبر 2021
يسيطر "الاتحاد الديمقراطي" على شرقي الفرات (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

يثير حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي في سورية حفيظة واستياء الكيانات والأحزاب الكردية الأخرى، تحديداً لجهة تفرّده في قرار الأكراد السوريين، في ظلّ تحرّكه على صعد محلية وإقليمية ودولية، على قاعدة تمثيله سلطة "الأمر الواقع" في شمال شرقي سورية، اعتماداً على ذراع عسكرية هي الأقوى في المنطقة. وهو ما سمح بزيارة رئيسة الهيئة التنفيذية لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، الجناح السياسي لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، إلهام أحمد، إلى العاصمة الأميركية واشنطن، برفقة عدد من أعضاء "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سورية، من أجل إجراء مباحثات على هامش اجتماعات الأمم المتحدة. وكانت أحمد، وهي قيادية بارزة في حزب "الاتحاد الديمقراطي"، قد زارت العاصمة الروسية موسكو يوم الخميس الماضي، مؤكدة اعتبار حزبها نفسه ممثلاً عن الأكراد السوريين في المحافل الإقليمية والدولية. ووصف عضو مجلس قيادة "مسد" سيهانوك ديبو زيارة موسكو بـ"الإيجابية"، مشيراً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن حل الأزمة السورية يتم عبر تطبيق القرار الدولي 2254، داعياً إلى حوار بين "مسد" والنظام "تراعي نتائجه حل اللامركزية الديمقراطية الذي يجسد وحدة وسيادة سورية، وخصائص تنوعها الإثني القومي والديني والطائفي".


زار وفد من "الإدارة الذاتية" موسكو قبل واشنطن

في المقابل، يُنظر إلى هذا الحزب على أنه الجناح السوري لحزب "العمال الكردستاني"، المصنّف على قوائم الإرهاب في عدة دول. ويسيطر عبر "الوحدات الكردية"، ذراعه العسكرية، على مجمل منطقة شرقي نهر الفرات، وتُعدّ الوحدات الثقل الرئيسي في "قسد". ورفض "الاتحاد الديمقراطي" مبدأ التشارك في القرار الأمني والعسكري والاقتصادي مع "المجلس الوطني الكردي"، الذي يضم العديد من الأحزاب السورية الكردية، خلال جولات حوار رعته واشنطن العام الماضي، كما رفض مبدأ فك الارتباط مع "العمال الكردستاني"، وهو ما أفشل الحوار الكردي ـ الكردي، مع إصرار "الاتحاد الديمقراطي" على التفرّد بالقرار في منطقة شرقي الفرات ذات الغالبية العربية من السكان.

وحول هذا التفرّد، يقول عضو اللجنة السياسية في حزب "يكيتي" السوري، وهو من الأحزاب الرئيسية في "المجلس الوطني الكردي"، فؤاد عليكو، في حديث مع "العربي الجديد"، إن حزب "الاتحاد الديمقراطي" الذي يحاول الاستحواذ على القرار الكردي، يمثل شريحة من الأكراد ولا يمثلهم جميعاً. ويوضح أنه "ليس هناك تفاهم سياسي بين واشنطن وقوات قسد"، مشيراً إلى أن ما جمع الطرفين "هو محاربة داعش". ويرى أن واشنطن غير مستعدة للتضحية بعلاقاتها مع حليفها الاستراتيجي في المنطقة (تركيا) من أجل هذه القوات. ويشدّد على أن الوجود الأميركي في المنطقة مرتبط بمحاربة تنظيم "داعش" وتحجيم دور إيران حصراً، وليس حماية "قسد" أو "الاتحاد الديمقراطي". ويعتبر عليكو أنه إذا ما رأت واشنطن أن قوى أخرى قادرة على الحلول مكانها في محاربة تنظيم "داعش"، تنتفي الحاجة لوجود قواتها في سورية. ويعرب عن اعتقاده بأن "أمل حزب الاتحاد الديمقراطي في البقاء ضعيف، ما لم يفكّ ارتباطه بحزب العمال الكردستاني، المصنّف كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي". ويشدّد على أنه "لا يمكن فصل مصير منطقة شرقي الفرات عن مصير سورية ككل"، مضيفاً أنه ليست هناك حلول جزئية.

لكن "الاتحاد الديمقراطي" مستمر بالتحرّك بمعزل عن أحزاب أخرى متحالفة معه ضمن ما يسمّى بـ"أحزاب الوحدة الوطنية". في السياق، يشير سكرتير حزب "اليسار" الكردي صالح كدو، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه لم يكن على علم بزيارة وفد "مسد" إلى موسكو، معتبراً أن هذه اللقاءات "تصبّ في مصلحة النظام السوري". ويضيف أن الدبلوماسية الروسية تخدم حتى الآن مصالح النظام، وتسعى إلى العمل على استعادة سيطرته على كامل الأراضي السورية. ويقول: لم تمارس موسكو حتى الآن أي ضغوط على النظام السوري لخوض مفاوضات تفضي إلى اعترافه بحق الشعب السوري في الحرية والديمقراطية، والاعتراف بحقوق الشعب الكردي حسب الأعراف والمواثيق الدولية على قاعدة وحدة الأراضي السورية.


يرفض "الاتحاد الديمقراطي" التشارك في تمثيل الأكراد مع أحزاب أخرى

وتشي زيارة "مسد" إلى موسكو بوجود مخاوف لدى "الاتحاد الديمقراطي" من انسحاب أميركي من شرقي نهر الفرات، ما يضعه أمام عدة تهديدات، سواء من الجانب التركي أو النظام والمليشيات الإيرانية، التي تسيطر على جانب كبير من الشرق السوري. وتعتبر تركيا "قسد" تهديداً مباشراً لأمنها القومي، كونها امتداداً لحزب "العمال الكردستاني". مع العلم أن الجيش التركي شنّ عملية عسكرية محدودة في شرق الفرات أواخر عام 2019، دفعت قوات "قسد" إلى توقيع اتفاق عسكري مع الجانب الروسي لإيقاف العملية التركية. وفتح هذا الاتفاق الباب أمام موسكو لتكون لاعباً رئيسياً في منطقة شرقي نهر الفرات، الأهمً في سورية، بسبب احتوائها على ثروات البلاد النفطية والزراعية.

ومن الواضح أن "الاتحاد الديمقراطي" يبحث عن مفاوضات "جادة" مع النظام برعاية روسية، بعد فشل كل جولات الحوار التي عُقدت في العاصمة السورية دمشق في تحقيق النتائج المرجوة بسبب رفض النظام الاعتراف بـ"الإدارة الذاتية" وقوات "قسد"، مطالباً بتسلّم شرقي الفرات مقابل منح الأكراد السوريين "حقوقهم الثقافية". في المقابل، يرفض "المجلس الوطني الكردي" أي حوار مع النظام خارج مظلة الأمم المتحدة، وتشاطره الرأي أحزاب كردية سورية أخرى، وكيانات سياسية، مثل "رابطة الأكراد السوريين المستقلين".