أعلنت مسؤولة أميركية، الأربعاء، أنّ وزيري خارجية الولايات المتّحدة أنتوني بلينكن وفرنسا جان إيف لودريان، سيعقدان اجتماعاً ثنائياً في الأمم المتّحدة، اليوم الخميس، غداة البيان المشترك الذي أصدره الرئيسان جو بايدن وإيمانويل ماكرون لإنهاء الأزمة الناشبة بين بلديهما.
وقالت المسؤولة للصحافيين، طالبة عدم نشر اسمها، إنّ الوزيرين أجريا "محادثة جيّدة"، مساء الأربعاء، على هامش اجتماع للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، و"نتوقّع أن يلتقيا مجدّداً في اجتماع ثنائي" الخميس.
كما تصافح بلينكن ولودريان، أمس الأربعاء، في بداية اجتماع وزاري مخصص لليبيا في الأمم المتحدة، في أول اتصال بين المسؤولين منذ الأزمة. وقال مصدر فرنسي، لـ"فرانس برس"، إنهما "تبادلا التحية" وتصافحا "وكان ذلك طبيعياً".
وبعد ستة أيام من اندلاع أزمة الغواصات، أعلن بايدن وماكرون "التزامات" لإعادة إرساء الثقة التي تعرضت لاختبار بين باريس وواشنطن، مع إقرار الرئيس الأميركي بأن "المشاورات المفتوحة بين الحلفاء" كان من شأنها تفادي هذه التوترات. وفي هذه المكالمة الهاتفية التي طال انتظارها، حاول الرئيسان إيجاد حل لأخطر أزمة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وفرنسا منذ الرفض الفرنسي لحرب العراق عام 2003.
وجاء في بيان مشترك للبيت الأبيض وقصر الإليزيه، أنّ إجراء "مشاورات مفتوحة بين الحلفاء بشأن القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة إلى فرنسا والشركاء الأوروبيين، كان من شأنه تفادي هذا الوضع"، مضيفاً: "وقد أعرب الرئيس بايدن عن التزامه الدائم بهذا الصدد"، فيما اتهمته باريس بالتصرف مثل سلفه دونالد ترامب. وبالتالي، قرّر الرئيسان الأميركي والفرنسي اللذان سيلتقيان "في أوروبا نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إطلاق عملية تشاور معمّق تهدف إلى تأمين الظروف التي تضمن الثقة واقتراح تدابير ملموسة لتحقيق الأهداف المشتركة".
Today I spoke with President Emmanuel Macron of France, and reaffirmed the importance of French and European engagement in the Indo-Pacific region. I look forward to a process of in-depth consultations and to meeting with him in October. pic.twitter.com/MouVMCBgDR
— President Biden (@POTUS) September 22, 2021
وقالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، للصحافيين، إنّ المحادثة بين بايدن وماكرون كانت "ودّية"، وإنّ الرئيس الأميركي يأمل أن تشكّل "خطوة نحو عودة الوضع إلى طبيعته" بين الحليفين.
وفي سياق التهدئة هذا، قرّر ماكرون عودة السفير الفرنسي لدى الولايات المتحدة، فيليب إتيان، إلى واشنطن "الأسبوع المقبل".
وكانت باريس قد استدعت الجمعة سفيري الولايات المتحدة وأستراليا، وهو قرار غير مسبوق تجاه حليفين تاريخيين، للاحتجاج على إعلان شراكة استراتيجية بين هذين البلدين والمملكة المتحدة، نتج عنها فسخ عقد ضخم لشراء غواصات فرنسية من جانب كانبيرا.
وقال مدير الفرع الأوروبي لمركز "أتلانتيك كاونسل" للبحوث بنجامين حداد، إنّ "الرسائل جيدة"، معترفاً بأنه كان من الضروري "التواصل بشكل أفضل". وأضاف أنّ "الأميركيين فهموا أن الصدمة الرئيسية في باريس لم تأتِ من البعد التجاري، بقدر ما أتت من انهيار الثقة"، محذراً من أنه "لا يمكن التغلب على كل شيء بمحادثة".
وأضاف البيان المشترك أنّ الولايات المتحدة تؤكد أن "التزام فرنسا والاتحاد الأوروبي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ له أهمية استراتيجية".
واعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الأربعاء، في مستهل لقاء مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، أن على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العمل بهدف "تعزيز الثقة" ضمن شراكتهما بعد الأزمة بين واشنطن وباريس. وقال بوريل: "يمكننا تعزيز الثقة بيننا"، لافتاً إلى "أسبوع بالغ الاضطراب" في أروقة الأمم المتحدة، التي بدأت اجتماعات جمعيتها العامة الثلاثاء، فيما أعلن بلينكن أنّ الشريكين يعملان أصلاً في شكل وثيق "في العالم أجمع، ويشمل ذلك طبعاً أفغانستان ومنطقة الهند-المحيط الهادئ وأوروبا".
من جانبه، دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أثناء زيارته لواشنطن، باريس إلى تمالك نفسها. وقال "أعطوني استراحة"، مؤكداً أن الشراكة "ليست حصرية ولا تحاول إقصاء أي كان". واعتبر بايدن أن "من الضروري أن يكون الدفاع الأوروبي أكثر قوة وكفاءة" للمساهمة في الأمن عبر المحيط الأطلسي وإكمال "دور الحلف الأطلسي".
وأثارت هذه الأزمة نقاشاً في فرنسا، لكن أيضاً في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، حول الحاجة إلى الإسراع نحو سيادة أوروبية أكبر في مجال الدفاع من أجل تحرير نفسها من المظلة الأميركية. لكن معظم العواصم الأطلسية، مثل كوبنهاغن، أحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، أبدت تحفظات علنية.
وأعلنت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن، الأربعاء، أن بلادها، لا تفهم على الإطلاق" الانتقادات الفرنسية والأوروبية الموجهة إلى واشنطن في أزمة الغواصات، مدافعة عن الرئيس الأميركي "المخلص جداً" جو بايدن.
وعادت فرنسا إلى المنظمة في العام 2009، إبان رئاسة نيكولا ساركوزي، بعد 43 عاماً من تركها في عهد الجنرال شارل ديغول. وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلوارنس بارلي الأربعاء، أمام أعضاء مجلس الشيوخ، إن "الحوار السياسي غير موجود داخل حلف الأطلسي"، لكن "يجب ألا نغلق باب" الحوار.
والثلاثاء، وعد الرئيس الأميركي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن يعود مجدداً شريكاً موثوقاً به من حلفائه الذين أسيئت معاملتهم خلال عهد ترامب. وقال في نيويورك: "خلال الأشهر الثمانية الماضية، أعطيت الأولوية لإعادة بناء تحالفاتنا".
(فرانس برس)