ارتدادات الأزمة السياسية في بغداد تصل إلى دواوين محافظات الجنوب: مساعٍ لإقالة محافظَين اثنين
مع استمرار حدة الأزمة السياسية في العراق، التي تدخل شهرها السابع على التوالي، تتسع ساحات الصراع بين قطبي الأزمة الرئيسيين (التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، وتحالف الإطار التنسيقي)، لتصل إلى دواوين المحافظات الجنوبية والوسطى، إذ التنافس على منصب المحافظ وبعض الدوائر الحكومية المهمة كالصحة والبلديات والتربية وقيادات الشرطة، يصاحبه السعي لإقالة قسم منهم إلى جانب عدد من رؤساء الوحدات الإدارية والمؤسسات الحكومية.
واليوم الثلاثاء، كشفت وثيقة عن قرار إعفاء المدير العام لدائرة البلدية في محافظة الديوانية أسعد حميد، وتسمية آخر بديل له، وذلك بعد يوم من التظاهرات التي نظمها العشرات وسط مدينة الديوانية مركز محافظة الديوانية (180 كيلومتراً جنوبيّ العراق)، طالبت بإقالة عدد من المسؤولين المتهمين بسوء الإدارة.
ويواجه التيار الصدري اتهامات في هذا الإطار بحراكه لتغيير خريطة الحكومات المحلية في تلك المحافظات التي تُشكل نحو 70 بالمائة من الثقل الانتخابي للقوى السياسية العربية الشيعية الرئيسة الستّ (التيار الصدري، دولة القانون، الفتح، المجلس الأعلى، تيار الحكمة، النصر).
وخلال الأسبوع الحالي، أصدر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أمراً بإقالة محافظ بابل، حسن منديل وتكليف آخر بديل له، وذلك بالتزامن مع تصويت البرلمان على إقالة محافظ صلاح الدين (شمال العراق) عمار الجبوري وتكليف نائبه إدارة شؤون المحافظة بالوكالة.
ويأتي قرارا الإقالة بعد عدة أشهر من إقصاء محافظ النجف لؤي الياسري، المحسوب على حزب الدعوة الإسلامية، وتكليف ماجد الوائلي المقرب من التيار الصدري تسيير أعمال المحافظة، إضافة إلى تسمية محمد هادي محافظاً لمحافظة ذي قار، والمعروف بقربه من التيار الصدري.
وفي هذا السياق، تحدث سياسي عراقي بارز في بغداد، عمّا وصفه بـ"تحرك للصدريين على عدد من المحافظات الجنوبية لإعادة تغيير خريطة المناصب الحكومية فيها لمصلحتهم، من خلال طرق ضغط مختلفة".
وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أن "بعض التظاهرات والاحتجاجات الأخيرة التي نظمت أمام مباني الحكومات المحلية وبعض الدوائر كانت بترتيب التيار الصدري، لمنح الحكومة مبرراً لإقالتهم، أو إجبارهم على الاستقالة من أنفسهم".
وبين أن التغييرات في النجف وذي قار بالمناصب الحكومية خلال الفترة الماضية، كانت بالمجمل لمصلحة التيار الصدري، كاشفاً عن "تحركات تستهدف محافظ الديوانية زهير الشعلان، ومحافظ المثنى أحمد منفي، واستبدالهم في الفترة المقبلة تحت عنوان الإخفاق في تقديم الخدمات للمواطنين".
ويشرح المصدر ذاته قائلاً إن ملف التغييرات في مناصب المحافظين والمسؤولين المحليين تحديداً بات أحد إفرازات الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد.
الخبير بالشأن السياسي العراقي، باسم السعيدي، اعتبر أن عمليات التغيير الجارية في المناصب ضمن الحكومات المحلية جنوبي العراق، "تبدو أن الغاية منها المشاركة الواسعة للكتلة الصدرية في العمل التنفيذي لقيادة المحافظات".
واعتبر أن ذلك يعود إلى "عدة اعتبارات بالأساس، منها ما يتعلق بإقصاء سابق للتيار الصدري في عدد من تلك المحافظات، جرى فيها تحجيم دور التيار الصدري بالمرحلة الماضية، فضلاً عن رغبة الصدريين الآن في ترك انطباع إيجابي وخدمي في المحافظات التي يسعى لقيادتها أو الشراكة في قيادتها التي تتلاءم مع حجم فوزه الأخير بالانتخابات".
ووفقاً للسعيدي، فإن التيار الصدري مدرك لأهمية "رسم خريطة طريق جديدة قبيل إجراء انتخابات مجالس المحافظات (حدد لها موعد أولي نهاية العام الحالي) خلال المرحلة المقبلة، وهي بشكل عام رسائل يفهم منها أنها فرض أمر واقع على قوى الإطار التنسيقي".
ويختم بالقول إن "ما يجري اليوم ضمن التوجه المشروع لرفض السياسة والقرار السياسي لقيادة المحافظات، وأتوقع أن تستفيد منه القوى السياسية الناشئة منها امتداد والبيت الوطني".
من جهته، حذر عضو البرلمان العراقي السابق عن كتلة "الفتح"، أحد مكونات تحالف "الإطار التنسيقي"، عبد الأمير الدبي، مما وصفه بـ"الفوضى في محافظات جنوب ووسط العراق".
وأضاف الدبي في معرض تعليقه على التنافس بين الطرفيين السياسيين، بالقول إن "على القيادات السياسية والأمنية أن تُقدر حجم الخطر المحدق بالبلاد في الشهرين المقبلين، وأن تكون على قدر المسؤولية لحماية الوسط والجنوب من الفوضى ومحركاتها الخارجية والإقليمية وقواعدها في الداخل".
على #القيادات_السياسية_والامنية ان تقدر حجم الخطر المحدق بالبلاد في الشهرين المقبلين .وان تكون على قدر المسؤولية لحماية الوسط والجنوب من الفوضى ومحركاتها الخارجية والاقليمية وقواعدها في الداخل ...
— الشيخ عبدالامير التعيبان (@Ha1Abdalameer) May 31, 2022
من جهته، قال عضو "الإطار التنسيقي"، أحمد العوادي، إن "البلد لا يدار بعرض العضلات، ولا بد للكتلة الصدرية والإطار التنسيقي أن يتفقا على إدارة البلد والمحافظات، وأن يكون أصل هذا الاتفاق هو الاختيار حسب الكفاءة وليس حسب الموالاة الحزبية. ما يهمنا أن يأتي المسؤول لتقديم الخدمة ونعلم أن الكتلة الصدرية قد حصلت على مقاعد كبيرة في الانتخابات، لكن العراق لا يمكن أن يدار من طرف واحد".
وأضاف العوادي لـ"العربي الجديد": "لا يمكن أي كتلة معينة أن تنفرد بتشكيل الحكومة المركزية أو الحكومات المحلية إلا في حال الاتفاق فيما بينها، ومن ضمنهم الإطار التنسيقي في تشكيل حكومة بشكل واحد".
وأقرّ بأن بعض المحافظين والمسؤولين المحليين في جنوب البلاد ووسطها "لديهم تلكؤ وفشل في العمل".