لم تخف عائلة الشهيدة الصحافية شيرين أبو عاقلة، إضافة إلى مسؤولين ونشطاء مقدسيين، مخاوفهم من تدابير إسرائيلية متوقعة، اليوم الجمعة، خلال تشييع جثمان الشهيدة تتجاوز عرقلة الجنازة إلى قمع وحشي للمشاركين فيها على ضوء العراقيل التي وضعها الاحتلال أمس الخميس، عند اجتياز موكبها حاجز قلنديا العسكري المقام شمالي القدس المحتلة، وإعاقة دخول شقيقها إلى القدس المحتلة.
كما استدعى الاحتلال، مساء الخميس، شقيق الشهيدة محاولاً فرض شروط مقيدة على تشييع الجنازة، الأمر الذي رفضته العائلة بالمطلق. وفي سياق متصل، اعتقل الاحتلال أمين سر حركة "فتح" في القدس شادي مطور.
وصباح اليوم الجمعة، أفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن شرطة الاحتلال أعلنت حالة تأهب قصوى في القدس. ودفعت الشرطة، صباح اليوم، بمئات من عناصرها بلباس مدني، وعناصر جهاز الأمن العام "الشاباك"، فيما قالت مصادر محلية في القدس إن الشرطة الإسرائيلية نشرت حواجز مختلفة في محيط البلدة القديمة حيث يتوقع أن يشارك آلاف الفلسطينيين في القدس في مراسم تشييع الصحافية شيرين أبو عاقلة التي قتلت صباح الأربعاء في مخيم جنين بينما كانت تقوم بتوثيق اقتحامات جيش الاحتلال لمخيم جنين.
كذلك اعتدت شرطة الاحتلال أمس على عشرات الشبان الفلسطينيين في حي بيت حنينا، في محيط منزل الشهيدة شيرين أبو عاقلة، كما حاولت اقتحام المستشفى الفرنسي في القدس المحتلة، الذي يسجى فيه جثمان الشهيدة منذ مساء أمس.
وتشترط سلطات الاحتلال مشاركة 50 شخصاً فقط في الجنازة، وتمنع رفع الأعلام الفلسطينية والهتافات، مهددة بقمع الجنازة في حال عدم الالتزام بهذه الشروط. وفي سياق ضغوطها على عائلة الشهيدة أبو عاقلة ونشطاء فلسطينيين، اقتحمت قوة من مخابرات الاحتلال منزل مدير نادي الأسير في القدس ناصر قوس، الكائن في حارة السعدية بالبلدة القديمة من القدس وتركت له استدعاء للتحقيق.
وفي تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أكد قوس أنه لن يذهب للتحقيق اليوم الجمعة، مؤكدا أن "جنازة أبو عاقلة ستتم كما كان مقررا ولن يرضخ أحد لشروط الاحتلال بخصوص تدابير العائلة الخاصة بالجنازة وما قد يتخللها من رفع الأعلام الفلسطينية أو إطلاق الهتافات الوطنية".
ويقول صحافيون مقدسيون إن جنازة الشهيدة شيرين، اليوم الجمعة، ستكون حدثا يليق بمكانة زميلتهم "التي ارتقت وهي تؤدي أنبل رسالة دفاعا عن أنبل قضية".
ووفقا لأحد الصحافيين المقدسيين، فإن العشرات من زملاء شيرين سيتقدمون جنازتها مرتدين سترات واقية، كما ستتولى مجموعات منهم حمل الجثمان من كنيسة الروم إلى مقبرة صهيون على أطراف البلدة القديمة، لتوارى في الثرى بجوار والديها.
من جهتها، دعت القوى الوطنية في القدس المحتلة المواطنين لإقامة صلاة الجمعة اليوم، في ساحة المستشفى الفرنسي للمشاركة بعدها في موكب التشييع الذي سينطلق من هناك إلى باب العامود ثم إلى كنيسة الروم الأرثوذكس، حيث سيصلى عليها هناك قبل التوجه إلى المقبرة.
وتواصل وسائل الإعلام الإسرائيلية التمسك برواية الاحتلال بأن أبو عاقلة قتلت خلال تبادل إطلاق نار بين قوات الاحتلال ومسلحين من المقاومة الفلسطينية في جنين، فيما يدعي الاحتلال أنه لا يمكن تحديد مصدر العيار الذي قتل الشهيدة شيرين أبو عاقلة، بعدما حاول التهرب من مسؤوليته عن اغتيالها بروايات متغيرة تباعاً في محاولة لطمس الحقيقة وامتصاص غضب الرأي العام العالمي وتشويه حقيقة ما حدث، عبر التعلق بمزاعم أنه لا يمكن الوصول إلى الحقيقة ما لم تتعاون السلطة الفلسطينية وتسلم دولة الاحتلال الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة بعدما اضطر الاحتلال إلى الاعتراف بوجود قوات من وحدة الاغتيالات الخاصة المسماة "دوفوفان"، والتي كشف عنها النقاب لأول مرة خلال الانتفاضة الأولى في العام 1987، إلى جانب وحدة أخرى موازية لها حملت اسم "شمشموم".
كما يواصل الاحتلال الإسرائيلي الضغط على السلطة الفلسطينية للقبول بما يسميه "تحقيقا مشتركا"، عبر تكثيف الضغوط الأميركية على السلطة الفلسطينية لتسليم الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة، فيما كرر رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية القول إن السلطة الفلسطينية لن تسلم تلك الرصاصة لقوات الاحتلال.