"استقرار مصر" هدفاً أول لمساعدات الاتحاد الأوروبي

01 يوليو 2024
السيسي وفون ديرلاين، القاهرة، 29 يونيو، 2024 (أسوشييتد برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مصر استضافت مؤتمر الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي لمواجهة أزمتها الاقتصادية والتحديات الإقليمية، بما في ذلك الصراع في السودان والتوترات حول غزة، بحضور الرئيس المصري ورئيسة المفوضية الأوروبية.
- الاتحاد الأوروبي يقدم حزم تمويلية لدعم مصر اقتصاديًا وسياسيًا، مع التركيز على مواجهة الصراعات الإقليمية وضغوط الهجرة نحو أوروبا، وتعزيز التنسيق في قضايا مثل الهجرة غير النظامية.
- المؤتمر يعزز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين مصر والاتحاد الأوروبي، مما يساعد مصر على تحسين وضعها الاقتصادي ويستفيد الاتحاد الأوروبي من مصر كشريك استراتيجي في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والطاقة.

على وقع أزمة اقتصادية خانقة في مصر، ووسط حديث عن ترتيبات إقليمية جديدة متمحورة حول قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة تمثّل القاهرة طرفاً أساسياً فيها، ومع تزايد المخاوف من تصاعد الصراع الدائر في السودان، استضافت مصر، على مدار اليومين الماضيين، فعاليات مؤتمر الاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبي، وسط اهتمام رسمي من الجانبين، فيما بدا أن الهدف الأول من استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر هو استقرار البلاد.

وفي الوقت الذي ظهر فيه أن أهداف المؤتمر، الذي افتتحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، هي الأمور والمسائل الاقتصادية، إلا أن سعي الاتحاد الأوروبي لتقديم حزم تمويلية استثمارية لمصر من أجل مساعدتها على تجاوز محنتها الاقتصادية له العديد من الأهداف السياسية. وأهم الأهداف من استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر هو مواجهة المخاوف من أن تؤدي الحرب الإسرائيلية على القطاع والصراع في السودان إلى تفاقم المشكلات المالية في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، وزيادة ضغوط الهجرة على أوروبا.

هدف استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر  

ورغم أن المؤتمر اقتصادي بالأساس، إلا أن حضور فون ديرلاين أكد حرص الجانب الأوروبي على تنسيق الكثير من الملفات السياسية مع مصر، لا سيما المرتبطة بالتطورات الجيوسياسية في المنطقة، وفي مقدمها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والترتيبات الخاصة باليوم التالي للحرب، آخرها ما ذكرته القناة 12 الإسرائيلية عن أنه "سيكون هناك دور مشترك لإسرائيل ومصر والفلسطينيين والأميركيين في إدارة معبر رفح الجديد، الذي من المقرر بناؤه قرب معبر كرم أبو سالم". التنسيق مع مصر مرتبط أيضاً بملف الهجرة غير النظامية، وبحث التوترات في البحر الأحمر بسبب تصاعد هجمات جماعة الحوثيين في اليمن على السفن التجارية الإسرائيلية أو التي تتعامل مع الاحتلال، إلى جانب بحث ملف شرق البحر المتوسط وإجراءات تعيين الحدود البحرية بين دول الحوض، والفوائد الاقتصادية الناجمة عن اكتشافات آبار الغاز الطبيعي.

وطغى على تصريحات المسؤولة الأوروبية الحديث عن ضرورة "استقرار مصر" في ظل أزمتها الاقتصادية وسط الاضطرابات الإقليمية المحيطة، إذ كتبت فون ديرلاين على حسابها الرسمي في منصة إكس، أول من أمس، لدى وصولها إلى مصر وبعد لقاء السيسي، أن "استقرار مصر مهم للمنطقة"، مضيفة أنه "في عالم مضطرب، قمنا بتعميق علاقاتنا بناء على روابطنا التاريخية". وفي كلمته خلال افتتاح المؤتمر، قال السيسي إن "انعقاد مؤتمر الاستثمار يأتي في وقت شديد الدقة، في ظل أزمات دولية وإقليمية متعاقبة ألقت بظلال شديدة السلبية وتحديات متعددة وأعباء اقتصادية على جميع دول العالم بمختلف مستوياتها". وأضاف أن هذا الأمر "يتطلب دعماً وتنسيقاً مستمراً بين مصر وشركائها في أوروبا، من أجل المعالجة المستدامة لهذه التحديات، خصوصاً بعدما أثبتت مصر أنها شريك يمكن الاعتماد عليه في مواجهة التحديات المشتركة، وبما يحقق الأمن والاستقرار في جوارنا الإقليمي".

سعيد صادق: مصر لا تزال مهمة استراتيجياً لأمن البحرين الأحمر والمتوسط

وتعليقاً على الأهداف من استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر حالياً، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي سعيد صادق، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر لا تزال مهمة استراتيجياً لأمن البحرين الأحمر والمتوسط، ومكافحة الإرهاب والتوسط في القضية الفلسطينية، ومنع الهجرة غير النظامية". وأضاف أن "هناك حرصاً غربياً وعدم قبول بانهيار الدولة المصرية، بما يؤدي إلى ظهور لاجئين مصريين في أوروبا على غرار التجربة السورية أو حتى الأوكرانية".

فرصة للطرفين

وفي مقابل ذلك، وعلى صعيد الداخل المصري، شدّد صادق على أنه "لكي يكون الإصلاح الاقتصادي واقعياً ومؤثراً وذا مصداقية، يحتاج لإصلاح سياسي متزامن معه، وهو غير متوفر حالياً رغم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي (مارس/ آذار الماضي)، والأموال التي أتت من صفقة رأس الحكمة (في فبراير/ شباط الماضي مع الإمارات)، ورغم الحوار الوطني، وإعلان الاستراتيجية القومية لحقوق الإنسان (2021-2026)". وفي هذا الصدد، رأى الباحث المصري في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي أبو بكر الديب أن المؤتمر "فرصة كبيرة للطرفين، مصر والاتحاد الأوروبي، للعمل المشترك بينهما، كما يعتبر شهادة نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري". وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "هناك استفادة كبيرة للطرفين، فمصر تحتاج بشدة إلى العملة الصعبة، إذ تعاني فجوة تمويلية كبيرة، وهي تحتاج عملة صعبة لسداد التزاماتها الدولية واستيراد السلع الأساسية، والحفاظ على قيمة الجنيه".

كما أنها تعاني، وفق الديب، "من نقص في السياحة وتراجع في عائدات قناة السويس بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة، خصوصاً في باب المندب بالبحر الأحمر نتيجة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، المستمر تسعة أشهر، والذي جاء عقب الحرب الروسية الأوكرانية، إذ كانت أوكرانيا مصدراً للقمح والأغذية، ولذلك فإن التعاون مع الاتحاد الأوروبي مهم للغاية". وأضاف الديب أنه "في مقابل ذلك، فإن مصر في الفترة الأخيرة أصبحت مركزاً إقليمياً للطاقة في الشرق الأوسط، إذ تسهّل تسييل الغاز الوارد من دول المنطقة، وتعيد تصديره إلى الاتحاد الأوروبي". وأوضح أن "مصر تعتبر أيضاً سوقاً استهلاكية كبيرة سيستفيد منها الاتحاد الأوروبي، وبوابة للسوق الأفريقية بنحو مليار و400 مليون مستهلك".

جمال القليوبي: الاتحاد الأوروبي يضخ استثمارات في مجال البحث والتنقيب في شمال وغرب المتوسط

من جهته، رأى أستاذ هندسة البترول والطاقة جمال القليوبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المؤتمر "فرصة استثمارية جديدة، وفرصة لتعزيز التعاون بين الطرفين"، مضيفاً أن "ما يمكن أن تقدمه مصر للاتحاد الأوروبي كثير، فمصر هي الدولة الأهم التي تتحكم في ساحل المتوسط لمنع عملية الهجرة غير النظامية إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهذا أهم القضايا التي تؤثر سلباً على كثير من الملفات الاقتصادية للدول الأوروبية". ولفت بشأن استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر إلى أن "تعيين الحدود البحرية عبر المتوسط ما بين دول الاتحاد الأوروبي، مثل قبرص واليونان ومصر، مهم للاتحاد من أجل المضي في استكشاف موارد الغاز الطبيعي، إذ يدعم الاتحاد الأوروبي مصر بضخ استثمارات في مجال البحث والتنقيب في شمال وغرب المتوسط".