يستمر لليوم الثاني على التوالي إغلاق معبر رفح، بعدما قررت السلطات المصرية وقف العمل فيه حفاظاً على حياة العاملين والمسافرين، في ظل الاستهداف الإسرائيلي لبوابته الفاصلة بين الجانبين الفلسطيني والمصري.
وقال الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني أحمد الكومي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن معبر رفح البري الرابط بين مصر وغزة هو شريان الحياة الوحيد للقطاع في هذا التوقيت، في ظل فرض الاحتلال الإسرائيلي حصاراً شاملاً بقرار صادر عن وزير الأمن يوآف غالانت الاثنين الماضي.
وأوضح أن غزة بحاجة ماسة لاستمرار فتح معبر رفح لإدخال المواد التموينية والأدوية والوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع، والمهددة بالفصل في حال لم يصل إليها الوقود المصري في ظل إغلاق معبر كرم أبو سالم مع الاحتلال الاسرائيلي الذي كان يورّد الوقود اللازم لهذه المحطة، وأيضاً الوقود اللازم لتشغيل المولدات في مستشفيات غزة التي تغصّ بعشرات الجرحى نتيجة العدوان الإسرائيلي.
أول مرة يغلق فيها معبر رفح خلال عدوان إسرائيلي
وأوضح الكومي أن هذه هي المرة الأولى التي تغلق فيها مصر معبر رفح البري خلال عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، ولفت إلى أنه جرى فتح المعبر خلال اعتداءات 2008 و2012 و2014 و2021، لكن هذه المرة الأولى الذي اضطرت فيها لإغلاق أبواب المعبر في وجه قطاع غزة، في آتون حرب إسرائيلية قد تكون الأكبر في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك بسبب القصف الإسرائيلي المتكرر للمعبر.
يشار إلى أن القاهرة سحبت، أمس الثلاثاء، شاحنات الوقود المصري الذي تقوم بتوريده إلى غزة، بعد القصف الإسرائيلي لبوابة المعبر، كما جرى إيقاف إدخال أي بضائع للقطاع عبر البوابة التجارية لمعبر رفح أمس.
مخطط لتهجير أهالي غزة إلى سيناء
وحذر أستاذ القانون الدولي العام محمد محمود مهران من "مخطط إسرائيلي يستهدف تهجيرا جماعيا للفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، عقب الحصار والدمار الذي خلفته عملية (طوفان الأقصى) هناك".
وقال مهران، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الهدف من هذا المخطط هو إفراغ غزة من سكانها الفلسطينيين، وإتاحة الفرصة لإسرائيل للسيطرة الكاملة على القطاع".
وفي حين حذر من أن "هذا النزوح الجماعي يشكل تهديداً للأمن القومي المصري"، فإنه أكد ثقته "بتمسك الفلسطينيين بكامل أرض فلسطين، ورفضهم المطلق لتكرار مأساة التهجير التي عاشوها إبان نكبة 1948"، وأكد احترام مصر التام للقضية الفلسطينية، لكنه شدد على "ضرورة التزام الجميع بسيادة مصر وقوانينها، وعدم السماح بأي انتهاك لحدودها".
محمد محمود مهران: القانون الدولي يجرّم أي تهجير قسري ويحظره
وأشار مهران إلى أن "القانون الدولي يجرّم أي تهجير قسري ويحظره"، ولفت إلى أن "اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الأول في 1977، يحظران النقل الجماعي أو الفردي للمدنيين من أراضيهم أثناء النزاعات. كما أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعتبر التهجير القسري للسكان جريمة حرب، ويتوجب على إسرائيل وقف ممارساتها بحق الفلسطينيين"، وحمّل المجتمع الدولي "مسؤولية إنهاء مأساة اللاجئين من خلال دعم إقامة الدولة الفلسطينية".
وناشد مهران المجتمع الدولي "تحمل مسؤولياته، والعمل على إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني من خلال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية"، مؤكداً أن "الوضع لن يتغير دون التوصل لحل عادل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني".
وكانت قناة "القاهرة الإخبارية"، القريبة من دوائر السلطة في مصر، قد نقلت، أمس الثلاثاء، عن مصادر "أمنية مصرية رفيعة المستوى"، قولها إن "القضية الفلسطينية تشهد الآن منعطفاً هو الأخطر في تاريخها".
حذر محمد مهران من مخطط إسرائيلي لتهجير جماعي للفلسطينيين من غزة إلى سيناء
وقالت المصادر إن "هناك مخططاً واضحاً لخدمة أهداف الاحتلال القائمة على تصفية (تهجير) الأراضي الفلسطينية من سكانها"، مضيفة أن حكومة الاحتلال "تجبر الفلسطينيين على الاختيار بين الموت تحت القصف أو النزوح خارج أراضيهم".
من جهتها، كانت مصادر دبلوماسية وسياسية مصرية قد فسرت، أمس، في حديث لـ"العربي الجديد"، التحذيرات الرسمية المصرية بشأن احتمالات نزوح سكان قطاع غزة بأنها "مقدمة لغلق معبر رفح الواصل بين القطاع وسيناء المصرية، وذلك بذريعة مخاوف مصرية من نزوح جماعي لسكان قطاع غزة إلى مصر".