استمع إلى الملخص
- نشأة ونشاط "أنصار الإسلام": تأسس التنظيم في 2014 في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وشارك في عمليات قتالية ضد قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية، وارتبط بتنظيمي داعش والقاعدة.
- استراتيجية التحالف الدولي وهيئة تحرير الشام: يسعى التحالف الدولي لتقليص قدرة التنظيمات المتطرفة، بينما تحاول هيئة تحرير الشام تحجيم دور الجماعات الجهادية المنافسة، مما أدى إلى تقلص عدد أعضاء "أنصار الإسلام".
لقي قادة من جماعة "أنصار الإسلام"، وهو فصيل متطرف ينشط في شمال غربي سورية، مصرعهم في غارة لطيران التحالف الدولي ضد الإرهاب، بقيادة أميركية، والذي حيّد خلال السنوات الماضية الكثير من قياديي الصفين الأول والثاني في تنظيمات متطرفة تتبنى الفكر السلفي الجهادي. وكشفت مصادر عسكرية وإعلامية متقاطعة، لـ"العربي الجديد"، أن طائرة مُسيّرة أميركية من نوع "كي كيو 9" تابعة للتحالف الدولي استهدفت بصاروخين موجهين، ليل الثلاثاء – الأربعاء، مقراً عسكرياً تابعاً لجماعة "أنصار الإسلام" في منطقة دوير الأكراد الواقعة على مقربة من خطوط التماس مع قوات النظام السوري في منطقة سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي.
وأكدت المصادر أن الغارة أسفرت عن مقتل كلٍ من: مولوي عبد الكريم البلوشي (إيراني الجنسية)، وملا عبد الرحمن (عراقي الجنسية)، وأبو حمزة الشامي (تركي الجنسية)، وأبو عبد الرحمن الأردني (أردني الجنسية)، بالإضافة إلى مقتل قادة سوريين في التنظيم هم: فداء الشامي، أبو حمزة، أبو قتادة الشامي، أبو عائشة الشامي، وأبو أيوب الغاب.
"أنصار الإسلام" يخاصم "تحرير الشام"
وبدأ التنظيم نشاطه في سورية في عام 2014 في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، خصوصاً في جبلي الأكراد والتركمان، وكان ينشط في غرف عمليات لتنظيمات متطرفة حاربت قوات النظام السوري ومليشيات محلية وإيرانية تساندها في الشمال الغربي من سورية.
وأوضح الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية عبد الرحمن الحاج، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذا التنظيم "أسّسه أكراد عراقيون، وهو تنظيم جهادي سلفي ارتبط مع تنظيم داعش ثم مع تنظيم القاعدة"، مضيفاً: "هو حليف تنظيم حراس الدين، وشكّل معه ومع آخرين غرفة عمليات "وحرّض المؤمنين" في عام 2018". وأشار الحاج إلى أنه "تنظيم صغير لا يشكل وحده أي خطر، ولكنه جزء من منظومة تجمع بقايا التنظيمات الجهادية الأخرى"، مضيفاً: "هذا التنظيم خصم لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، وقائدها أبو محمد الجولاني، وهو على ارتباط بتنظيم القاعدة والشبكة الجهادية العابرة للحدود".
قاتل "أنصار الإسلام" قوات النظام والمليشيات الإيرانية ولا يتدخل بالمدنيين
وبحسب مصادر مطلعة في شمال غربي سورية، فإن عدد أعضاء هذا التنظيم تقلص في السنوات الأخيرة إلى حد بعيد، وجلّهم من جنسيات غير سورية، مشيرة إلى أنه لا يتدخل على الإطلاق بالمدنيين وحياتهم.
وفي السياق، أوضح الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تنظيم "أنصار الإسلام فصيل صغير في عدد أعضائه، وهم بالمئات، ينتشرون في ريف إدلب الغربي على تماس مع جبل الأكراد بريف اللاذقية ومع ريف حماة الشمالي الغربي". وتابع: "يضم التنظيم في صفوفه بشمال غربي سورية أكراداً عراقيين وسوريين من أصحاب التوجه الإسلامي، ويتميزون من الناحية العسكرية برباطة الجأش في العمليات القتالية". وأشار إلى أن "هيئة تحرير الشام" وضعت هذا التنظيم "تحت عين رقابتها نتيجة دوافع داخلية وخارجية في سياق محاولاتها تحجيم دور الجماعات الجهادية".
عدد أعضاء التنظيم تقلص في السنوات الأخيرة إلى حد بعيد، وجلّهم من جنسيات غير سورية
ودأب التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة منذ تأسيسه قبل نحو عشر سنوات على استهداف قادة الصفين الأول والثاني في التنظيمات المتطرفة كـ"داعش" و"حراس الدين" والمجموعات الجهادية التي تدور في فلكهما في الشمال السوري. ويبدو أن استراتيجية التحالف في التعامل مع المجموعات المتطرفة بالشمال السوري تقوم على قطع رؤوس قادتها من الصفين الأول والثاني لتفقد بذلك القدرة والفعالية العسكرية، ما يؤدي إلى زوالها أو حصر وجودها في مناطق محددة يسهل التعامل معها مستقبلاً.
قادة الصفيّن الأول والثاني ملاحقون
وكانت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، قد أعلنت في أواخر شهر أغسطس/ آب الماضي، أنها قتلت بـ"ضربة دقيقة" في ريف إدلب، شمال غربي سورية، القيادي في تنظيم حراس الدين المتشدد أبو عبد الرحمن المكي، مشيرة إلى أن الأخير "كان عضواً في مجلس شورى حراس الدين وزعيماً بارزاً مسؤولاً عن الإشراف على العمليات الإرهابية في سورية". وانصب اهتمام التحالف الدولي على استهداف قادة التنظيم الأكثر تشدداً في الشمال الغربي من سورية، حيث قتل في فبراير/ شباط الماضي من يُعتقد أنه أبو عبادة العراقي، الذي كان قيادياً بارزاً في التنظيم. وفي عام 2020، قتل قياديان اثنان في التنظيم، هما المدعو بلال اليمني أو بلال الصنعاني، الذي كان يقود قطاع البادية في التنظيم، والأردني المدعو قسّام الأردني، الذي كان القائد العسكري في التنظيم ومن أبرز المنشقين عن "جبهة النصرة"، ومن أهم قيادات تنظيم القاعدة في سورية. وقُتل أبو خديجة الأردني، أو بلال خريسات، القيادي السابق في "حراس الدين"، نهاية عام 2019، بمحيط بلدة ترمانين، غربي حلب.
رشيد حوراني: تحرير الشام وضعت "أنصار الإسلام" تحت رقابتها لدوافع داخلية وخارجية
كما لاحق التحالف الدولي عدداً من أبرز قادة "داعش" الذين اختبأوا في الشمال السوري مستغلين الثغرات الأمنية الموجودة. وقُتل ثلاثة من قادة هذا التنظيم في الشمال السوري، إذ قتل أبو بكر البغدادي، أول قائد لهذا التنظيم، في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، في عملية للقوات الأميركية، التي قتلت بعملية مشابهة خليفته أبو إبراهيم القرشي في فبراير 2022. وكلاهما قتل في شمال غربي سورية، في مناطق تخضع لسيطرة "هيئة تحرير الشام" أو لها نفوذ أمني فيها. كما قُتل في منتصف العام الماضي في ريف إدلب أبو الحسين القرشي، الذي يُعتقد أنه كان القائد الرابع للتنظيم. وفي منتصف عام 2022 تلقّى "داعش" ضربة وُصفت بـ"الموجعة" عقب اغتيال واحد من أبرز قياديي الصف الأول فيه، وهو ماهر العقال، الذي لقي مصرعه بضربة من طائرة مسيّرة أميركية أثناء تنقّله بدراجة نارية بالقرب من ناحية جنديرس التابعة لمنطقة عفرين في ريف حلب، شمالي سورية.
كما تلقّت التنظيمات الأكثر تشدداً ضربات متتالية من "تحرير الشام"، سلطة الأمر الواقع في شمال غربي سورية، التي حيّدت كل المنافسين والخصوم في السنوات الماضية لتتفرد في القرار في مناطق سيطرتها. وجاءت عدة حملات على "حراس الدين" على وجه التحديد في سياق محاولات "تحرير الشام" كسب ثقة الفاعلين الإقليميين والدوليين بتصوير نفسها الفصيل الوحيد القادر على تفكيك بنية التنظيمات الراديكالية في الشمال الغربي من سورية. وانكفأت هذه التنظيمات والمجموعات أو من بقي منها، ومنها "أنصار الإسلام"، إلى جيوب في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي من دون حضور عسكري فاعل.